لا يزال بن سعيد مكي المدعو “الحاج مكي” بسنواته الثمتني والسبعين، يعد الذاكرة الحية لتاريخ المسرح المستغانمي، حيث أنه رافق مهرجان مسرح الهواة منذ نشأته ولا زال حتى اليوم يسجل مشاركته ويغذي طموحات وآمال هذا الموعد الذي يكاد يسجل سنته الخمسين. وبصفته شاهدا ومرجعا أساسيا؛ يحكي الحاج مكي الطريق الطويل الذي يعود إلى أواخر سنوات الثلاثينيات التي جعلت صديقه ورفيقه “سي الجيلالي بن عبد الحليم” يؤسس في سنة 1967 أحد أولى المهرجانات الثقافية في الجزائر المستقلة ويتناول في ذات المناسبة ذكرياته مع ولد عبد الرحمن كاكي جاره في الحي وصديق الطفولة. ويؤكد الحاج مكي على ضرورة العودة إلى سنة 1937 تاريخ إنشاء “فوج الفلاح” وهو أحد فروع الكشافة الإسلامية الجزائرية بمنطقة “تيجديت” في مستغانم الذي انضم إليه “سي الجيلالي بن عبد الحليم” كمنشط مسرحي، حيث قام مع مرور السنوات بإخراج العديد من المسرحيات منها “طبيب الأسنان الذري” واقتباس مسرحيات منها مسرحية للروائي والسينمائي الفرنسي “ساشا غيتري”. ويقول الحاج مكي، وفق تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية، إن ذلك المسرح “الملتزم منذ بداياته” والبريء في الظاهر “كان يحمل هدفا مستترا يرمي إلى إيقاظ وعي الشعب الجزائري حول ظروفه تحت الاستعمار” على غرار مسرحية “طبيب الأسنان الذري”، وهو تشبيه للاستعمار الممثل في العمل الفني ب”ضرس مسوس حار” في علاجه الطبيب والطالب (المعالج التقليدي). وفي سنة 1949 خلال مسابقة المسرح بشمال إفريقيا التي نظمت بالجزائر العاصمة؛ التقى “سي الجيلالي بن عبد الحليم” بعمالقة “الفن الرابع” الجزائريين على غرار مصطفى كاتب، كما يقول الحاج مكي، مضيفا أن “المقاومة بالمسرح فرضت نفسها بشكل لافت بعد أربع سنوات من مجازر 8 ماي 1945، وسي الجيلالي بن عبد الحليم أحد مناضلي حزب الشعب الجزائري الذي أسسه مصالي الحاج سنة 1937، جعل المسرح امتدادا لنضاله السياسي”. من ناحية أخرى، يقول المتحدث بخصوص إنشاء مهرجان مسرح الهواة، إن التوجه السياسي وضرورة الحصول على وسيلة تعبير هي التي دفعت سي الجيلالي بن عبد الحليم سنة 1967 إلى تشكيل “مجموعة تفكير” تتكون من أعضاء سابقين في “الكشافة الإسلامية الجزائرية” حول فكرة إنشاء مهرجان.