رغم أنهم يقضون العيد في ساحة بور سعيد ويبيتون في العراء، بعد أن عجز مضيفيهم حتى عن توفير خيم لائقة لهم، يستقبل السوريين كل من يسأل عنهم بابتسامة تخفي معها آلام وأحزان على فراق الوطن، الذي كان إلى وقت قريب من أأمن بلاد العرب، وحيرة من بلاد استضفتهم وأصبحت النظرة الدونية تلازمهم فيها، رغم ذلك فهم غير ناقمين على السلطات الجزائرية ولا على الشعب الجزائري، بل أكثر من ذلك فقد عبر البعض منهم عن امتنانهم للسلطات الجزائرية، التي يقول السوريين إنها قدمت لهم تسهيلات لا يقدمها أي بلد آخر. في ثاني أيام عيد الفطر المبارك وقصد الاطلاع على حال اللاجئين السوريين بالجزائر، وكيف يقضي هؤلاء العيد، قامت «البلاد» بالتوجه إلى ساحة بور سعيد «السكوار»، حيث التقينا بعدد من هؤلاء اللاجئين، وكان أول ما لفت انتباهنا لدى وصولنا إلى عين المكان، رفض هؤلاء التكلم مع الصحافة، حيث يقول لنا ممثل عنهم إنهم أجمعوا على عدم التكلم مع الصحافة الجزائرية، التي يحملها هؤلاء مسؤولية النظرة الدونية التي أصبح يحملها الجميع عن العائلات السورية، وفي هذا الصدد يقول محدثنا إن الصحافة الجزائرية جعلت فكرة المتسولين تنطبق على جميع السوريين رغم أنها حالات فردية، حيث لا يتجاوز عددهم 5 بالمئة من السوريين المتواجدين بالجزائر، والذين يفوق عددهم 12 الف لاجئ إلى حد الآن، حيث لا يزال يتوافد على الجزائر لاجئين كل يوم تقريبا، وقد صادفنا وصول شخصين قالا لنا إنهما جاء لتوهما من المطار، حيث سارعا إلى تفنيد أن يكونا مقيمان بالسكوار. الحرارة وراء هرب السوريين من سيدي فرج أما عن عدد السوريين المتواجدين بساحة بور سعيد، لم نجد أعداد كبيرة من السوريين بالساحة، مثلما كان عليه الحال قبل أيام، حيث يقول أحد ممثلي اللاجئين إن عددهم لا يتجاوز الستين فردا، بعد أن كان عددهم يفوق ال600 قبل شهر رمضان، وذلك بعد أن تم نقل معظم العائلات النازحة إلى سيدي فرج، حيث خصصت خيم لإيوائهم، غير أن الكثير منهم هرب من تلك الشاليهات، ومن بينهم الأفراد الدين وجدناهم بالسكوار، وقد أرجع هؤلاء سبب رفضهم البقاء بسيدي فرج إلى سببين رئيسيين، أولهما الحرارة الشديدة للشاليهات التي خصصت لإيوائهم، والتي وصفها أحد السوريين الذين تحدثوا ل«البلاد» بعد مفاوضات عسيرة مع ممثليهم للسماح لنا بالتواصل معهم، وصفها بالبيت الحديدي، إذ يقول إن الحرارة فيها تتجاوز الخمسين درجة، وهو ما لم يستطع أن يتحمله اللاجئين. أما السبب الثاني فهو العدد الكبير للاجئين، الذي يقابله ضيق مساحة المخيم، حيث يؤكد لنا محدثينا أن المخيم الذي أقيم بسيدي فرج لا تتجاوز الطاقة الاستيعابية له 200 عائلة، شأنه شأن جميع مراكز الإيواء التي خصصت لاستقبال السوريين في عدد من ولايات الوطن كالجلفة، الشلف، وهران وواد سوف. في حين يتجاوز عدد اللاجئين 12 الف سوري، حيث يقول أحد السوريين الذين غادروا مخيم سيدي فرج، إن «الشاليه» الواحد يأوي 10 أفراد، ما يتسبب في اكتظاظ يصعب تحمله، بالإضافة إلى غياب المرافق الضرورية. فمثلا يقول محدثنا المخيم يتوفر على مرحاض واحد يبعد 150 مترا عن «الشاليه» الذي كان يقطنه، وهو ما دفعه على غرار العائلات المتواجدة بساحة بور سعيد إلى مغادرة المخيم، حيث يقضي هؤلاء السوريين يومهم مجتمعين في ساحة بور سعيد، وفي الليل يلجأ البعض إلى المبيت في الفنادق. في حين يبيت البعض الآخر في بيوت يتم كراؤها بطريقة غير رسمية. السوريون يثنون على السلطات الجزائرية وعن منحة ال5000 دينار التي خصصتها وزارة التضامن للعائلات السورية، نفى السوريون المتواجدون بالسكوار أن يكون الإجراء مسهم، حيث يقول أحد السوريين لا أحد قدم لهم شيء يوم العيد، إلا أن العائلات السورية لم تنف وجود مساعدات تصلهم من المحسنين، حيث أثنى هؤلاء على الجزائريين الذين قالوا إنهم لم يرو منهم إلا الخير، بما في ذلك السلطات، إذ فاجاتنا العائلات السورية بحديثها عن تقديرها وعرفانها للسلطات الجزائرية، عما وصفه هؤلاء بالتسهيلات التي وجدوها والتي يقول أحدهم «لم نكن لنجدها في بلاد أخرى»، وعلى رأسها تمديد السلطات لفترة الإقامة من 3 أشهر إلى 6 أشهر، وهو الإجراء الذي ارتاح له السوريون، الذين يقولون إنه خفف عنهم الأعباء المادية المترتبة عن مغادرة البلاد كل 3 أشهر. استغلاليون يتربحون بأسمائنا رغم أن السوريين الذين تحدثنا إليهم أثنوا على الجزائريين، إلا أن ذلك يقول أحدهم لا يعني أنه ليس هناك بعض الأفراد لا يستحقون هذا الثناء، حيث يقول حسين وهو أحد اللاجئين السوريين، هناك أفراد يتربصون بالمحسنين الذين يأتون لتقديم المساعدات للعائلات السورية، حيث يدعي هؤلاء انهم يشرفون على مساعدة اللاجئين ليأخذوا تلك الأموال التي يقدمها المحسنون، ثم لا يعطوا للسوريين منها شيء.