لن توقف العقوبات الامريكية المفروضة على الرئيس السوري حافظ الاسد الحملة السورية لسحق الاحتجاجات وربما تكون قد جاءت بعد فوات الاوان لاعطاء دفعة لموجة الاحتجاجات التي اندلعت قبل شهرين للمطالبة بمزبد من الحريات.واستهدفت واشنطن رئيس الدولة في سوريا لأول مرة وفرضت عقوبات تقضي بتجميد اصول الاسد وقال مسؤول بارز في الادارة الامريكية إن امامه الاختيار اما قيادة "التحول للديمقراطية واما الرحيل".ورفض مسؤولون في دمشق والمحللون السوريون هذه الخطوات. وذكرت الوكالة السورية للانباء (سانا) ان العقوبات اعتداء على الشعب السوري نيابة عن إسرائيل وتعهدت بالا يكون لها تأثير على ارادة سوريا المستقلة. ويوم الاربعاء اعلنت الولاياتالمتحدة عن خطوات رمزية إلى حد كبير لتصعيد الضغوط على الاسد لانهاء الحملة التي يقول نشطاء حقوق انسان انها اسفرت عن مقتل 700 مدني على الاقل.ويواجه الاسد - الذي تحكم اسرته التي تنتمي للاقلية العلوية البلاد منذ اربعة عقود - أخطر تحد لحكمه جراء الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة درعا الجنوبية في 18 مارس.ولم تتضح ماهية الاصول التي سيجري تجميدها ولكن مسؤولا امريكيا لمح إلى ان العقوبات ستكتسب اهمية اذا ما اتبعت بخطوات مماثلة من الاتحاد الاوروبي خلال الايام المقبلة.وقال عماد الشعيبي المحلل السياسي السوري "هذه العقوبات شكلية ولن تؤثر على سوريا" مضيفا انها تهدف على ما يبدو لدفع اوروبا لان تحذو حذوها. ودفع الاسد بدبابات وجنود إلى مراكز الاحتجاج الرئيسية عاقدا العزم على سحق المعارضة التي استلهمت انتفاضتين اطاحتا برئيسي مصر وتونس.وادانت واشنطن القمع ووصفته بالهمجي لكن سوريا تقول انها تواجه جماعات مسلحة يدعمها إسلاميون قتلت 120 من الجنود ورجال الشرطة واضافت انها تحرز انتصارات في معركتها ضدهم.وقال جوشوا لانديس استاذ دراسات الشرق الاوسط بجامعة اوكلاهوما "تأتي العقوبات ضد كبار المسؤولين الحكوميين في سوريا في وقت يحكم فيه النظام السيطرة على حركة الاحتجاج ويقمع المعارضة." وكتب لانديس على صفحته على شبكة الانترنت "تأتي العقوبات في وقت متاخر جدا كي تعطي زخما لحركة الاحتجاج. ربما تطيل امد الاحتجاج لكنها لن تطيح بالنظام."وقبل اندلاع الاضطرابات كانت القوى الغربية قد بدأت في إعادة فتح قنوات اتصال مع الأسد بعدما سعت لسنوات لعزله بسبب مساندة سوريا لمنظمة حزب الله وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ومساعدتها المزعومة لمتشددين يقاتلون القوات الامريكية في العراق. ويأمل البعض في اضعاف التحالف القوي مع إيران والذي عززه الاسد بعد توليه السلطة عقب وفاة والده في عام 2000 وتشجيع سوريا على ابرام اتفاق سلام مع إسرائيل التي لا زالت تحتل مرتفعات الجولان السورية التي استولت عليها في عام 1967.وقادت الولاياتالمتحدة واوروبا ادانة حملة الاسد ضد معارضيه وواجه ايضا انتقادات متزايدة من تركيا القوة الاقليمية التي رفض رئيس وزرائها رجب طيب اردوغان التفسير السوري لاحداث العنف. وعلى عكس ردة الفعل الدولية تجاه المعارك في ليبيا فان احتمالات التدخل العسكري في سوريا ضعيفة وقد اوضحت روسيا والصين معارضتهما لاي تحرك من جانب مجلس الأمن ضد سوريا.وقال حازم صاغية الكاتب في صحيفة الحياة ان تكثيف ضغوط الولاياتالمتحدة على الأسد قد يشجع المحتجين ولكنه توقع ان يصعد الرئيس السوري بدوره من الحملة ضد المحتجين.وأضاف "لا يملك الاسد رفاهية التغيير.. التغيير يعني التخلي عن السلطة والامتيازات.. اعتقد انه سيصعد القمع." وفي الاسبوع الماضي قالت مستشارة للرئيسي السوري ان سوريا تجاوزت اخطر لحظات الانتفاضة ووعد وزير في الحكومة باجراء حوار وطني في غضون ايام.وجاء رد فعل النشطاء متشككا ودعوا السلطات للافراج عن السجناء السياسيين وتعديل قوانين تمنح صلاحيات كاسحة لقوات الامن وضمان حرية التعبير.وقال وليد البني الذي اودع السجن مرتين لدعوته للديمقراطية "المعارضة ليست ضد الحوار ولكن ينبغي ان تضع هدفا تحويل سوريا من ديكتاتورية إلى ديمقراطية." وقال الاكاديمي السوري سامي مبيض ان من المستبعد ان تقدم الحكومة تنازلات فيما تستمر الاضطرابات واقترح "هدنة" تتوقف خلالها الاحتجاجات لاتاحة وقت للسلطات لتنفيذ اصلاحات.وذكر مبيض رئيس تحرير مجلة فورورد السورية التي تصدر باللغة الانجليزية "لن تقدم الحكومة تنازلات طالما الشارع في حالة هياج والمشهد الامني فوضوي."وبعد اسبوع تقريبا من وعد اجراء حوار لم يعلن عن المكان الذي سيجري فيه فعليا أو من سيشارك فيه ويراه المنتقدون اسلوبا للتسويف. وقال هلال كاشان استاذ العلوم السياسية في الجامعة الامريكية في بيروت "يقولون انهم سيبدأون حوارا وطنيا ولكن لا توجد ارضية لهذا الحوار."وأضاف "النظام الشمولي عاجز على الاصلاح."وذكر محلل في دمشق ان وعد الحكومة باجراء محادثات يتعارض مع "حملة قمع كاسحة وعشوائية تأتي بنتائج عسكية" ضد المحتجين.وقال المحلل الذي رفض نشر اسمه "دعوات النظام... لحوار وطني بينما يقمع اي امكانية لظهور شركاء حوار لديهم مصداقية."وتابع "في ظل هذا التوجه لن يجد (النظام) من يتعامل معه سوى جماعة الاخوان المسلمين وقادة الرأي العام الديني محليا رغم انه يفضل تهمشيهما بالتحديد."