وزير الداخلية يستقيل احتجاجا على انتقاد «ثوار اللجنة الأمنية العليا» ^ تقرير أمريكي: ليبيا غارقة في الأسلحة والحكومة فشلت في وقف الجرائم استخدم مهاجمون ليبيون جرافة لهدم مسجد يضم مقابر صوفيين في وسط العاصمة الليبية في وضح النهار، فيما يبدو أنه أكثر هجوم طائفي علانية في ليبيا منذ الإطاحة بمعمر القذافي. وأدان مسؤولون بالحكومة هدم مسجد سيدي الشعاب وألقوا بالمسؤولية على جماعة مسلحة قالوا إنها تعتبر مقابر وأضرحة الشخصيات الصوفية مخالفة للتعاليم الإسلامية. وكان هذا ثاني هدم لموقع صوفي في يومين. وفي وقت سابق قال مسؤول إن مسلحين «سلفيين» هدموا أضرحة لصوفيين مستخدمين قنابل وجرافة أخرى وأضرموا النار في مكتبة مسجد في مدينة زليتن بغرب ليبيا . وشوهدت الجرافة وهي تهدم مسجد الشعاب بينما طوقت الشرطة الموقع ومنعت الناس من الاقتراب. وقال مسؤول حكومي طلب عدم نشر اسمه «وصل عدد كبير من رجال ميليشيا مسلحين بأسلحة متوسطة وثقيلة إلى مسجد الشعاب معلنين نيتهم تدمير المسجد بسبب اعتقادهم بأن المقابر هي شيء مخالف للتعاليم الإسلامية»، مضيفا أن السلطات حاولت في البداية منعهم لكنها قررت -بعد اشتباك محدود- تطويق الموقع أثناء عملية الهدم لمنع أي امتداد للعنف. وقال عبد المنعم الحر المتحدث باسم مجلس الأمن الليبي الأعلى إن المجلس «ينضم إلى الإدانة». وتجد السلطات الليبية صعوبة في بسط سيطرتها على جماعات مسلحة ترفض تسليم أسلحتها عقب الثورة التي أطاحت بالقذافي العام الماضي. وفي الأثناء، استدعى محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام المنتخب حديثا في ليبيا رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب إلى اجتماع طارئ . وقال المقريف للصحفيين دون أن يذكر تفاصيل «ما يؤسف له حقا ويثير الشكوك هو أن بعض أولئك الذين شاركوا في أنشطة التدمير هذه من المفترض أنهم من قوات الأمن ومن الثوار». وأدان رئيس المؤتمر الوطني العام الليبي محمد المقريف عملية تدمير أضرحة صوفية في بعض المناطق، وقال إن المؤتمر سيعقد جلسة خاصة بحضور رئيس الوزراء ومدير المخابرات ووزيري الداخلية والدفاع وعدد من المسؤولين الآخرين للبحث في هذه التطورات. وقال المقريف إن ليبيا شهدت خلال اليومين الماضيين عددا من الحوادث الأليمة المؤسفة ذهب ضحيتها عدد من الأرواح البريئة، وجرى خلالها الاعتداء بالهدم والتخريب والحرق وإتلاف العديد من الممتلكات والأوقاف والوثائق والمخطوطات التي تمثل حلقة من تاريخ البلاد. وأضاف «المؤتمر لن يتردد في اتخاذ كل ما يستوجبه الموقف من قرارات حازمة تجعل مقترفيها خاضعين للملاحقة والمساءلة أمام القانون». واعتبر المسؤول الليبي أن تدمير المباني ذات الصبغة العلمية والثقافية والحضارية والتاريخية وتدنيس مقابر المسلمين ونبش القبور الموقوفة شرعا على أصحابها، «مرفوضة ومستهجنة ومستنكرة شرعا وعرفا وقانونا»، واستغرب «مشاركة المحسوبين على الأجهزة الأمنية والثوار في هذه الأعمال».ودعا رئيس المؤتمر الوطني العام -المنبثق من انتخابات السابع جويلية الماضي- القوات المسلحة على وجه الخصوص للاطلاع بمسؤولياتها للحفاظ على الوطن وسلامته والحفاظ على الثورة. في السياق ذاته، أكدت دار الإفتاء الليبية، في بيان أن تدنيس أضرحة مسلمين أو غير مسلمين مناف لتعاليم الإسلام، إلا أنها لم تدل بموقف مباشر من هدم أضرحة الأولياء. وندد العضو البارز في الجماعة الصوفية في ليبيا أسامة بويرة من جانبه ب«جهل من يقومون بالتدنيس، ويطلقون على أنفسهم تسمية سلفيين». وقال لوكالة الأنباء الفرنسية إن «هذه الهجمات لا تستهدف الصوفية فحسب، بل أيضا الثقافة والحضارة الإسلامية في ليبيا عموما». من ناحية أخرى، أعلن وزير الداخلية الليبي فوزي عبد العال أنه قدم أمس رسميا استقالته من منصبه إلى مجلس الوزراء. وقال في تصريحات لقناة «الجزيرة» مساء أمس، إن تقديم الاستقالة يأتي احتجاجا على العبارات التي قالها أعضاء في المؤتمر الوطني بحق الثوار في اللجنة الأمنية العليا، ويأتي كذلك في ظل المطالبات بحل اللجنة الأمنية العليا والاعتماد فقط على جهاز الشرطة, مشيرا إلى أن وزارته أبلت البلاء الحسن في التعامل مع الهزات الأمنية الأخيرة، مثل تفجيرات طرابلس وأحداث زليتن. وقال إنه لا يدري إن كانت الاستقالة قد قبلت أم لا، لكنه أكد أنها بالنسبة له «استقالة نهائية ولا تراجع عنها تحت أي ظرف كان». وفي تطور آخر، ذكرت صحيفة «وورلد تربيون» الأمريكية أن ليبيا أصبحت غارقة في الأسلحة التي تقع خارج نطاق سيطرتها، مشيرة إلى أن حلف «الناتو» أصبح يشعر بالقلق من انهيار السلطة في بها. وقالت الصحيفة في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني «حتى الآن، فشلت الحكومة الليبية في نشر قوات لفرض سيطرتها على البلاد ، ناهيك عن أن الشرطة غير قادرة على وقف الجريمة، حتى الصغيرة منها، في حين تعطلت برامج تدريبها في الأردن».