اختتمت، أول أمس، الندوة الوطنية حول عبد الحميد بن هدوقة، أحد أهم الروائيين في الأدب الجزائري المعاصر باللغة العربية، بالمكتبة الوطنية الحامة بالعاصمة التي استضافت مُتدخّلين ومُحاضرين ودارسين لأعمال الرّاحل من الوطن كاملا، حيث تُعتبر المبادرة وفاءً للذّاكرة الثّقافيّة للجزائر وإحياءً لرموز التّفكير والثّقافة. ويشكّل عبد الحميد بن هدوڨة طفرةً في السّرد الجزائريّ، واعتبرت أعماله تأسيسيّة في الكتابة باللّغة العربيّة، وخلال عقود كاملة احتفى به القارئ وما يزال، وأعاد قراءته المهتمّون بالأدب في الجزائر وخارجها. وكانت وزيرة الثقافة لدى افتتاح اللقاء والذي نظم بالمكتبة الوطنية بالحامة تحت شعار "الرواية الجزائرية … من التأسيس إلى التكريس"، قد اعتبرت فيها عبد الحميد بن هدوقة -في كلمة لها- رجلا سخيا وحاملا للقيم ولهذا فهو أكبر من النسيان، وأضافت أنه كان كاتبا من طينة الأدباء الجزائريين الكبار أمثال محمد ديب وكاتب ياسين ومولود فرعون وآسيا جبار ومالك حداد والطاهر وطار وأخرين، واصفة أعماله بالجبارة والمشبعة بالنضج والبصيرة والواقعية. وقد ُتبع تدخل الوزيرة بمحاضرتين نشطهما كتاب جامعيون حول أعمال الروائي ومقاربته الثقافية والسياقية للواقع الجزائري، كما تطرق الكتاب الجزائريون عبد العزيز بوباكير وعبد الحميد بورايو وجيلالي خلاص ومحمد ساري ومحمد داود ومحمد تحريشي إلى العديد من الجوانب المرتبطة بالذكاء الأدبي لعبد الحميد بن هدوقة أحد أعمدة الرواية الجزائرية المعاصرة باللغة العربية. واعتبر الكاتب والمترجم عبد الحميد بوباكير أن العمل الواقعي لعبد الحميد بن هدوقة طبعته إنسانية عميقة في حين وصفه زميله جيلالي خلاص بالحداثي، ومن جانبه، اتخذ محمد داود موضوعا للدراسة "الجازية والدراويش" للتأكيد على البعد الابستمولوجي والانثروبولوجي للروائي. يُشار إلى أنه قد صدر عن دار الوطن اليوم للنشر كتاب حول الروائي عبد الحميد بن هدوقة ضم شهادات لكتاب من مجايليه على رأسهم عبد العزيز بوباكير وجيلالي خلاص وعبدالحميد بورايو والسعيد بوطاجين وعبد العزيز غرمول وآخرون، ويضم هذا الكتاب الجماعي الذي أشرف على نسخته الجديدة المزيدة والمنقحة الكاتب والإعلامي عبد العزيز بوباكير، بعنوان "عبد الحميد بن هدوقة رائد الرواية الجزائرية" حيث صرح أنه جاء لإثراء المكتبة الجزائرية وإحياءً لذكرى أحد مؤسسي الرواية المكتوبة بالعربية في الجزائر كما ضم للطبعة القديمة التي صدرت عن وزارة الاتصال والثقافة في تسعينات القرن الماضي مقالات لم تنشر من قبل، إضافة إلى استكتابه لمجايلي وأصدقاء الأديب الراحل. يُذكر أن الحميد بن هدوقة (09 جانفي 1925-21 أكتوبر 1996)، صاحب أول رواية جزائرية مكتوبة باللغة العربية، ريح الجنوب التي نشرت في سنة 1971، تسع سنوات بعد استقلال الجزائر، صدرت عن المؤسسة الوطنية للنشر و التوزيع بالجزائر. ترجمت في 1975 من قبل صديقه مارسيل بوا و حولت لفيلم سينمائي من إخراج سليم رياض. ويعد بن هدافة من أشهر الأدباء الجزائريين، له عدة روايات وقصص قصيرة، كما شغل العديد من المناصب، ولد بقرية الحمراء التابعة لمنصورة بولاية برج بوعريرج، ونشأ في عائلة اشتهرت بالعلم في كامل المنطقة حيث كان والده الذي تلقى العلم في جامعة القرويين بفاس بالمغرب، فقيها ومعلما درّس القرآن وأصول الفقه والأدب واللغة في مختلف قرى المنطقة بين برج بوعريرج والمسيلة وغيرها.