ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    بوريل: مذكرات الجنائية الدولية ملزمة ويجب أن تحترم    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين الشوق للعائلة والحنين للحرية عشية العيد
سجناء سركاجي مرتاحون لظروف الحبس
نشر في المساء يوم 29 - 09 - 2008

عرفت مؤسسة إعادة التربية بباب جديد "سركاجي" تحسنا في ظروف الحبس مقارنة بالسنوات الماضية بفضل الإصلاحات التي عرفها القطاع حسب ما أكده السجناء الذين قضوا أكثر من عشر سنوات به أو الذين أفرج عنهم وعادوا إليه من جديد. "المساء" تنقلت إلى هذه المؤسسة العقابية ورافقت السجناء عشية عيد الفطر المبارك لمشاركتهم أجواء الاحتفال بهذه المناسبة الدينية.
يعود تاريخ مؤسسة إعادة التربية بباب جديد أو "سركاجي" كما كان يسمى إلى العهد التركي، فهو يتكون من بنايتين واحدة تعود للعهد التركي بنيت سنة 1565 من طرف خير الدين برباروس ومعناه صاحب اللحية الشقراء. وكان آنذاك يستعمل كسجن عسكري للزج بالمتمردين عن الوصاية العثمانية والغزاة الإسبان وراء القضبان.
وعرف السجن توسعا إبّان الاحتلال الفرنسي للجزائر من خلال زيادة بناء قاعات إضافية لإيواء عدد كاف من المساجين سنة 1948.
وفيما يخص تسمية السجن ب"سركاجي" فهي كلمة تركية الأصل تختلف الروايات التركية في معناها الحقيقي، فهناك من يقول إن "سركاجي" تعني الرجل الصامد والشجاع، وهناك من يقول إن معناه يطلق على صانع الخل.
وتم غلق سجن سركاجي بعد استقلال الجزائر واحتفظ به آنذاك كمتحف شاهد على آلام الجزائر وتعذيب المجاهدين من طرف الجيش الفرنسي. لكن في نهاية الستينيات خصص جزءا منه لإيواء بعض المساجين العاملين في الورشة الخارجية والتابعين لسجن الحراش.
وفي 4 ديسمبر 1981 تم تخصيصه كمؤسسة للوقاية ليتم تخصيصه كمؤسسة لإعادة التربية في فيفري 1989.
وتضم مؤسسة إعادة التربية بباب جديد حاليا 30 قاعة لإيواء المساجين الذين تصدر في حقهم أحكام بالسجن من طرف محكمتي سيدي أمحمد وباب الوادي بالجزائر العاصمة.
ويتواجد بالمؤسسة حاليا حوالي 1450 سجينا أعمارهم من 18 سنة إلى ما فوق كلهم رجال،11 منهم من جنسية إفريقية تم إيداعهم بتهمة الهجرة السرية وتواجدهم فوق التراب الجزائري بطريقة غير قانونية وبدون وثائق، غير أن هذا العدد الحقيقي للمساجين يبقى نسبيا بالنظر إلى دخول مساجين جدد يوميا والإفراج عن آخرين وبالتالي فهو رقم يتغير تقريبا كل يوم، إذ تستقبل المؤسسة يوميا ما بين 15 إلى 20 سجينا جديدا.
تنقلت "المساء" لزيارة مؤسسة إعادة التربية بباب الجديد يومين قبل عيد الفطر المبارك للاطلاع على يوميات المساجين في أواخر رمضان وتحضيرات العيد.
ففي حدود منتصف النهار توقفنا أمام المدخل الرئيسي للمؤسسة التي يتخيل لك لما تراها أنك أمام قلعة من القلاع التي ألفنا مشاهدتها في أفلام لويس ال 14 وأفلام جيوش الملوك القديمة، لتشابه البناء التركي مع تصاميم هذه القلاع وكثرة أبوابه. بناية كبيرة لونها أبيض وأخضر، أسوارها عالية، أبوابها كثيرة، وحراسها منتشرون في كل زاوية.. هي إذن مؤسسة إعادة التربية بباب الجديد التي وبمجرد أن توقفنا أمامها لمحنا دخول سيارة للشرطة وهي تنقل سجينا جديدا جيئ به حينها.
دخلنا الباب الرئيسي بعد التعريف بأنفسنا وتسليم بطاقتنا المهنية فوجدنا ساحة تعج بالنساء والرجال هم من عائلات المساجين، بعضهم جاء لزيارة أحد أقاربه والبعض الآخر كان ينتظر وقت تسليم قفة رمضان التي أحضر لقريب له. علما أن السجناء استفادوا طيلة شهر رمضان من قفتين في الأسبوع واحدة تسلم لهم خلال يوم الزيارة المحدد لهم والثانية يمكنهم تلقيها لكن دون زيارة، وذلك على عكس باقي أيام السنة التي يستفيد فيها المسجون من قفة واحدة تسلم له في يوم الزيارة. ويستقبل السجناء يوميا ما لا يقل عن 80 قفة يأتي بها أهلهم.
سجناء تحصلوا على شهادات في الطبخ
كانت وجهتنا الأولى في هذه الزيارة المطبخ الذي كان يشهد حركة كبيرة ل 20 عاملا كلهم سجناء تقدموا بطلبات للعمل بعدما تلقوا تكوينا في الطبخ وتحصلوا على شهادة داخل المؤسسة في إطار الاتفاقية التي وقعتها إدارة السجون مع وزارة التكوين والتعليم المهنيين.
وقدمت للمساجين في ذلك اليوم وجبة تتكون من طبق شربة بلحم الخروف، بطاطا مرحية بلحم مرحي، اللحم الحلو، سلاطة تتكون من الخس، الطماطم، الجزر، الفلفل، والبيض، بالإضافة إلى الياغورت والتمر. أما في السحور فقدم للمساجين الكسكس مع اللبن.
أما عملية توزيع الوجبات فبدأت على الساعة السادسة مساء، حيث تضع الكمية الخاصة بكل قاعة حسب عدد نزلائها داخل قدر عازل للحرارة، بالإضافة إلى تخصيص وجبات خاصة بكل أنواع الحمية الغذائية تسلم للسجناء الذين يعانون من مرض معين لا يسمح لهم بتناول كل المأكولات.
وحسب أحد السجناء العامل بالمطبخ والذي قضى فترة ثماني سنوات من العقوبة المحددة له ب 13 سنة، فإن ظروف السجن عرفت تحسنا ملحوظا في السنوات الأخيرة مقارنة بالسنوات التي سبقتها خاصة ما تعلق بالإطعام والنظافة وكذا التكوين، حيث أشار محدثنا إلى أنه تحصل على شهادة في الطبخ وحاز هذه السنة على شهادة البكالوريا شعبة آداب وعلوم إنسانية داخل السجن بعد امتحانه للمرة الثانية إذ لم يسعفه الحظ ولم ينجح في دورة 2007، ومن المنتظر أن يلتحق بكلية الحقوق خلال الدخول الجامعي المقبل بعد دراسة ملفه من طرف اللجنة المكلفة بمنح رخصة الحرية النصفية.
السجن عرف تحسنا كبيرا منذ 20 سنة
ونحن نتحدث إلى أحد السجناء الذي يدخل للسجن للمرة الثالثة إذ سبق له وأن دخله سنة 1988 ثم في سنة 1996 قال "السجن تغير مقارنة بهذه السنوات خاصة فيما يتعلق بمعاملة المساجين وغياب العنف، حيث يستطيع أي سجين يتعرض للعنف أو سب أو شتم من قبل سجين آخر أن يرفع شكوى ضده. وأيضا الوجبات الغذائية عرفت تحسنا وتنوعا كبيرا مقارنة بالثمانينيات والتسعينيات إذ لم يكن الطبق يحتوي إلا على الماء وقليلا من الخضر مع انعدام اللحم".
ونحن نتوغل في رواق المؤسسة وقاعاتها بدأت تتغير لدينا تلك النظرة التي حملناها معنا، حيث كنا نتخيل أن السجن قديم وجدرانه مهترئة كما يقول البعض، غير أننا تفاجأنا بواقع آخر يختلف عن ذلك الذي سمعنا عنه بكثير وهو ما أكده لنا حتى السجناء الذين قضوا أكثر من عشر سنوات بين أسوار السجن، حيث أضافوا أن سجن سركاجي عرف تحسنا كبيرا مقارنة بالسنوات الماضية وذلك من خلال إعادة ترميم الجدران وطلائها دوريا في مدة لا تتجاوز شهرين مع تغيير الفراش كل شهر، ويُجند يوميا من كل قاعة سجنان لتنظيفها وترتيبها ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بعد أن يخرج رفاقهما للساحة، حيث تركز إدارة المؤسسة كثيرا على النظافة ويعاقب كل من لا يحترم نظافة هندامه أو قاعته.
سجناء كل إصبع بصنعة
دخلنا القاعة رقم 29 التي كانت تأوي سجناء من مختلف الأعمار ومختلف المخالفات من بينهم سجين قضى 11 سنة من عقوبته المحددة ولم يبق له سوى عامان لتورطه في قضية متعلقة بالمخدرات. السجين الذي كان يتحدث إلينا بارتياح وشعور بالندم أخبرنا أن ظروف السجن تعرف تحسنا من سنة إلى أخرى" فمنذ 11 سنة وأنا هنا أستطيع أن أقول لكم إن الأمور تغيرت كثيرا بفضل سياسة إصلاح السجون وقطاع العدالة، فمن قبل كانت الظروف بالسجن مزرية لكن الآن أنا شخصيا استفدت من فترة تواجدي هنا بتلقي تكوين وتحصلت على أربع شهادات في الإعلام الآلي، الطبخ، صناعة الحلويات، والبناء ولما أخرج من هنا سأصبح كما يقول المثل الشعبي المعروف "كل إصبع بصنعة"!
محدثنا الذي شارف الأربعينات، كانت معنوياته جيدة وهو يتحدث إلينا ولما سألناه عن سر هذا الارتياح قال لنا إنه عاد اليوم للمؤسسة بعدما كان في إجازة مدتها عشرة أيام سمحت له بزيارة الأهل وقضاء عشرة أيام من رمضان وسط العائلة ينعم بالحرية وسهرات رمضان التي وصفها بالجنة التي لا ندرك قيمتها إلا بعدما نُحرم منها. وهذه هي الإجازة الثانية التي استفاد منها محدثنا، حيث سبق له وأن خرج لمدة أسبوع منذ ستة أشهر.
سجناء يستفيدون من إجازة كل ثلاثة أشهر
وفي هذا السياق ذكر لنا السيد محمد برجي، مدير مؤسسة إعادة التربية بباب جديد أن إدارة السجن تسمح للسجناء المحكوم عليهم نهائيا والذين تكون لهم تصرفات لائقة وسلوك منضبط بالاستفادة مرة كل ثلاثة أشهر من إجازة تتراوح من أسبوع إلى عشرة أيام تحدد حسب مكان سكنهم. واستفاد هذا الأسبوع ثمانية سجناء من الإفراج المشروط وستة آخرين من إجازة الخروج، وطبعا يتعلق الأمر بسيرة المحبوس حيث لا يستفيد من هذا الامتياز إلا من يتمتع بسلوك حسن.
وكان بهذه القاعة شيخ مريض ملقى على فراشه فمه وأنفه محاطان بأنابيب متصلة بآلة للتنفس موضوعة على الأرض لأنه مصاب بمرض على مستوى الرئتين وهو مرض مزمن يتطلب عملية جراحية، غير أنه لا يمكنه القيام بها كون الإصابة تتموقع في منطقة حساسة بين الرئتين والقلب، وبالتالي فأية عملية جراحية يمكن أن تهدد حياته، حسب السجين الذي أصيب بهذا المرض بسجن الجلفة، مما استدعى نقله الى سجن بالعاصمة لتمكينه من إجراء فحوصات والاستفادة من العناية الطبية حيث ينقل يوميا لتلقي العلاج بالمستشفى ويعود للسجن.
ونفس الشيء بالنسبة لسجين آخر من الصحراء كان مسجونا بتمنراست ونقل الى مؤسسة إعادة التربية بباب جديد لظروف صحية بعدما كان يعاني من داء الغدة الدرقية وأجريت له عملية جراحية بالجزائر العاصمة وبقي بمؤسسة باب جديد للمراقبة الطبية وإكمال ما تبقى من عقوبته إذ من المنتظر أن يفرج عنه بعد شهر.
22 سجينا تحصلوا على البكالوريا اختاروا الحقوق
ومن بين 29 ممتحنا في شهادة البكالوريا بهذه المؤسسة العقابية تمكّن 22 منهم من النجاح حيث اختار كلهم التسجيل في كلية الحقوق في شعبة العلوم الإدارية والقانونية، وربما يبقى السجن والسنوات التي ضيعوها هؤلاء وراء القضبان الدافع الرئيسي لاختيارهم هذا التخصص من أجل اقتحام سلك العدالة في الحياة المهنية، معتبرين أن تجربتهم في السجن ستسهل لهم معرفة عدة أمور لها علاقة بالميدان. وهو ما أكده لنا أحد السجناء الذي نال شهادة البكالوريا شعبة آداب وعلوم إنسانية والذي قضى حاليا 20 شهرا من عقوبته المحددة بثلاث سنوات بعدما دخل السجن بمستوى السنة الثالثة ثانوي شعبة تسيير واقتصاد، فمحدثنا أشار الى أن هدفه من الدراسة هو نيل الشهادة ليصبح موثقا مستقبلا.
وأمثال هذا الشاب كثيرون من الذين عبروا عن فرحتهم وسعادتهم للحصول على البكالوريا التي تعد مفتاح مستقبلهم بعد الإفراج عنهم وتمكنهم من الخروج من السجن لتلقي الدروس في الجامعة ثم العودة في المساء.
وأضاف مدير مؤسسة إعادة التربية أن لجنة تطبيق العقوبات هي التي تتكفل بدراسة ملفات السجناء الحاصلين على شهادة البكالوريا من أجل استفادتهم من الحرية النصفية أو الإفراج المشروط. ويكمن الفرق بين الامتيازين في أن الإفراج المشروط يستفيد منه السجين الابتدائي الذي دخل السجن لأول مرة والذي قضى نصف عقوبته، حيث يفرج عنه لمزاولة دراسته والإقامة خارج السجن على أن يكون مجبرا بالتقدم مرة في الأسبوع أمام الإدارة للإمضاء على محاضر مثلما هو معمول به لما يوضع شخص تحت الرقابة القضائية.
أما الحرية النصفية فهي تخص المتحصلين على شهادة البكالوريا الذين يدرسون بالجامعات والذين يسمح لهم بموجبها الخروج من السجن والعودة إليه في المساء حسب الساعة التي تحددها الإدارة للدخول وفقا لجدول توقيت الطالب طبعا.
وفيما يخص زيارة المساجين فهي محددة ب 15 دقيقة مرة واحدة في الأسبوع عن طريق العازل والحديث بواسطة هاتف، ويرخص بالزيارة المقربة في الحالات الاستثنائية والصحية لفائدة المرضى.
كنت أتوقع حالة مأساوية في السجن
واعتبر أحد المساجين كان يشتغل مهندس في الإعلام الآلي قبل دخوله السجن منذ بداية شهر رمضان أن هذه المدة كافية وتسمح للمسجون بالترويح عن نفسه والحديث مع أهله للاطمنان عليهم. وعبّر محدثنا عن تفاجئه بالحالة التي يوجد عليها السجن والتي لم يكن ينتظرها أبدا بعدما سمع روايات سلبية عن ظروف السجن، واستطرد قائلا "أنا كنت متخوفا قبل دخولي من المعاناة والمأساة، لكن الحمد الله ليست الجنة لكن ليست المأساة أيضا". مشينا قليلا في رواق الطبق الأرضي للسجن حيث تتواجد زنزانة للمساجين الذين يصلون للسجن قبل توجيههم للقاعات المخصصة لهم وذلك من أجل إحالتهم على الطبيب لفحصهم ثم الحلاق. وكانت هذه الزنزانة تضم حوالي عشرة شباب في العشرينات من عمرهم أغلبهم متورطون في السرقة. طلبنا من الحارس السماح لنا بالحديث إلى أحدهم فتقدم إلينا شاب عمره 20 سنة يعاني من كسر على مستوى رجله اليمنى فأخبرنا أنه سرق هاتفا نقالا من فتاة بشارع ديدوش مراد ولاذ بالفرار غير أن رجال الشرطة الذين كانوا بالزي المدني هناك لحقوه، وهو يجري سقط أرضا وأصيب بكسر على مستوى رجله. لينقل بعدها إلى مركز الشرطة قبل أن يقدم أمام وكيل الجمهورية الذي أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي في انتظار محاكمته.
وكان هذا السجين يتحدث إلينا ويؤكد أنه ندم كثيرا على فعلته خاصة بعدما أصيب بكسر جعله يدرك أنه "أخذ جزاءه من الله فورا". ولما سألناه عن سبب سرقته لهذا الهاتف النقال قال إن حالته الاجتماعية هي التي دفعته للقيام بذلك، حيث كان ينوي بيع الهاتف المسروق للحصول على مبلغ مالي قدره 8000 دينار لقضاء بعض حاجيات العيد للبيت.
كما قال لنا هذا الشاب إنه كان يشتغل من قبل في إحياء الأعراس بالضرب على آلة الطبل. ولاختبار قدرته في الضرب على الطبل وجعله يندمج ويتأقلم مع أجواء السجن في رمضان أحضرنا لهذا الشاب "دربوكة" وطلبنا منه الضرب عليها، تبسم قليلا وقال لنا "ليس الآن فأنا منهك ومحبط معنويا". لكن وأمام إصرارنا وافق ولما أتقن الطبل خاطبه الجميع مازحا "أنت تتقن الطبل لن نتركك تخرج ستبقى هنا لتساعد في إحياء الحفلات التي تقام بالسجن في قاعة الموسيقى".
وتتوفر مؤسسة إعادة التربية بباب جديد على قاعة بها مختلف الآلات الموسيقية تستعمل في إحياء الحفلات للسجناء، بالإضافة إلى مكتبة تضم 5149 عنوانا في مختلف الميادين يستطيع السجين قراءته وإرجاعه بعد أسبوع.
كما تتوفر المؤسسة على قناة تلفزيونية مصغرة يعمل فريق مختص على تسجيل البرامج وإعادة بثها عبر هذه القناة، وكذا السماح للسجناء بمشاهدة التلفزيون الجزائري، قناة" "اقرأ"، و"أم بي سي".
نشاطات خاصة العيد
أما عن أجواء العيد فحضرت إدارة المؤسسة نشاطات خاصة بتنظيم حفل لصالح السجناء عن طريق أفواج لتجنب الاكتظاظ في قاعة الحفل التي توزع بها حلويات ومشروبات متنوعة إلى جانب وجبات غذائية خاصة بالعيد.
وفيما يخص الزيارات فلم تبرمج إدارة السجن زيارة لكل المساجين في يوم العيد لأن ذلك غير ممكن بالنظر إلى عددهم، بل يستفيد من الزيارة السجناء الذين كانت زيارتهم من قبل محددة في ذلك اليوم.
وينتظر السجناء يوم العيد في جو عادي رفقة زملائهم لكن ملامحهم لم تخف شوقهم للأهل والأقارب لقضاء هذه المناسبة في دفء العائلة ونعيم الحرية.
مكتب توجيه لإدماج المساجين
وأعلن المدير أن المؤسسة ستستفيد قريبا من مكتب توجيه لتوجيه المفرج عنهم بعد خروجهم للبحث عن عمل أو الحصول على قرض مثلما هو موجود حاليا على مستوى مؤسسة إعادة التربية والتأهيل بالحراش والذي يوجه إليه حاليا المفرج عنهم من مؤسسة باب جديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.