يبدأ الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين زيارة إلى تونس، هي الأولى من نوعها بعد ثورة 14 يناير 2011، وذلك بدعوة من حزب حركة النهضة الإسلامي الحاكم، وسط احتجاجات من البعض على الزيارة. وحسب برنامج الزيارة، التي تتواصل حتى 6 ماي الجاري، سيشارك الشيخ القرضاوي، بصحبة رئيس حركة النهضة، الرجل الثاني في الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، راشد الغنوشي، في اجتماعات جماهيرية بتونس العاصمة والقيروان وقابس وسوسة. وتعقيبا على الجدل الذي بدأت تحدثه زيارة القرضاوي، قال نجيب الغربي، عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة، المكلف بالمكتب الإعلامي، إن "على الفاعلين في الساحة السياسية عدم التسرع في إعطاء الزيارة أكثر من حجمها، وتحميلها ما لا تتحمل، فالقرضاوي شخصية عالمية وعلامة كبيرة، إضافة إلى دفاعه عن الحرية والديمقراطية، وكان أول من وقف إلى جانب الثورة التونسية". وأضاف: "يعد القرضاوي من رموز التسامح والاعتدال، فهو شيخ الوسطية، الأمر الذي يجعل من زيارته لتونس بمثابة الحدث الداعم لقيم التعايش والحرية وقبول الآخر المخالف، والرجل ينأى بنفسه عن التدخل في الشأن التونسي". ومن جهة أخرى، أوضح الصحفي والمحلل السياسي، محمد معالي، أنه "من منطلق أخلاقي لا يمكن الاعتراض على زيارة الشيخ القرضاوي وغيره من الدعاة والمفكرين إلى تونس، لكن في المقابل على الشيخ التقيد باحترام الثقافة السياسية والنمط المجتمعي الذي يميز تونس، وأن لا يتحول إلى طرف في الشأن التونسي، مثلما حصل في زيارات سابقة لبعض الدعاة". وشدد معالي على "رفض التونسيين لكل ما من شأنه أن يساهم في تغذية الاختلاف والانقسام بين التونسيين، عبر تقسيم هذا الشعب إلى مؤمن وكافر، فكلنا تونسيون مسلمون، ولا يمكن توظيف مثل هذه الزيارات إلى حملة دعائية أو انتخابية لطرف سياسي بعينه". وكانت زيارة الداعية المصري، وجدي غنيم، قد ساهمت في تعميق حالة الاستقطاب السياسي والإيديولوجي، التي تميز المشهد السياسي في تونس منذ قيام الثورة، والتي زادت حدتها أكثر بعد فوز حزب حركة النهضة بانتخابات المجلس الوطني التأسيسي. كما أعطت زيارة بعض الدعاة المشارقة ورقة إضافية لخصوم الإسلاميين، ل "التنبيه" إلى خطورة هذا التيار على المكاسب الحداثية والنمط المجتمعي التونسي. وفي المقابل، وبعيدا عما اعتبره البعض "تهويلا" إعلاميا و"مزايدات سياسية"، فإن دروس الدعاة، الذين زاروا تونس مؤخرا، قد حظيت بمتابعة جماهيرية غير متوقعة، وبينت أن لهؤلاء تلامذة ومريدين.