تعود ربيعة جلطي برواية جديدة صادرة عن منشورات «الدار العربية للعلوم ناشرون» و«الاختلاف» ينتظر تقديمها بمعرض الجزائر الدولي للكتاب الذي ينطلق في العشرين من الشهر الجاري. وتتوجه «الشاعرة الروائية» في عملها الجديد إلى مجتمع الطوارق البدوي الذي تُجهل خفاياه، في الوقت الذي ينجذب إليه الغرب لما يكتنز من عادات وطقوس تميّزه عن المجتمعات الأخرى. ويبرز عالم الطوارق، الذي شكل المادة التخييلية التي أسست عليها ربيعة محكيها الروائي «نادي الصنوبر»، حيث تتسلّل ثقافة الصحراء إلى الرواية مثل كائن حافل بالحياة. ليس كفضاء جغرافي، بل بوصفها حسناء باذخة الحضور والإثارة، مع أن الأحداث الروائية تجري في المدينة التي قصدتها البطلة «عذرا»، بحثا عن شيء أو هربا من شيء ما. وتعيش عذرا في شقتها المقابلة للشقة التي أجرتها لثلاث فتيات قصدن المدينة من أنحاء مختلفة من الجزائر لغايات متباينة. وتقتحم ليلا عالمهن لتُشاركهنّ جلسة «الشاي» الشهيرة، وتنتشلهن من مخابئهن الداخلية لتستحضر معهن جغرافية الصحراء التي تخزنها الذاكرة بتحفيز من مشاعر الحنين «إنها بيننا، تأسرنا بأحاديثها، وتعمل أن يظلّ انتباهنا مستيقظا لسماعها، لكنها بعيدة جدا ونحن مجرّد كومبارس». وتشكل جلسة الشاي، وفق تقرير لموقع «الجزيرة نت» حول الرواية، طقسا يوميا «روتينيا» تقبل عليه «عذرا» بإصرار بليغ لقدرته السحرية على منحها أفقا جديدا للخروج من ضيق اللحظة التي تزحمها عبر نقلها إلى عالم رحب عاشته في الماضي عبر فضاء الصحراء الذي «يختلف في كلّ شيء عن هذه المدينة الباردة». وهو فضاء متخيل تحتفظ ذاكرة البطلة ببعض تفاصيله الآسرة، حيث يحرك طقس جلسة الشاي ثنايا كتاب مخزون حافل بأخبار أهل الصحراء الذين لا يُشبهون بعاداتهم وطقوسهم أي مجتمع آخر، وخصوصا في الاحتفاء المرأة ومنحها قيمة مضافة. من ناحية أخرى، تحمل الرواية نقدا مبطنا لواقع سياسي متردٍّ تنعدم فيه الديمقراطية، وتتضخم فيه ثروات الطبقة الحاكمة على حساب دماء الرعية وتضحياتها الجسام، حيث تعبر الشخصيات من خلال حواراتها عن سخطها وامتعاضها من سياسة القهر والإقصاء التي يسلطها حكم جبري على رقاب الناس. وتسعى الرواية، من خلال عوالمها الاستذكارية، إلى أن تجعل الماضي حلوا والحاضر مرا، منتقدة بذلك بهرجة الحضارة المدنية وتبعاتها على منظومة القيم الإنسانية، التي تتراجع بشكل يومي مفسحة المجال أمام تهافت القيم الاستهلاكية البديلة التي أحالت الإنسان مجرد شيء فارغ من المعاني التي منحتها إياه الطبيعة. ويتعلق الأمر هنا، خاصة بالمرأة التي كان يقدسها مجتمع الطوارق قبل أن تجعلها المدنية البراقة مجرد لعبة ممتعة خالية من قيم أصلت عليها في المجتمع البدوي الجزائري.