خلف قضبان المؤسسة العقابية بالحراش تشترك أحلام 6 آلاف سجين على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم وطبيعة تهمهم، حيث إن الحنين لطبق الشوربة وسط أجوء عائلية حلم لدى أغلب المساجين، حيث لا تمييز بين إطار أو بطال، وبين سجين يحاكم عن عقوبة مخففة أو لسنوات، لأن رمضان يجمعهم، وحنين ودفء العائلة يوحد مشاعرهم. المؤسسة العقابية بالحراش تستقبل يوميا حوالي 500 قفة تحتوي على أغلب أنواع الأطعمة الجافة، ما عدا تلك التي استثنتها الإجراءات الوقائية على غرار السوائل والياغورت، الجبن التمر، الحار.. بهدف تفادي التسممات الغذائية، إذ أن هناك بعض المواد لا تتحمل الحرارة يتم رفضها من طرف المؤسسة مثل الألبان والمواد السائلة وكذا تفاديا لدخول محتمل للمخدرات، وعمدت المؤسسة العقابية خلال هذا الشهر وعلى غرار كل عام إلى اتخاذ تدابير تقضي برفع عدد قفة المساجين حيث يستفيدون من قفة إضافية أسبوعيا، مما سيسمح بالتخفيف من شعورهم بالبعد في هذا الشهر العظيم، وقد حددتها إدارة المؤسسة العقابية يوم الإثنين الذي كان مخصصا في وقت سابق لاستلام الألبسة، حيث تتساوى في هذا الشهر حاجيات المساجين واهتماماتهم تقريبا حسبما استقيناه من عدد من العائلات التي توافدت منذ الصباح الباكر محملين بقفة جمعت أشهى المأكولات وألذها وحملت رغبات المحبوسين وما يحلمون بتناوله بعيدا عن أجواء العائلة التي يحاولون قدر الإمكان صنعها فيما بينهم داخل السجن، إذ ليس من السهل أن يجد المرء نفسه بعيدا عن أحبته في شهر رمضان، لكن يقال إن المحن توحد المشاعر وهو واقع يعيشه آلاف السجناء على مستوى المؤسسات العقابية الذين حكم عليهم القدر أن يقضوا شهر رمضان خلف قضبان السجن، حيث إن رائحة رمضان لدى هؤلاء تدخل من خلف الأسوار عبر قفة رمضان، رغم أن المساجين في هذا الشهر الكريم يحاولون صنع أجواء حميمية باقتسام وجبة رمضانية تحضرها عائلاتهم على 6 أفراد ويتم التداول على العملية كل يوم حسب الزيارة المحددة لكل سجين.وقد كشف لنا عدد من الزائرين لسجن الحراش أن أكثر ما يتمناه المساجين في هذا الشهر هو تمكينهم من تمرير طبق كسكس بالزبيب وشربة فريك إلى أسوار الحبس، حيث ذكر بعض الزائرين من عائلات المساجين أن الشربة التي تقدم لهم لا تروق لهم مما يجعلهم في حنين لشربة الدار، حيث اكدت زوجة إطار بالبنك سجن عن تهمة التزوير واستعماله أن أكثر شيء يطلبه زوجها الذي اعتاد على قضاء رمضان خلف جدران الحبس هي المثوم والكبدة المشرملة، إضافة إلى البوراك. فيما أجمع عدد من الزائرين على أن الأكلة الأكثر طلبا هي خبز الدار «المطلوع، الكسرة» البوراك، الزلابية، شطيطحة دجاج سلطة خيار مع الطماطم… وهي وجبة موجهة لعدة أشخاص ولا يخصها سوى طبق الشربة إذ يتقاسمها السجناء فيما بينهم وقفة الشخص الواحد تصبح مشتركة خاصة مع السجناء الذين لا يتلقون الزيارات ولا القفة، وهذا حتى يشعر المساجين بالأجواء الرمضانية بوجود مختلف المأكولات.