رسم المجلس الفرنسي للمستثمرين في إفريقيا ''سيان'' صورة سوداوية عن واقع الاستثمار الأجنبي والفرنسي في الجزائر، واعتبر المجلس إعادة انتخاب الرئيس بوتفليقة لولاية جديدة يشكل مصدر ''قلق'' للمستثمرين الأجانب. وجاء في آخر التقارير الصادرة، أول أمس، من قبل المجلس الفرنسي برئاسة أليكساندر فيلغران، المنتخب على رأس المجلس حديثا، أن واقع الاستثمار في الجزائر قد شهد منذ مطلع السنة الجديدة صعوبات كبيرة في ظل بروز ما اعتبره المجلس في تقريره ''مناخ الشك والانتقام من الشركات الأجنبية عموما بما فيها المؤسسات الفرنسية''. وهو ما يجعل جاذبية الاستثمار الأجنبي في الجزائر تتراجع كثيرا. كما أشار تقرير سيان المعنون ب''جاذبية الاستثمار الأجنبي في الجزائر تتاكل'' إلى أن التحولات التي طرأت على مناخ الاستثمار بالبلاد جعلت من هذه الأخيرة أكثر ''استعصاء'' على الاستثمارات الأجنبية في ظل ما وصفوه ب''التصلب والتعقيد'' الذي أضحى يميز البيئة الاستثمارية الجزائرية، في إشارة إلى الإجراءات الجديدة التي أقرتها الحكومة في مراجعتها لبعض القوانين الناظمة للاستثمار الأجنبي، وانتقد أصحاب التقرير على وجه الخصوص الإجراءات التي تجبر الأجانب على إعادة استثمار أرباحهم في الداخل مقابل حصولهم على إعفاءات ضريبية، كما انتقدوا ما وصفوه ''سيطرة الدولة'' على أغلب المشاريع المهمة ما يزهد رؤوس الموال الأجنبية عن العمل في الجزائر. وغير بعيد عن المجلس الفرنسي للمستثمرين في إفريقيا كان تبولت سيلكوي، رئيس فرع الجزائر بجمعية المؤسسات الفرنسية ''ميداف''، قد وصف التدابير القانونية الجديدة التي أقرتها الحكومة بخصوص الاستثمار الأجنبي في الجزائر بالمقلقة. ولم تتجاوز الاستثمارات الفرنسية المباشرة سنة 2008في الجزائر حدود 350مليون أورو وهي القيمة المالية الضعيفة مقارنة بحجم الواردات الفرنسية الموجهة للجزائر، التي لاتزال كما في السنة الماضية لم تتجاوز حدود ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار، ما يعادل حوالي 17% من إجمالي الواردات الجزائرية. كما أن الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الجزائر ضعيفة مقارنة باستثمارات دول أخرى على غرار أمريكيا وبعض الدول الأوروبية الأخرى تتقدم عن فرنسا التي تأتي في مرتبة متأخرة من حيث حجم الاستثمارات المباشرة وهي المرتبة التي لا تعكس حجم العلاقات الجزائرية الفرنسية وتاريخ هذه العلاقات، إضافة إلى العوامل الثقافية المشتركة، مما يؤكد غياب الجدية لدى المتعامل الاقتصادي الفرنسي في التعامل مع الجزائر مقارنة مع دول الجوار، كما لاحظ خبراء اقتصاديون جزائريون إضافة إلى العقلية الاستعلائية الابتزازية في إسترتيجية التعامل الاقتصادي الفرنسي مع الجزائر الأمر الذي دفع الرئيس بوتفليقة إلى البحث عن آفاق أخرى للتحرر من منطق إحكام القبضة الفرنسية على الجزائر. وعلى هذا الأساس يمكن قراءة التقارير التي تصدرها المؤسسات الاقتصادية الفرنسية سواء ''الميداف'' أو ''السيان'' أو ''كوفاس'' وغيرها من المؤسسات التي مازالت تعتبر نفسها المؤهل الوحيد في أوروبا للحديث عن الواقع الجزائري ما يفسر عادة طبيعة التقارير المغرضة التي يصدرها الجانب الفرنسي عن الجزائر لعلم هذه المؤسسات أن الدول الأوروبية التي تريد التعامل مع الجزائر عادة ما تعتمد التقارير الفرنسية وتستأنس بها على الأقل إلى وقت قريب.