تعود قضية المشاركة الشعبية في الانتخابات إلى الواجهة مجددا مع دخول أحزاب جديدة إلى الساحة السياسية، فظاهرة العزوف الانتخابي التي باتت تؤرق الوزير ولد قابلية، قد تكون العائق الأكبر في وجه الأحزاب التقليدية القائمة وحتى تلك التي أضحت مسألة اعتمادها قضية أيام، لكن الإشكال يبقى في مدى قدرة هذه الأخيرة على تعبئة الجماهير بعدما فشلت سابقتها في ذلك. على رغم ما قيل عن توجس الأحزاب التقليدية من منافسة الأحزاب الجديدة لها وتخوفها من إمكانية فوز الإسلاميين في تشريعيات ماي المقبل، يكشف الواقع السياسي في البلاد منذ الانتخابات البرلمانية في 2002 حتى 2007، أن جل الأحزاب السياسية سواء تلك الممثلة في البرلمان بغرفتيه أو تلك التي تتخندق في صف المعارضة، فشلت في تقديم خطاب سياسي يقنع الناخبين الجزائريين على الفعل الانتخابي، فلا التجمع الوطني الديمقراطي حصد الأغلبية ولا غريمه حزب جبهة التحرير الوطني حافظ على وعائه الانتخابي الذي تشتت إلى أكثر من نصفين، يضاف إلى هذا، حصيلة البرلمان الحالي المطعون في شرعيته، حيث لم يستطع هذا الأخير أن يتجاوز السلطة ولو بمشروع واحد يقنع به الشعب، كما أن الوعود الانتخابية التي قطعتها الأحزاب المشكلة للبرلمان الحالي، لم يتحقق منها ما يرضى الجبهة الاجتماعية، والاحتجاجات المستمرة خير دليل على ذلك. ضعف العمل الحزبي عن الإقناع طيلة عشرية كاملة، عزز من ظاهرة العزوف عن التصويت التي أضحت سمة كل موعد انتخابي، ما جعل وزير الداخلية دحو ولد قابلية يعبر عن ذلك بالقول «إن الامتناع عن التصويت خلال الانتخابات القادمة هو هاجس يسكنني لأن الانتخابات التشريعية في الماضي لم تعرف إقبال المواطنين فيها، وهذا الاقتراع سجل نسبة امتناع عن التصويت مرتفعة في السابق»، وأشار إلى تشريعيات 2007 التي لم تتعد فيها نسبة المشاركة 35 بالمائة، ومن هذا تتضح معالم المرحلة المقبلة من الاستحقاقات، حيث سيصبح هم الأحزاب الوحيد هو كيفية إقناع المواطنين للذهاب إلى صناديق الاقتراع، فالأحزاب التقليدية على غرار الأرندي والأفلان وحتى حمس، لها وعاء انتخابي معروف، وما حققته من نتائج خلال الاستحقاقات الماضية لم يرق لدرجة وصفها بالممثلة شعبيا لأن أكثر من عشرة ملايين ناخب جزائري لم يصوتوا، فكيف إذا طرح ملف الأحزاب الجديدة التي تهافتت لطلب الحصول على الاعتماد، فهذه الأخيرة وخاصة تلك التي حصلت على تراخيص لعقد مؤتمراتها التأسيسية، معظمها لا يتمتع بقاعدة شعبية، فهل دخولها الساحة السياسية سيكون من أجل إحداث التغيير المنشود أم لمجرد تمييع المشهد السياسي؟