الاسكافي أو «مصلح الأحذية « هي مهنة من بين العديد من المهن التي تكاد تندثر وتزول بزوال أصحابها عن ممارستها ممن بقوا أوفياء على مواصلة الاشتغال فيها من كهول وحتى الشيوخ الذين أبى حتى أبنائهم من الشباب مواصلة توارثها أو تعلمها كمهنة شريفة لكسب الرزق. ويعزف الكثير من الشباب اليوم عن تعلم مهنة الاسكافي «مصلح الأحذية « ويتحاشون الاشتغال فيها كمهنة مستقبلية توفر لهم مصدرا للرزق سواء لمشقة العمل بها وتطلبها الكثير من الصبر أو لإيجادهم حرجا في الاشتغال بمهنة اسكافي، رغم أن البعض حافظوا عليها لتحصيل لقمة العيش. فعمي حميد بوكوشة أحد الاسكافيين الإخوة الأربعة المتواجدة محالهم جنبا إلى جنب وسط مدينة بوڤرة بالبليدة وصاحب الستة وخمسين سنة يروي لنا عن قصة حياته مع هذه المهنة وكيف وقع اختياره عليها رغم أن أخويه اللذين يفوقانه سنا اتخذوها مهنة لهم قبله بسنين، يقول عمي حميد : « اعمل مصلح أحذية طوال 29 سنة فمنذ سنة 1983 و أنا أمارس مهنة الاسكافي التي أهواها بعد ان ورثتها عن الوالد رحمه الله بين أصوار محلي المتواضع هذا و الذي لا يفوق 3 أمتار طولا و المتر و النصف عرضا و أمارس مهنتي و أنا بين أدواتي من مساميري و مطرقتي التي احملها و الخيط الذي أخيط به أحذية الناس و أصلحها بلا كلل او ملل مقابل مبالغ زهيدة يدفعها الزبائن يضيف عمي حميد : «أنا اسعد بخدمة الناس وأفرح برؤية ابتسامتهم خاصة البسطاء منهم الذين يخرجون من محلي وهم جد فرحين بأحذيتهم التي اكتست طابعها الأول بعد تصليحها بإتقان» ولما جلسنا مع عمي حميد لاحظنا أن محله يقصده كل الناس الصغير والكبير الغني والفقير، يقول عمي حميد عن هذا الإقبال : «خلال الأيام الأخيرة قبل العيد يتضاعف عملي لكثرة إقبال الزبائن الطالبين خدماتي المتنوعة في إصلاح الأحذية الرجالية والنسائية القديمة منها والجديدة التي يريد أصحابها المحافظة عليها ولبسها بأكثر راحة سواء بإعادة خياطتها وتسميرها او توسيع المنطقة الخلفية للحذاء بإعادة قولبتها بواسطة الضغط». وأشار المتحدث إلى أن بعض الأحذية الصينية حتى مع تناسبها مع نفس قياس قدم أصحابها، إلا أن بعض العيوب تظهر عليها كأن يبقى جانب لتلك الأحذية محدبا ما يسبب ضغطا وتآكلا لقدم من يلبسها، فكثير من الناس يعانون الأمرين مع أحذيتهم الجديدة والتي تسبب لهم تقرحات جلدية تحرمهم من المشي بشكل عادي إن تغاضوا النظر عن المشكل وواصلوا المشي بها ما يؤدي الى عدم إمكانية لبسهم لحذاء لأيام عديدة تجنبا للاحتكاك، بل قد يستدعي الأمر منهم أحيانا زيارة طبيب الجلد، ان كانت الإصابات خطيرة وتتطلب معالجة تقرحات القدم الناجمة عن عيوب بأحذيتهم. في ذات السياق يرى عمي حميد أن الأحذية المتواجدة في السوق اليوم خاصة الصينية منها صناعتها غير متقنة، إذ تحمل عدة عيوب وهي غير صالحة للترميم، ما يجعل الناس تشتري أحذية كل شهرين أو ثلاثة لأنها لا تستطيع تصليح أحذية رديئة النوعية ما يجعل مهنتنا تنقص شيئا فشيئا. وذكر عمي حميد أن من بين المشاكل التي تواجههم إصابة أيديهم وأصابعهم بجروح بشكل يومي بالإبر والمسامير والمطرقة، نظرا لطبيعة عملهم التي تعتمد على اليد. كما أشار المتحدث إلى أن بعض الزبائن ممن يقصدونه لا يمكن إرضائهم بكيفية تصليح الأحذية «فمهما فعلت»، يقول المتحدث : «لن تقنعهم بطريقة تصليحك لأحذيتهم حتى وإن كانت متقنة، حيث يتطلب الأمر منا جهدا وصبرا كبيرا وتفانيا في العمل».