اشتدت القبضة الحديدية ما بين وزارة العدل والنقابية الوطنية للقضاة التي تصر على مواصلة اضرابها، لإسقاط الحركة السنوية المعلنة من قبل وزير العدل، بلقاسم زغماتي، التي شملت قرابة ثلاثة آلاف قاض بين تحويل وإحالة على التقاعد، حيث تواصل إضراب القضاة لليوم الثاني، في وقت أعلنت وزارة العدل أمس تمسكها بهذه الحركة ودعت إلى تطبيقها. وارتفعت نسبة الاستجابة للإضراب الوطني في اليوم الثاني مقارنة باليوم الأول، حيث أعلنت النقابة الوطنية للقضاة بأن نسبة الاستجابة للنداء المتعلق بمقاطعة العامل القضائي ورفض التبليغ بمقررات الحركة السنوية للقضاء على مستوى مختلف الجهات القضائية عبر الوطن بلغت 98 بالمائة. وأشارت النقابة، في بيان مقتضب،أمس، إلى تعرض بعض القضاة المقاطعين إلى ضغوطات، حيث دعت ” بعض مسؤولي الجهات القضائية إلى الكف فورا عن الضغط عن القضاة المقاطعين واحترام قرارهم “. وتواصلت في الساعات الماضية للقبضة الحديدية بين الوزارة الوصية والنقابة، خاصة بعد دخول المجلس الأعلى للقضاء على خط المواجهة المفتوحة، وإعلان مجموعة من أعضائه في بيان عن إلغاء التغيير في السلك القضائي وإعلانه عن التغيير الذي كان قد أعلنه وزير العدل بلقاسم زغماتي الخميس الماضي. وكشف بيان وقعه 12 عضوا في المجلس، أن وزير العدل لم يتح للمجلس الاطلاع على القرارات والتغييرات التي أدرجت، وجاء في البيان أن “المكتب الدائم للمجلس الأعلى للقضاء لم يتمكن من مباشرة صلاحياته القانونية في إعداد تقرير الحركة السنوية المعلن عنها الخميس الماضي “. ومباشرة بعدها أصدرت وزارة العدل بيانا ردت فيه على البيان واعتبرت أن قرار إلغاء الحراك لا أثر قانوني له، وجاء في البيان: ” البيان المنسوب إلى المجلس الأعلى للقضاء غير قانوني وغير شرعي، ويعد خرقا لأحكام القانون العضوي الذي يتضمن تشكيل المجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحياته، ومساسا بصلاحيات وسلطات رئيس الدولة بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقضاء ونائبه وزير العدل اللذين يحوزان دون سواهما صلاحيات استدعاء المجلس الأعلى للقضاء”. أعضاء بالمجلس الأعلى للقضاء يطالبون بدورة استثنائية وأصدر تسعة أعضاء للمجلس الأعلى للقضاء بيان آخر ، أمس الاثنين، دعوا فيه، رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، لعقد دورة استثنائية، للنظر في المستجدات الأخيرة. وجاء في بيان للمجلس: "نحن أعضاء المجلس الأعلى للقضاء، في اجتماعنا المنعقد اليوم (أمس)، وبعد اطلاعنا على الرد الصادر عن وزارة العدل، والذي شكك في صحة البيان الصادر عنا، ورفضا لكل لبس نؤكد ما ورد فيه جملة وتفصيلا". والتمس الأعضاء من جهة ثانية، من رئيس الدولة، بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، عقد دورة استتثنائية للمجلس، لإيجاد حل مستعجل للوضع القائم. وبعثت وزارة العدل بمذكرة لرؤساء المجالس القضائية و النواب العامين تحذرهم فيها من إتخاذ مواقف غير مهنية. وقد وصلت هذه المواقف حسب المذكرة الممضاة من طرف الأمين العام للوزارة، لحد “قيام قضاة بتهديد زملائهم بسبب عدم مشاركتهم في الحركة الإحتجاجية”. وذكرت الوثيقة أن “هذا الموقف المتنافي وصلاحيات رئيس المجلس القضائي و النائب العام الذي يكون ملزما بالسهر على حسن سير الجهات القضائية وكذا العمل القضائي”. واعتبرت مصالح وزارة العدل أن مثل هذا التصرف يعبر عن عدم وجود الحرص الكامل من قبل بعض رؤساء المجالس و النواب العامين على أداء مهامهم. ونبه الأمين العام لوزارة العدل النواب العامين و رؤساء المجالس القضائية من خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد، والتي لا تتحمل أي تقصير في أداء المهام. وشددت وزارة العدل على ضرورة تطبيق النواب العامين و رؤساء المجالس القضائية للحركة التي أقرها المجلس الأعلى للقضاء. كما أمرت مصالح الوزارة رؤساء المجالس و النواب العامين بضرورة تبليغ القضاة بمحتوى الحركة والإلتحاق بمراكز عملهم الجديدة. ودعت إلى التسريع في تنصيب القضاة الداخلين و السهر على ادائهم الفعلي لمهامهم. ودعا الناطق الرسمي باسم الحكومة، حسان رابحي، أمس، في تصريح صحفي بقصر الثقافة، القضاة للاعتماد على الحوار من أجل إيصال انشغالاتهم إلى الوصاية، حتى تحل مشاكلهم وفق ما يقره القانون الجزائري. وقال رابحي، إن ” الدولة أقرت الحوار الذي يُعد السبيل الأمثل لحل كل المشاكل، لهذا نتمنى من القضاة أن يعتمدوا عليه لأنه المسلك الوحيد لحل اهتماماتهم وانشغالاتهم المرفوعة “. وعبر الوزيرعن ثقته بمن وصفهم بأهل القضاء والعدالة على أن يتولوا التخاطب مع وزارة العدل بما يحتكم لفضائل الحوار وبما يتوافق وحقوقهم المرفوعة.