بسبب تماطل الإدارة في تأدية مهامها البيداغوجية والإدارية جامعات العاصمة تلزم الطلبة بالتوجه إلى مراكز البريد لدفع 200 دج! يشتكي آلاف الطلبة الجدد من بيروقراطية الإدارة بجامعات العاصمة، والتي تلزمهم بالتوجه إلى مراكز البريد، بعد أن تسلمهم «حوالة خاصة» من أجل دفع حقوق التسجيل البيداغوجي والمقدرة ب 200 دج، حيث يجدون أنفسهم يصطفون في طوابير مكتظة ولساعات طويلة، قد تمتد إلى غاية إغلاق المراكز وتوقفها عن العمل، لتبدأ بعدها رحلة الحيرة والبحث عن مكان للإفطار والإيواء في شهر رمضان المعظم. وقد اتصل في هذا الصدد ب« البلاد»، العشرات من الطلبة المتضررين من هذا الإجراء المطبق بصفة استثنائية في كليات الجزائر دون غيرها، وذلك دون مراعاة لظروف هؤلاء الوافدين الجدد، والذين ينحدر أغلبهم من خارج ولاية الجزائر، وبعضهم جاء من أقصى مدن الجنوب وقطع مسافة بمئات الكيلومترات، وعندما حط رحاله برحاب الجامعة، معتقدا أن رحلة التعب والنصب أوشكت على النهاية، اكتشف أنه يدشن ماراطونا آخر أشد وأنكى، إذ يقضي يوما كاملا دون أن يتمكن من إنهاء عملية التسجيل، رغم توسلاتهم إلى المسؤولين ومن يمثلهم من أعوان الإدارة. وقد سرد الطالب «إلياس.م» القادم من ولاية الجلفة، معاناته عندما توجه لبريد جواري لتسديد حقوق التسجيل، فوجد أمامه 423 مواطنا في الانتظار، وفق مؤشر العداد الإلكتروني، لأن إدارة البريد حسب قوله لا تفصل عمليات الدفع عن شبابيك السحب، مما يتسبب في تعقيد العملية ويجعلها تستغرق وقتا أطول من دون أي مبرر، كما قال، وأضاف محدثنا بأسف شديد، أن المشكلة ليست في عدم تحمل الوقوف بطابور البريد، لكن «الأزمة» ناجمة عن استهتار الإدارة رغم الحديث عن توفير كل ظروف الاستقبال لحاملي شهادة البكالوريا الجدد، على حد وصفه، إذ صرح الطالب «الياس.م « في شهادته ل«البلاد»، أنه تفاجأ رفقة سبعة زملاء له من المدينة نفسها بخروج الأعوان الإداريين من الكلية، بعدما نجحوا في تحصيل وصل الدفع لدى مصالح البريد بشق الأنفس على حد تعبيره، مما اضطرهم إلى عودة أدراجهم في انتظار جولة جديدة في يوم موال، لكن الطالب الشاهد، قال إنه نسي معاناته الشخصية، عندما قابل طلبة من الجنوب يبحثون عن «مطاعم رحمة» تستقبلهم لقلة حيلتهم، فيما أرجأوا التفكير في «مكان» يؤويهم إلى ما بعد موعد الإفطار، علما أنه يوجد بينهم طالبات قدمن بمفردهن من دون أقارب، وفق ما ذكره الطالب المتحدث. يحصل هذا الأمر لسبب بسيط ولكنه مكلف وصادم لهؤلاء المنتشين بدخول أسوار الجامعة، ويعود الإشكال إلى أن كليات العاصمة تلزم الطلبة الجدد والقدامى منهم على السواء مع بداية كل موسم جامعي على دفع الحقوق المالية عن طريق مراكز البريد عوض تعيين «عون محاسب» في عين المكان، من طرف الإدارة التي تملك مصلحة خاصة للمحاسبة، لكنها تعفى ولأسباب مجهولة من هذه المهمة، على خلاف كل كليات الوطن التي تعمل وفق هذه الطريقة، مما يسمح للطلبة بإنهاء العملية في دقائق محدودة مقابل استلام «وصل دفع» يقدم إلى مصلحة البيداغوجيا لاستكمال إجراءات التسجيل. وقد حاولنا الاستفسار لدى مسؤولي الكليات عن ضرورات هذا «الإجراء الحصري» الذي يشتكي منه غالبية الطلبة، لكننا لم نجد عندهم إجابات مقنعة بشأن المبررات الإدارية أو المحاسبية التي تحملهم على ذلك، إذ فسروا الأمر بكونه تقليدا دأبت عليه الجامعة، بيد أنهم لم يبدوا استعدادا للتخلي عنه، رغم أن الطلبة المستائين منه، يقدر عددهم بقرابة 120 ألف طالب، هم تعداد المسجلين بمختلف معاهد وكليات العاصمة في كافة التخصصات العلمية والأدبية.