قبيل المغرب بدقائق تجدهم في طوابير مطاعم الرحمة بالنسبة إليهم، أو عابري السبيل بالنسبة لغيرهم، إنهم المتشردين، أناس بلا مأوى، دون مسكن، يبيتون في العراء، ويبيت أبناء جلدتهم في مساكن طيبة، رغم ذلك لا احتجاج، لا قطع للطريق، وهم بهذا أكثر إيمانا من بعض أبناء بلدهم، أو لنقل أكثر صبرا، لأن هؤلاء لا يطالبون بمسكن، كل ما يريدونه لقمة تسد الرمق، وهو ما وفرته مطاعم الرحمة مشكورة من قبلهم، لكن الصائم يحتاج للسحور، هذه النقطة غابت عن بال من ابتكروا مطاعم الرحمة، فصام هؤلاء المتشردين على سحور بارد مكوناته بقايا ما ترك معاشر الصائمين، غير أن هذه المعاناة تكون قد انتهت ولو مؤقتا، فقد وجد هؤلاء أخيرا من يفكر في مساعدتهم، إنها جمعية الإرشاد والإصلاح أول من بادر إلى تقديم وجبات سحور الى هذه الفئة المنسية في وطننا. بمقر المكتب البلدي للجمعية ببئر خادم، يلتقي أعضاء الإرشاد والإصلاح لإعداد عشرات الوجبات لأجل السحور، حيث يعمل شباب الجمعية على تجهيز طبق السحور بما جاد به المحسنون من تمر، لبن، كسكس، وبيض، إلى أن يسري جزء من الليل، فتخرج جماعة من نشطاء الجمعية إلى أحياء العاصمة، لتوزع وجبة السحور على نساء، رجال وأطفال القاسم المشترك بينهم، أنهم متشردين. بهذه الطريقة تمضي جمعية الإرشاد والإصلاح قدما في تجسيد مبادرتها الفريدة من نوعها. وقصد الاطلاع أكثر على حيثيات هذه المبادرة، كلمنا أحمد العرباوي المكلف بالشؤون الاجتماعية بالمكتب الولائي للجمعية بالجزائر العاصمة، حيث يقول محدثنا رن «الإرشاد» توزع يوميا ما يزيد عن 100 وجبة للمتشردين، فبعد أن يتم إعداد الوجبات بمقر الجمعية ببئر خادم، تقوم مجموعة من الشباب تضم 7 إلى 8 أفراد بالنزول إلى شوارع بلدية من بلديات العاصمة يتم اختيارها مسبقا، وفي هذا الصدد يقول محدثنا، أن العملية شملت في الأيام الأولى للشهر الفضيل، كل من بلديات الجزائر الوسطى، بوزريعة، باش جراح، المرادية، المدنية والسحاولة فبعد التنسيق مع نشطاء الجمعية بتلك البلديات تجري عملية التوزيع، فعلى سبيل المثال يضيف محدثنا جابت قافلة الإرشاد طيلة الأيام الأولى لشهر رمضان شوارع ديدوش مراد، ساحة الشهداء، البريد المركزي والسكوار، حيث كان اللاجئين السوريين الذين استفادوا كذلك من العملية. وتعكف الجمعية على توسعة العملية لتشمل كل بلديات العاصمة. وحسب ما نقله لنا المكلف بالشؤون الاجتماعية بجمعية الإرشاد، فعملية التمويل تكفل بها أحد المحسنين. في حين لم تتلق الجمعية أي مساعدة من الشركات ورجال الأعمال. وأكد أحمد العرباوي، أن الجمعية سبق لها أن قامت بنفس المبادرة السنة الماضية، كما قامت في فصل الشتاء بعملية مشابهة، حيث كانت توزع على المتشردين وجبات ساخنة استمرت طيلة أيام الشتاء، وهي العملية التي لاقت استحسانا كبيرا من هذه الفئة. في سياق متصل، أكد أحمد العرباوي أن جمعية الإرشاد تقوم كذلك بتقديم وجبات الإفطار في عدد من البلديات، على غرار رغاية وبئر خادم، وأضاف أن نشاط الجمعية لا يقتصر على وجبات الإفطار والسحور فحسب، بل شمل كذلك توزيع قفة رمضان، حيث تم توزيع 200 قفة على العائلات المعوزة، التي لم يتسن لها الاستفادة من قفة البلدية، سواء بسبب كثرة المسجلين، أو بسبب عدم تسجيلها في قوائم المستفيدين. كما أعلن عرباوي عزم الجمعية تنظيم حملة «صح عيدكم» عبر مختلف البلديات، يتم خلالها توزيع قفة العيد على الفقراء والمحتاجين، لبعث السعادة في نفوس هذه الشريحة أيام العيد.