انطلقت أول أمس بقاعة ابن زيدون برياض الفتح، فعاليات الطبعة الثانية لمهرجان موسيقى الجاز "alger meeting jazz" وسط حضور جماهيري كبير من محبي هذا النوع من الموسيقى، واستمتع الحضور طيلة السهرة الأولى بأداء فرقة "مدار" الجزائرية التي استطاعت بطريقة فريدة المزج بين الطبوع المحلية من حوزي وأندلسي وشعبي مع موسيقى الجاز العصرية، وكان الهدف من هذا التعريف بالطبوع الموسيقية الجزائرية من خلال مزجها بموسيقى الجاز العصرية، وقد لاقت هذه الطريقة اهتماما جماهيريا واسعا خصوصا لدى الجمهور الغربي الذي تعرّف على الموسيقى الجزائرية بطريقة الجاز العصرية وبواسطة فرقة "مدار" التي لم يتعدا العامين. عمره كما ستشهد هذه التظاهرة، مشاركة وجوه فنية جزائرية معروفة وفرق عالمية شهيرة على غرار الفنان العالمي ماريو كانونغ من جزر المارتينغ يضاف إلى ذلك مشاركة فرقة راغا تريو من سويسرا، وباسكال شير، بالإضافة إلى فرقة "سينوج" من قسنطينة والعازف الجزائري فيصل صالحي. للإشارة فإن الإرهاصات الأولى لموسيقي الجاز بدأت تقريباً في منتصف القرن التاسع عشر في ولاية نيو أورليانز الواقعة على نهر المسيسبي الهادئ، حيث احتوت تلك المدينة في ذلك الوقت خليط من المهاجرين الأسبان والإنجليز والفرنسيين يكونون معاً طبقة الأسياد، حيث يمتلك كل منهم عددا وفيراً من العبيد الذين يسخرونهم في جميع الأعمال وخاصة الزراعة. وفي هذه الظروف التاريخية والسياسية والاجتماعية التي تزامنت مع إلغاء نظام الرق والعبودية عام 1863 ونهاية الحرب الأهلية الأمريكية عام 1865 من جهة أخرى، وجد العبيد الزنوج أنفسهم أحرار في مدينة نيو أورليانز التي تكثر فيها صالات الرقص الأوربي مثل الفالس والبولكا التي تنتشر في كل أنحاء المدينة خصوصاً شارع رامبارت، وهكذا بدأت الموسيقي الأوربية رويداً تختلط بالإيقاعات والألحان التي احتفظ بها الزنوج وتوارثوها جيلا بعد جيل لأنهم كانوا يردّدونها أثناء العمل في حقول القطن وأثناء سمرهم في ميدان الكونجو، كما أخذ الزنوج يستعدون هذه الإيقاعات من خلال صنع الطبول الضخمة التي تسمى تام تام أو بامبولاس، وامتزجت تلك الألحان الإفريقية أيضاً بالألحان التي تعلموها في الكنيسة الكاثوليكية والبروتستانية مع صرخات عذاب العبودية وتعبيرات روحهم المكتئبة المتأثرة بالموسيقى الوثنية والموسيقى الأوربية.