يبرز الأدب الإفريقي في مجموع الكتابات التي تنتمي إلى المنطقة الواقعة جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى أو ما يطلق عليها "إفريقيا السوداء" تمييزا له عما يصدر في الشق الشمالي للقارة الإفريقية من كتابات لأدباء عرب.. ظل الأدب الإفريقي شفاهي المظهر لوقت طويل ولم يدون منه إلا الشيء القليل، ومع ذلك شهد انطلاقة محتشمة خاصة مع انتشار اللغات الأجنبية التي أصبحت تتداول في القارة السمراء بشكل رسمي في بعض الدول كالبرتغالية والإنجليزية والفرنسية، ولا يمكننا أن نتكلم عن الأدب الإفريقي من دون الإشارة ولو بصورة خاطفة إلى الإنجازات الثقافية التي أعلنتها، الحركة الزنجية، على دعاة العنصرية في يوم من الأيام بقيادة الأديب ليوبولد سانغور، الذي أصبح رئيسا للسنغال لاحقا، وجر معه "كورسا" مهما من الأدباء أمثال إيمي سيزار وليون داماس وروني ماران، صاحب "غونكور" سنة 1921 وكانت مطالب الحركة عادلة ومعقولة وهي أن يحيا الشباب الأسود ولكنه كي يحيا يجب أن يتمسك بذاتيته فهذا الشباب لا يريد عبودية أو اندماجا. تأسست "الحركة الزنجية" مع مطلع القرن 20 وكتب سانغور عن ذلك قائلا: "إن الحركة الزنجية بمفهومها العام، التي كشفت النقاب عن القيم الإفريقية وبلورت شعور الزنجي بحالته، قد ظهرت في الولاياتالمتحدة "وكان لواءها استثمار التراث الإفريقي والكشف عن جذوره التي لا تقل أهمية عما حققته حضارات عديدة في العالم، فقد اكتشف إيمي سيزار وليون داماس، كنوزا من الموروث الإفريقي وسارعوا إلى تبني نماذج منه ووجدوا فيه نغمات أقرب إلى شعورهم وإحساسهم، أما عن الرواية الإفريقية فشهدت ولادة قيصيرية من رحم الرواية الأوربية وشيئا فشيئا تجاوزت عراقيل التعبير التي فرضتها الاستعارة الحرفية التي اتبع خطاها بعض الشباب الأسود كمصدر للنمط الروائي في الحكي، لكن بعض النقاد يزعم أن للرواية الإفريقية جذور محلية أصيلة عكس القصة القصيرة التي ظهرت حديثا وساهمت المجلات الأدبية المحلية والأجنبية في تطويرها وإبراز سماتها ومن روادها في الإنجليزية، "بيتر ابراهافر" والقاص "كان سامبا" و"موريس شيسمبا" في الفرنسية وكذا "عثمان سوسيه" و"إبراهيم سيد". ويقدم "وول سونيكا" واحدا من أهم النصوص الروائية التي تقرأ حياة الإنسان الإفريقي الضائع والغامض، النيجيري على وجه الخصوص، وتعد روايته "المفسرون" بعض ما يشغل بال الطبقة المثقفة في نيجيريا في صراعها حول الوصول إلى سدة الحكم. وفي "الطريق"، وهي مسرحية طويلة يبرز الكاتب خلالها اختلاف الرؤى على لسان شخصياتها المحدودة، حيث تتبدد الأحلام الجماعية وتذوب في بوتقة المصير الواحد، فأغلب شخصيات المسرحية من المثقفين حيث تظهرهم يجلسون على عتبة كوخ مترهل لشيخ عجوز يطلقون عليه مجازا لقب "البروفيسور" ويبدأ إذ ذاك حوارا يحمل في طياته صراعا فكريا تطغى عليه ذاتية عمياء، ومن اليسير أن نفهم "سونيكا" الذي يرمز بالكوخ إلى الوطن وبالطريق إلى رؤى المستقبل وفي نهاية المسرحية نسمع العجوز يوصي جلساءه قائلا: "يا أحبائي، كونوا أسوياء، كالطريق". ويعد "سونيكا" واحد من المعارضين للنظام السياسي في بلاده نيجيريا فهو القائل: "لا يمكن للمرء أن يتجاهل المناخ الذي حصلت فيه النكسات ولست أستثني الحكام الإفريقيين، فهم تجاهلوا شعوبهم تماما وتسببوا في الخراب والضياع" هذا الضياع يبدو واضحا أكثر في كتاباته التي تتميز بالشمولية وهو يحكي هموم القارة السوداء.