أشاد ممثلو مختلف النقابات بتوجه الحكومة بفتح نقاش واسع حول تقديم مقترحات حول كيفية ممارسة الحق النقابي وفقًا لمضامين الدستور، والقوانين السارية للجمهورية والقوانين الدولية مع الأخذ بعين الاعتبار أن العمل النقابي ركيزة من ركائز الديمقراطية، كما هو مكرس في الدستور وكذا العودة إلى أبجديات العمل النقابي المعمول به دوليا والمتمثلة في الدفاع عن حقوق العمال وترقية مناخ العمل. وفي هذا الإطار، قال مزيان مريان رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "سنابست"، إنه يجب التأكيد على أمر ما وهو صعوبة الفصل بين العمل النقابي والسياسي، فأغلب المطالب التي ينتفض من أجلها العمال اليوم لها علاقة بالجانب السياسي، واستدل المتحدث بالنضال القائم حاليا من أجل القدرة الشرائية والدفاع عنها والزيادات القياسية المسجل في الأسعار. وقال المتحدث، ل"الجزائر الجديدة" إن العمل النقابي مرتبط في جميع بلدان العالم بالسياسية وليس "السياسوية"، ولتسهيل العمل النقابي، اقترح مزيان مريان تكريس الحرية النقابية من أجل التحكم في الفوضى التي تميز بعض القطاعات، مشيرا إلى أن بعض الانتفاضات العشوائية التي تشهدها مختلف القطاعات بين الحين والآخر تعود إلى تضييق الخناق الممارس على بعض النقابات وهو ما حدث مع احتجاجات التربية بوهران العام الماضي والتي امتدت لتشمل خمسة ولايات أخرى ولم تحمل أي غطاء نقابي. وفي شهر نوفمبر الماضي، أصدرت الكنفدرالية الوطنية للنقابات الجزائرية بيانا تدين فيه ما اعتبرته تضيقا على الحريات النقابية، كما رفعت في أكتوبر الماضي مراسلة إلى الوزير الأول وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان تطلبه فيها بوقف التضييق على النقابات المستقلة وإطلاق حوار اجتماعي وجاد تكون النقابات عضوا فيه. وشدد رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني "سنابست" على ضرورة فتح مفاوضات جادة مع الشركاء الاجتماعيين والتكفل أكثر بانشغالات العمال وعدم الاكتفاء بالمركزية النقابية، وقال إن الساحة النقابية تعج بالعشرات من التنظيمات النقابية الجديدة واستدل في ذلك بالكنفدرالية الوطنية للنقابات الجزائرية التي تضم أكثر من 13 نقابة قطاعية وعدد معتبر من المنخرطين. ومن جهته شدد النائب البرلماني السابق والمكلف بالإعلام سابقا في نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين "انباف"، مسعود لعمراوي، على ضرورة تعزيز الحقوق المكتسبة للعمال، وتعزيز حماية المندوب النقابي ضد أي قرار تسريح تعسفي، وأن تكون التعديلات مدعمة للحريات النقابية، ومراجعة لعملية التمثيل النقابي، والسماح بتأسيس فيدراليات، وكونفدراليات واتحادات عمالية". إضافة إلى هذه المقترحات، طالب مسعود لعمراوي بإلغاء اشتراطات حول التمثيل النقابي الذي يفرض على النقابة أن تحوز 20 في المائة على الأقل من عمال وموظفي القطاع كي تكون نقابة قابلة للتفاوض مع السلطات في القضايا والمطالب المهنية والاجتماعية. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون قد كلف حكومة ايمن بن عبد الرحمن بإطلاق حوار موسع مع النقابات العمالية والهيئات الدستورية بهدف صياغة مسودة قانون جديد يتعلق بممارسة العمل النقابي والحريات النقابية وفصل الأنشطة النقابية عن الأحزاب والنشاط السياسي في البلاد. وأكد الرئيس، أمس الأول، خلال اجتماع مجلس الوزراء، أنه يتعين على الحكومة وشدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون على ضرورة الابتعاد نهائية ضمن القانون عن الممارسات السياسية والارتباط العضوي بين النقابات والأحزاب لاستبعاد أية علاقة مشبوهة بين النقابات والأحزاب السياسية، على غرار منع القيادات الحزبية من تبوؤ مناصب في النقابات العمالية، لمنع توظيف الأنشطة النقابية لأغراض وغايات سياسية من قبل أحزاب وتيارات أيديولوجية، وكذا منع النقابات من إبداء مواقف سياسية لا صلة لها بالعمل النقابي. وفي السياق ذاته شدد وزير التربية الوطنية عبد الحكيم بلعابد على الفصل بين العمل النقابي والتجاذبات السياسية، وقال بلعابد خلال لقائه، أمس، مع قادة النقابات إنه "يتوجب الفصل بين العمل والحق النقابي المكرس للديمقراطية عن أي أمور أخرى".