يبقى امتحان البكالوريا في بلادنا تشوبه العديد من الهو اجس والخوف الكبير وهو ما يدفع الأسر الجزائرية إلى الاهتمام الكبير به، خصوصا تلك التي لديها أبناء سيجتازون هذا الامتحان الذي يعد الخطوة الكبرى نحو الجامعة. والمثير في ذلك أن هناك عادات تسيطر على العائلة الجزائرية تعتقد أنها وسائل لمساعدة الممتحن على النجاح. قبيل ساعات من الامتحان تهيئ الأسرة أبناءها لاجتياز الامتحان عن طريق توفير كامل الظروف السانحة لهم، خصوصا أنها تعد لهم أكلات خاصة مثل البيض المسلوق وكذا الخفاف أو «السفنج»، فضلا عن تهيئة له جو من السكينة وعدم الضغط عليهم من أجل اجتياز هذا الامتحان الذي يستمر على مدى أربعة أيام وهي الأيام المصيرية في حياتهم. امتحان لكل العائلة والطبيعي أن كل العائلات ترى أن الامتحان من أصعب الاختبارات التي تمر على حياة التلميذ، وهو ما يدفع الكثيرين إلى أخذ إجازات من العمل لإعداد الأبناء واجتياز هذا الامتحان. ومثال على ذلك، السيدة نعيمة محمدي وهي أستاذة جامعية بالمعهد العالي للتجارة، قالت ل«البلاد» إنها ستأخذ إجازة في هذه الفترة خدمة لولديها، الأكبر سيجتاز امتحان البكالوريا غدا الأحد والثاني امتحان التعليم المتوسط المنتظر في العاشر جوان الجاري، مضيفة أن تواجدها إلى جانبهما سيكون دافعا لهما للمراجعة فضلا عن الدعم المعنوي من أجل النجاح. وفي المقابل من ذلك فإن اجتياز شخص واحد لامتحان البكالوريا، ليس خاصا الشخص وحده بل تتهيأ الأسرة كاملة له وكأنها هي التي تجتاز هذا الامتحان وليس فردا واحدا فيها، وهو ما تعيشه أغلب الأسر الجزائرية، والدليل على ذلك الاحتفالات التي تنظمها الأسر عند النجاح في البكالوريا في احتفالية كبرى. بين الخوف والرعب .. «قطعة سكر» كثيرة هي العائلات التي لا تزال تؤمن بأن قطعة سكر بإمكانها أن تحل مشكلة الخوف وتحل عقدة التوجس والرعب لدى الممتحن وخصوصا التلميذ الذي يجتاز البكالوريا لأول مرة، والطبيعي أن الخوف من هذا الامتحان مشروع، رغم كونه امتحانا عاديا، إلا أن اعتقادات لازالت سائدة في المخيال الاجتماعي الجزائري تسيطر على عقول الأمهات بالدرجة الأولى كون «قطعة سكر» بإمكانها أن تحل المسألة، فبفضلها يمكن للممتحن أن ينزع رداء الخوف والهلع عند تواجده في قاعة الامتحان وأمام الورقة البيضاء وأمام أسئلة قد يرى أنها أسئلة تعجيزية أو حتى أنه لا يعرف كيف ينطلق في الإجابة عنها، بحسب محمد طايبي 18 سنة وهو سيمتحن لأول مرة ويعترف أن مصيره مرتبط بإمكانية الإجابة دون خوف وبشجاعة. وليس السكر فقط فهناك من لجأ إلى ماء زمزم، حيث تقتنيه الأسر من العائدين من البقاع المقدسة، باعتباره ماء مباركا ويجلب الحظ حسب اعتقاد البعض. فيما تلجأ الكثير من الأمهات إلى رش الماء والملح على عتبة البيت عند خروج الابن أو البنت نحو مكان الامتحان. وبعيدا عن هذه العادات التي تبقى العائلات تتوارثها أبا عن جد، فإن المترشحة سارة موهوبي، 17 سنة، تقول إن الأسرة وفرت لها كل الظروف من أجل المراجعة منذ أزيد من شهر كامل، فضلا عن كونها البنت الكبرى فالجميع ينتظر نجاحها بفارغ الصبر وهو ما جعل الوالدين يجتهدان في تهيئة لها الجو المناسب لاجتياز الامتحان الذي يبقى «عسيرا» حسب قولها ويحتاج إلى جهد كبير. النجاح على بعد خطوة فقط فيما لجأت زميلتها منية إلى النوم المبكر في الأيام الأخيرة التي تسبق موعد الامتحان حتى لا تصاب بالأرق والإرهاق، بعدما راجعت مختلف دروسها في الأسابيع الأخيرة، وهو ما يعاب على بعض المترشحين الذين يراجعون دروسهم بغية اجتياز امتحان البكالوريا حتى في ليلة الامتحان بالاعتماد على السهر واستعمال المنبهات من شاي وقهوة، وهو ما لا ينفع لأن الإرهاق قد ينال منهم وينقلب سلبيا على إجاباتهم وينقص من تركيزهم على أسئلة الامتحان.