تستعيد الفنانة التشكيلية الجزائرية دليلة دالياس بوزار في كتابها «الجزائر سنة صفر» الصادر مؤخرا عن منشورات «دار البرزخ»، مرحلتين من تاريخ الجزائر المعاصر والثورة التحريرية و«العشرية السوداء». الكتاب عبارة عن مؤلف فني يضم لوحات للرسامة تحمل تعليقات مثقفين. وبعدما عرضت لوحاتها تحت العنوان نفسه بالمعهد الفرنسي بالجزائر العاصمة في ديسمبر2011؛ تعطي الفنانة، وهي من مواليد سنة 1974 بوهران وتقيم حاليا بالعاصمة الألمانية، الكلمة لجامعيين وإعلاميين للتعليق على أعمالها و«عمل الذاكرة» الذي تحاول إنجازه من خلال ذلك. وتقدم هذه النصوص باللغتين الفرنسية والإنجليزية. وتحت عنوان فرعي «متى وأين تبدأ الذاكرة»؛ يضم الكتاب سلسلة صور من الأرشيف تعود إلى حرب التحرير وسنوات الإرهاب، إلى جانب لوحات تجريدية ترمز إلى هاتين الفترتين جددتها الفنانة بإعادة رسمها لتضفي عليها لمستها الخاصة. وكتبت دليلة دالياس بوزار في مقدمة الكتاب أن إنجاز هذه الأعمال أملته ضرورة التذكر، معتبرة أن هاتين الصفحتين من التاريخ تمثلان «لحظات هامة في تاريخ الجزائر المعاصر»، مضيفة أن ضرورة «الاستذكار نابعة من شعور جد خاص فيما يتعلق بهاتين المرحلتين المرتبطتين ارتباطا وثيقا بتاريخي الشخصي». وتعيد الفنانة التشكيلية رسم صور من الأرشيف أصبحت شهيرة على غرار لوحة «الأخوة» وهي عبارة عن إعادة رسم صور لثلاث مجاهدات في الجبل أو صورة لمحمد بوضياف سنة 1957، رسمتها بالأبيض والأسود مقابلة لصورة الرئيس الأسبق لحظة اغتياله في ال29 جوان 1992 وهو رسم يحمل عنوان «بوضياف اللحظة التي سبقت وفاته». في السياق ذاته، كتب الجامعي الكاميروني «بونافونتور سوه بيجينغ ندوكيونغ» في نص حمل عنوان «من وحي الصور» نجد اللون الأصفر يطغي على كل خلفيات هذه الأعمال تقريبا «لون أصفر ساطع وهو لون ميز العديد من الأعمال ويخطف الأنظار قبل أن يترك للعقل إمكانية تحليل مضمون اللوحة». وفي النص نفسه توقع «سوه بيجينغ ندوكيونغ»، وهو محافظ معرض الفنانة سنة 2011، أن التشكيلية دليلة «بادرت بمسار تخيل صور من الممكن أن تسمح في يوم من الأيام بتدارك نقائص التاريخ، وربما استحداث صور تنطبق عليها مقولة كون الصورة وحدها معبرة أكثر من ألف كلمة». ويضع نص آخر للمثقف الكاميروني الذي يحمل عنوان «نزاع»، عمل الفنانة في إطار أعم متعلق بالقدرة البشرية على تخطي الصدمات بفضل «قدرة الإنسان الخارقة على النسيان». من ناحية أخرى، يحلل المختص في علم الاجتماع الجزائري حسن رمعون في نص بعنوان «دليلة دالياس بوزار.. فنانة في الحي» العلاقات بين عمل الفنانة والعنف خلال هاتين الفترتين. ووفق هذا المختص، فإن البحث الجمالي لدليلة بوزار يسمح ب«إعلاء هذا العنف مع إمكانية تقديم نظرة انتقادية حوله». ويعد التطرق إلى موضوع العنف مناسبة لحسن رمعون بهدف رفض، على غرار فرانس فانون، «للجوهرية الدنيئة التي يحملها التاريخ الاستعماري» الذي يريد أن يجعل من الشعب الجزائري شعبا «عنيفا بطبيعته»، مذكّرا بأن «كل مجتمع يحمل في طياته عنفا متعلقا بتناقضاته الاجتماعية» و«بالسياق التاريخي» الغريبة عن هذا المجتمع.