الحراك الدائر هذه الأيام بشأن تحفيز المواطنين على المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة خطوة متأخّرة، لأنه أمر لا يرتبط بالحجم الساعي المخصص للدعاية ولا بالفتاوى، بل بثقة المواطنين في نزاهة الاستحقاق الانتخابي، وهذا ليس وقته الآن. الأحزاب والسلطة يتحملون مسؤولية عزوف الناس عنهم، والذين يدَّعُون أن مكاسب الجزائر ستتراجع بهزيمتهم يتهربون من الحقيقة، لأن الذي يعجز عن إقناع الناس بالمشاركة في الانتخابات لا يمثل أي وزن يمكن أن يتحدث به أمام الرأي العام في الداخل والخارج، والأحزاب التي فقدت وعاءها الانتخابي بسبب خلافاتها وتخلّفها عن وعودها، لا يمكن لها أن تنتظر الفوز في هذا الاستحقاق، لأنها أحزاب فشلت في تجنيد الناخبين وراءها وفشلت في استقطابهم نحو صناديق الاقتراع، مثلما فشلت في الحفاظ على تجذرها. والحقيقة أن الطبقة السياسية في بلادنا بحاجة إلى تغيير يفسح المجال أمام الرؤية الجديدة للجيل الجديد في الحكم، جيل لا يرى فيما تقدمه الأحزاب من بضاعة سياسية القدرة على التغيير، وقد سبق وأن حذرت بعض التشكيلات السياسية من خطأ العبث بالإصلاحات السياسية وإفراغها من محتواها، وحدث أن استخف نواب الأغلبية في البرلمان بتطلعات المواطنين، وها نحن نحصد ما زرعته تلك الأغلبية التي يرميها الناس اليوم بنظرات الازدراء، حتى بعض الحزيبيات الجديدة فشلت هي الأخرى في الخروج بخطاب جديد، وبعض هذه الأحزاب لا تفرق بين خطابها السياسي وخطاب الأحزاب التقليدية المعروفة. وبالمناسبة لا أحد يملك التفسير المعقول لسر إغراق الساحة السياسية بجيش من التشكيلات الحزبية والقوائم الانتخابية، والفرق بين هذه الأحزاب كالفرق بين البطاطا المقلية والبطاطا المقرمشة.