يعتبر المهرجان الوطني لمسرح الهواة الذي يوقع هذه الأيام طبعته الثالثة والأربعين، من أعرق المهرجانات المسرحية على المستوى العربي والمغاربي والإفريقي، حيث شكل ظهوره أول مرة على الخريطة الثقافية الجزائرية منعرجا مهما في مسار التنمية الثقافية، ليتحول فيما بعد إلى منبر حر للتعبير والبوح بهموم الفرد والجماعة. وقد كانت هذه التظاهرة ولا تزال جزءا من الحركة النضالية لرجال آمنوا بالمسرح قضية ورسالة لتتحول مستغانم إلى قلعة لهواة المسرح بفضل رجال عشقوا الركح حتى الثمالة ليكتبوا أعمالهم وتاريخهم وفنهم بأحرف من ذهب. سي الجيلالي الأب الروحي لهواة المسرح الجزائري يعد المسرحي مصطفى بن عبد الحليم سي الجيلالي من الشخصيات البارزة التي سجلها التاريخ الثقافي الجزائري بأحرف من ذهب، من خلال مساهمة الرجل في تأسيس المهرجان الوطني لمسرح الهواة مند العام .1967 فقد تشبع سي الجيلالي الذي يعتبر من موليد مواليد 04 أفريل 1920 بحي تجديت الشعبي بمدينة مستغانم، بالحس الوطني من خلال انخراطه المبكر في صفوف فوج الفلاح للكشافة الإسلامية الجزائرية، حيث مكنه نشاطه النضالي المتواصل من اكتشاف عالم الفن الثقافة حيث برزت مواهبه الإبداعية في مجال المسرح، ليسجل حضوره في تلك الفترة بكتابة وإخراج عدد من المسرحيات على غرار ''زواج بالرضا'' و''مجرمون''. وفي خضم تجربته المسرحية في صفوف فوج الفلاح، تمكن الشيخ الجيلالي من إقناع المسرحي ولد عبد الرحمان كاكي بالالتحاق بالممارسة المسرحية، حيث سجلت أولى تجارب كاكي المسرحية في الجمعية الثقافية السعيدية. وتكللت مسيرة الفنان الإبداعية والثقافية سنة 1966 بإعلان مجموعة من الفنانين والمثقفين تجسيد مشروع تأسيس مهرجان مستغانم للفن الدرامي الذي ظل لسنوات عبارة عن فكرة تراود المرحوم، حيث تم تنظيم أول تظاهرة ثقافية في مجال المسرح سنة 1967 بمشاركة مجموعة من الفرق تحت إشراف الكشافة الإسلامية الجزائرية وكذا نقابة المبادرة السياحية. عبد الرحمان كاكي مكتشف كنوز التراث المستغانمي ولد ولد عبد الرحمان كاكي في 1934 بولاية مستغانم، وقد تحول إلى علامة بارزة في المشهد الثقافي الجزائري من خلال مساهمته الفنية في مجال الإبداع المسرحي، حيث أثرث تجاربه المسرحية أرشيف المسرح الوطني منذ الاستقلال. اشتغل ولد عبد الرحمن كاكي على نماذج التراث الشعبي الشفهي وكتب أول نص مسرحي سنة 1953 وعمره لا يتجاوز 17 سنة من خلال احتكاكه المباشر بأعضاء الجمعية الثقافية السعيدية وهي أول فرقة مسرحية تحت اسم ''القرقوز''. اشتغل ولد عبد الرحمان كاكي أيضا على المسرح التجريبي، حيث ألف عددا من المسرحيات على غرار ''الشبكة ''، ''نهاية اللعبة''. وفي سنة 1989 دشن سلسلة من التظاهرات للجزائر المستقلة بعرض ''مسرحية 132 سنة'' والتي تناولت مختلف مراحل الاحتلال الفرنسي منذ 1830 إلى غاية ,1962 كما نال شهرة دولية ومحلية. لقد ألف ولد عبد الرحمان كاكي العديد من المسرحيات منها ''إفريقيا قبل عام''، ''ديوان القرقوز''، ''شعب الليل''، ''القراب والصالحون''، ''بن كلبون''. توفي ولد عبد الرحمان المدعو كاكي في سنة ,1995 عن عمرٍ يناهز 61 سنة.