يغتنم الكثير من الجزائريين شهر رمضان لتغيير بعض السلوكايات السلبية، واحترام الشهر الكريم، من اجل التقرب إلى الله، غير أن الكثير منهم لا يختلف عنده هذا الشهر عن سائر الأيام، حيث لا تزال مظاهر التعري وارتداء الملابس الفاضحة والمثيرة والماكياج تغزو شوارع العاصمة تحت شعار الموضة، والشباب يضعون خطا أحمر أمام المعاكسات بعبارة «اللهم أني صائم». اختلفت آراء الفتيات بشأن طبيعة اللباس في شهر رمضان، بين من ترفض تغيير اللوك أو نوع الألبسة، وبين من تعمد إلى التغيير والإنقاص من التبرج سواء فيما يخص الماكياج، أو نوع الألبسة من باب اجتناب الفتنة وإبعاد الحسنات واحترام قدسية شهر رمضان. فالمتوجل بشوارع العاصمة وحتى مناطق أخرى تثير انتباهه مشاهد اللباس الفاضح التي تثير العين والقلب معا في شهر رمضان، وتقول سرين متربصة بالتكوين المهني بشارع حسيبة بن بوعلي وتقطن بالدار البيضاء أنها لا ترى ضرورة في تغيير ملابسها في شهر رمضان، فالأمر بالنسبة لها عادي جدا فهي لا تقترف ذنبا بارتدائها لسروال قصير وقميص دون أكمام لتضيف «مع حرارة كهذه لا يمكنني ارتداء قميص طويل أو سترة « كما أكدت أن تغيير نمط لباسها من أجل رمضان لتعود إلى سابق عهدها بعده شيئ من النفاق وهو حسبها أشد بغضا عند الله من لباسها هذا، في حين لم تجد سهام التي التقيناها بمحطة القطار حرجا في وضع ماكياج مثير من خلال الاكتحال، ولبس تنورة قصيرة، وقالت إن الصيام لا علاقة له بالماكياج. وعن سؤالنا حول أنها تبدو فاتنة بهذا المظهر، أوضحت أن من كان يصوم شهر رمضان إيمانا واحتسابا فإن وجهها لا يؤثر عليه لأنه لا يأبه لها أصلا كما هي لا تأبه لغيرها. أما خالد وهو شاب في الثلاثين من العمر، تاجر في أحد المحلات بالحراش، فقال عن مظاهر التبرج في رمضان «ما خلوناش نصومو، والله الواحد راهو يغض البصر بصح قالك يا بلا أجيني ولا نجيك»، في إشارة منه إلى أن التعامل مع النسوة بحكم عمله كبائع لألبسة نسوية يجعله أكثر احتكاكا وبالتالي فإنه من الصعب جدا تفادي النظر لمثل هؤلاء الفاتنات، وأضاف «الواحد ما تسلكو غير كلمة اللهم اني صائم لمسح الذنوب». ودعا الفتيات إلى تفادي التبرج حفاظا على أنفسهن وعلى غيرهن، موضحا أن بعض الفتيات بحرصهن على مظهرهن المثير والمغري وعدم التزامهن بالسترة، فهن من يشجعن الشباب على معاكستهن خاصة في ظل بعد الشباب عن التدين، معتبرا أن مثل هذه المفاتن بالألبسة أو وضع الماكياج تساهم في التقليل من حسنات الصيام التي نسعى لمضاعفتها في شهر رمضان. وختم قوله بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء،»وهو ما استنكرته إحدى الشابات التي كانت بمحله وردت عليه بظاهرة أخرى وهي أن أغلب الشباب لا يحترمون هذا الشهر، إذ يتطالون على الفتيات ويخدشن كرامتهن من خلال المعاكسات أو «التحراش» على حد تعبيرها، وقالت إن المشكل ليس في طبيعة اللباس، بل في الذهنيات التي لا تحترم الحريات الشخصية. تقربنا من بعض المتحجبات الفتيات اللواتي أكدن أن المرأة في رمضان عليها أن تحترم نفسها وتحترم الآخرين بأن ترتدي ملابس محتشمة لعدم إثارة الفتنة، باعتبار أن رمضان شهر عظيم وله سمته الخاص ويجب احترامه. وأوضحن ان ارتداء ملابس محتشمة وغير فاتنة وتفادي العري فيه خير وتجنب للمضايقات. حجاب بالنهار وتبرج بالليل في العادة كنا نشهد بعض الفتيات ممن لا يرتدين الحجاب يتوجهن لأداء صلاة التراويح بالمساجد وهنّ يرتدين الحجاب بأصوله ومنهن من تواظبن على بيوت الله حتى صلاة العيد، وهو أمر كثير من النساء في شهر رمضان ممن حرصهن على ارتياد الأسواق، وانشغالهن بالتزين والتطيب لها، حتى أصبحن فتنة لمن ينزل إليها يقضي حاجة أهله وأبنائه، كما إنَّ المتأمل في أحوالهن يتألم لمن جعلت دينها هواها، فآمنت بآيات الأمر بالصيام، وأحاديث الحث على القيام، ورمت وراء ظهرها آيات وأحاديث الحجاب والستر والاحتشام، وانطلقت تجوب الأسواق مُفتَتَنَةً فاتنة، بثيابها العارية وعطرها العاصف، وهي التي كانت تصلي خلف الإمام، غير أنه ما لفت انتباهنا خلال هذا الشهر الفضيل شيء غريب ومريب، حيث شاهدنا فئة أخرى من الفتيات يلتزمن بالسترة فى نهار أيام رمضان، فتجدها لا تخرج من بيتها وهي ترتدي الملابس الضيقة وتضع ما يغطى شعرها احتراما لشهر رمضان أو لأنها صائمة لكن ذلك لا يدوم إلى مابعد الإفطار، حيث يصادفك تغير حالها إلى ملابس كاسية عارية، كثيرة منها شفافة بحكم أنهن في فصل الصيف، وشعر متطاير، فتجدنهن يتجولن بالشوارع ومحلات الألبسة لتمضية السهرة الرمضانية إلى أوقات متأخرة من الليل وكأنك لم تصادف نفس الفتاة في نهارك، وهنّ يعتقدن، حسب آراء البعض منهنّ، أن في ذلك احترام للصوم والصائم، وهو ما يجرنا للتساؤل إن كانت حرمة الشهر في يومه دون ليله بعدما ألفناه تقرب إلى الله وطاعته ليلا ونهارا؟.