بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية غينيا بيساو    السيد بوغالي يتحادث مع رئيس برلمان غانا    زروقي: الدولة تولي أهمية قصوى لتجسيد مشاريع المواصلات لفك العزلة عن المناطق الحدودية    السيد حيداوي يشيد بدور الكشافة الإسلامية الجزائرية في ترسيخ القيم الوطنية    إطلاق مخطط مروري جديد في 5 فبراير المقبل بمدينة البليدة    توقيف شخص بثّ فيديو مخلّ بالحياء في منصات التواصل الاجتماعي    الثلوج تغلق 6 طرق وطنية وولائية    معسكر: الشهيد شريط علي شريف… نموذج في الصمود والتحدي والوفاء للوطن    إنتاج صيدلاني : حاجي يستقبل ممثلين عن الشركاء الإجتماعيين ومهنيي القطاع    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن يومي الجمعة و السبت    ميناء الجزائر: فتح أربعة مكاتب لصرف العملة الصعبة بالمحطة البحرية للمسافرين "قريبا"    دورة "الزيبان" الوطنية للدراجات الهوائية ببسكرة : 88 دراجا على خط الانطلاق    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يحول الضفة الغربية إلى سجن مفتوح بوضع عشرات البوابات الحديدية    فايد يؤكد أهمية تعزيز القدرات الإحصائية من خلال تحديث أدوات جمع البيانات وتحليلها    اللجنة الاستشارية ل"أونروا" تطالب الكيان الصهيوني بتعليق تنفيذ التشريع الذي يحد من عمليات الوكالة في فلسطين المحتلة    رئاسة الجزائر لمجلس الأمن: شهر من الإنجازات الدبلوماسية لصالح إفريقيا والقضايا العادلة    كرة القدم/الرابطة الأولى "موبيليس": مباراة "مفخخة" للمتصدرواتحاد الجزائر في مهمة التدارك ببجاية    فلسطين: غوتيريش يطالب بإجلاء 2500 طفل فلسطيني من غزة "فورا" لتلقي العلاج الطبي    انتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الامة المنتخبين: قبول 21 ملف تصريح بالترشح لغاية مساء يوم الخميس    السوبرانو الجزائرية آمال إبراهيم جلول تبدع في أداء "قصيد الحب" بأوبرا الجزائر    وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي السابق بوكالة الأنباء الجزائرية محمد بكير    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد ينهزم أمام شباب قسنطينة (0-2), مولودية الجزائر بطل شتوي    وزير الثقافة والفنون يبرز جهود الدولة في دعم الكتاب وترقية النشر في الجزائر    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية بوتسوانا    وزير الصحة يشرف على لقاء حول القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الخاصة بالقطاع    وزير الصحة يجتمع بالنقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية    فلسطين... الأبارتيد وخطر التهجير من غزة والضفة    اتفاقية تعاون مع جامعة وهران 2    بوغالي في أكرا    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    التلفزيون الجزائري يُنتج مسلسلاً بالمزابية لأوّل مرّة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    الأونروا مهددة بالغلق    محرز يتصدّر قائمة اللاعبين الأفارقة الأعلى أجراً    لصوص الكوابل في قبضة الشرطة    شركة "نشاط الغذائي والزراعي": الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بأربع ولايات    تحديد تكلفة الحج لهذا العام ب 840 ألف دج    السيد عرقاب يجدد التزام الجزائر بتعزيز علاقاتها مع موريتانيا في قطاع الطاقة لتحقيق المصالح المشتركة    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    عبادات مستحبة في شهر شعبان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



.. وتتواصل معاناة الطبقة الشغيلة
الجزائر تحتفل بعيد العمال
نشر في الفجر يوم 29 - 04 - 2014

الدولة تتعامل مع أجور الطبقة العمالية بمنطق "الدفع لمن يضغط أكثر" / قطاع التربية سجل أكبر ضغط ب30 إضرابا منذ 2003
التعددية النقابية المدافعة عن "الشغيلة".. خطوات نحو الوراء / سياسة المهادنة على حساب حقوق العمال تفتح النار على المركزية النقابية
تحتفل الجزائر غدا بعيد العمال الذي يتزامن مع الفاتح من شهر ماي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية مميزة، حيث ما يزال العامل الجزائر يكافح ويناضل ويعاني الويلات في طريق مليء بالعقبات وهذا بحثا عن العيش الكريم وتحسين ظروفه الاجتماعية والمهنية وضمان قوت عائلته اليومي، عكس المسؤولين السامين الذين يعيشون حياة البذخ والرخاء. في ظل هذه الاحتفالات يبقى الاتحاد العام للعمال الجزائريين الشريك الرسمي والوحيد للحكومة خلال لقاءات الثلاثية رغم بروز نقابات مستقلة قوية في قطاعات مهمة على غرار التربية والصحة والتي تمكنت من افتكاك مطالبها دون المرور عبر نقابة سيدي السعيد، بينما تبقى النقابات الأخرى تواصل شق طريقها في رحلة البحث عن تحقيق المكاسب والمطالب. لكن الأكيد أن الضحية الأولى والأخيرة يبقى العامل البسيط الذي يحتفل بعيده العالمي وهو يبحث عن من يستجيب لنداءاته ويحقق له مطالبه الاجتماعية التي بقيت تراوح مكانها لعقود من الزمن.
بين تحقيق المكاسب العمالية والتضييق على نشاطها
التعددية النقابية المدافعة عن ”الشغيلة”.. خطوات نحو الوراء
يتعارض الخطاب الرسمي المروج لإدراج إصلاحات عميقة في العمل السياسي والنقابي مع الواقع الذي أعاد سن قانون الجمعيات الجديد الذي تبناه البرلمان في جانفي 2012 بالعودة خطوة إلى الوراء بالنسبة إلى حرية تكوين النقابات المستقلة التي يناهز عددها 60 نقابة تدافع عن حقوق العمال في مختلف القطاعات الحكومية، بيد أن أغلبها لا تملك وصلا قانونيا لنشاطها من وزارة الداخلية. سارع مناضلون من الاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى تطليق العمل معها وتأسيس نقابات مستقلة حقيقية تدافع عن ”بروليتاريا” الكادحين في قطاعات الصحة والتعليم والتربية والجماعات المحلية خلال العقدين الأخيرين، رغم إخفاقها في الجلوس على طاولة التفاوض مع الحكومة عبر الثلاثية وسحب البساط من المركزية النقابية، فهل كانت ظاهرة التعدية النقابية ”صحية” بالنسبة للحقل العمالي أم ”شتتت” مطالبهم؟ ولا يمكن إغفال الجوانب المشعة في ممارسة العمل النقابي الحر، فقد سارعت كونفدرالية النقابات الجزائرية إلى الاحتجاج أمام مقر قصر الحكومة ضد إقصاء 59 نقابة مستقلة من المشاركة في لقاء الثلاثية الأخير، بعد أن شكك رؤساء التنظيمات النقابية في مصداقية الحوار الاجتماعي، خصوصا وأنه يحسب لهاته النقابات تحقيق مكاسب عمالية في رفع الأجور وتعديل عدة قوانين كما هو الحال في قطاع التربية والصحة، ليس عبر الحوار وإنما بالضغط عن طريق شن إضرابات أصابت الإدارات العمومية بالشلل مرارا وتكرارا، وهو الوضع الذي أسفر عن ممارسة تضييق كبير عن نشاطها في الشارع أو حتى عدم إعطائها الصبغة القانونية فقد أثارت مثل هاته الضغوط حفيظة ”هيومن رايتس ووتش” مؤخرا التي قالت إن الاستراتيجية المعتمدة الجديدة عبر قانون 2012 تضع المنظمات المستقلة الجديدة والقديمة في مأزق قانوني، وتحد من قدرتها على عقد اجتماعات عامة، بينما العشرات منها لم تحصل على وصل قانوني، كما ينص القانون رقم 1206 على أن تحصل الجمعيات على وصل تسجيل من السلطات قبل الشروع في العمل بشكل قانوني. ويمكن للسلطات أن ترفض تسجيل جمعية ما إذا قررت أن محتوى وأهداف أنشطتها تتعارض مع ”الثوابت والقيم الوطنية والنظام العام والآداب العامة وأحكام القوانين والتنظيمات المعمول بها”.
وتوفر هذه المعايير للسلطات هامشا كبيرا لعرقلة الاعتراف بأية جمعية. من جهته الاتحاد الأوروبي ينتقد الجزائر ويقول إنه ما يزال أمامها الكثير ”مما يجب فعله كما الحال بالنسبة للحريات النقابية والجمعيات”، وهي انتقادات تضاف إلى اتهامات منظمات حقوقية للسلطات بالاستمرار في منع الاجتماعات والتظاهرات، ما يعتبر مسا مباشرا بالحريات النقابية وحرية إنشاء الجمعيات، وبالتوظيف التعسفي للجهاز القضائي والقانون ضد حرية الإضراب.
أمين لونيسي

يحلمون برفع ”السميغ” من 18 إلى 25 ألف دج
الاحتجاجات تهز عديد القطاعات.. والحكومة تؤجل المطالب إلى حين
مازال السواد الأعظم من العمال في الجزائر في عيدهم العالمي يناضلون لانتزاع مكاسب جديدة على رأسها رفع الأجر القاعدي من 18 ألف دج إلى 25 ألف دج، لمواجهة كابوس تدني القدرة الشرائية وانخفاض قيمة الدينار الجزائري. وهي نضالات حققت فيها بعض القطاعات العمالية مكاسب في حين مازالت قطاعات أخرى تناضل لانتزاع مكاسب أخرى مستفيدة من البحبوحة المالية التي تعيشها الجزائر، لتواصل الكر والفر بين النقابات والحكومة لتبقى لغة الحوار في الكثير من الأحيان هي الاحتجاجات.
تتباين الظروف الاجتماعية للعمال في الجزائر، حتى وإن كان الجميع يشتكي من سوئها، إلا أن الواقع يؤكد أن بعض القطاعات استفادت في السنوات الأخيرة من مكاسب كبيرة بفضل نضالات النقابات المستلقة التي تجيد الضغط على السلطة في تنظيم احتجاجات تخافها السلطة كثيرا، خاصة في ظل الظروف الإقليمية التي تعيشها ورغبتها في الابتعاد كلية عن أي شرارة تهدد البلاد بالاستقرار في عز الحملة الانتخابية للرئيس بوتفليقة الذي نجح في افتكاك عهدة رابعة.
غضب تجنبته السلطة بفضل سياسة المهادنة ورفض المواجهة المباشرة ويعتبر قطاع التربية بأكثر من 600 ألف عامل من القطاعات التي حققت امتيازات كبيرة على رأسها رفع الأجور بدرجة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، ومراجعة بعض القوانين الأساسية، كون القطاع من القطاعات الحساسة التي يكلف الإضراب فيها العبث بمستقبل 8 مليون تلميذ جزائري، ورغم المكاسب المحققة إلا أنه لحد الساعة لم تكتف النقابات بما حققته، خاصة ما تعلق بملف الفوارق بين عمال قطاع التربية والتكوين، حيث يشتكي بعض المستخدمين من سياسة المحاباة وتفضيل رتب وأصناف على أخرى. ويعد عمال قطاع الإعلام العمومي بدورهم من المحظوظين بعد القانون الأخير، الذي حدد سلم الأجور وتصنيفهم عبر الخبرة، حيث لا يقل الأجر الأدنى في القطاع العام عن 50 ألف دج، كما حصل هؤلاء على الزيادات بأثر رجعي منذ جانفي 2012 في وقت يواجه فيه زملاؤهم في القطاع الخاص مصاعب جمة على رأسها تدني الأجور واستغلال بعض الجرائد للصحفيين.
ورغم علم الوصاية باعتراف وزير الاتصال الأسبق ناصر مهل، إلا أنه لا شيء تغير بحجة أن القطاع الخاص خارج مسؤولية الدولة والحقيقة أن المكاسب التي حققها قطاع التربية تحولت إلى فتنة عند باقي القطاعات الأخرى، خاصة قطاع الصحة، الذي لم يقنع بالمكاسب التي حققها، مطالبا بامتيازات لا تقل عن امتيازات قطاع التربية، خاصة ما تعلق بالقوانين الأساسية لعمال القطاع.
من جهة أخرى، نجد السواد الأعظم من العمال غير راض بالرواتب التي لا تتناسب والظروف الاقتصادية، خاصة في ظل غلاء الأسعار وانخفاض قيمة الدينار، لتطالب برفع الحد الأدنى للأجر القاعدي من 18 ألف دج إلى 25 ألف دج بعد مرور نحو ثلاث سنوات على آخر زيادة، وفيما كان ينتظر العمال بشرى من الاجتماع الأخير للثلاثية فضلت الحكومة تأجيل الأمر، كما أرجأت إلغاء المادة 87 مكرر إلى قانون المالية لعام 2015 نظرا للتبعات المالية، وهو المطلب الأساسي الذي ينتظر إلغاءه جميع العمال كونه الكفيل برفع أجور عمال مختلف القطاعات.
فاطمة الزهراء حمادي
قطاع التربية سجل أكبر ضغط ب30 إضرابا منذ 2003
الدولة تتعامل مع أجور الطبقة العمالية بمنطق ”الدفع لمن يضغط أكثر”
”النضالات النقابية وحدها التي تضغط على الحكومة والسياسيون خارج مجال التغطية” و”نعتذر عن الإضراب ولكن الحكومة لن تستجيب إلا بالضغوط” هي عبارات تستخدمها مختلف النقابات الممثلة للعمال في العديد من القطاعات الحساسة التابعة للوظيف العمومي في الجزائر، قصد تحقيق هدف الزيادة في الأجور، معتبرة أن الضغط النقابي يمثل الشرعية الوحيدة لاستعادة كرامة الموظف المهضومة، كما يدل الواقع أن الطبقة السياسية لم تمثل يوما ضغطا على الحكومة لتحقيق مطلب الزيادة في الأجور.
يرى المنسق الوطني للنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مزيان مريان، في اتصال مع ”الفجر”، أن النضال النقابي وحده مثل ورقة ضغط على الحكومة في سبيل تلبية مطلب الزيادة في الأجور وليس النضال السياسي الذي حسبه لم يحمل أي جديد للطبقة الكادحة في الجزائر، قائلا ”تمنينا أن يكون النضالان السياسي والنقابي متوازيين لكي لا يأكل التضخم تلك الزيادات التي أقرتها الحكومة لبعض القطاعات قصد المحافظة على القدرة الشرائية”.
وأشار مزيان مريان إلى أن نقابات التربية مثلت أكبر ضغط للحكومة قصد افتكاك مطالب إنصاف هذه الفئة، حيث قامت نقابات التربية ب30 حركة احتجاجية منذ 2003 بمعدل ثلاثة احتجاجات في السنة الواحدة، من دون تدخل أي جهات سياسية، وعدا التنظيمات النقابية تدفع التنظيمات الدولية خاصة الحقوقية منها الحكومة إلى الاستجابة لمطالب العمال، حيث أكدت من خلال تقاريرها السنوية أنه من حق الجزائريين أن يطالبوا بمرتبات تتوافق ومهنهم، خصوصا إذا تعلق الأمر بالأساتذة وهيئات التدريس بصفة عامة، لذلك أصبح من الضروري مراجعة سياسة الأجور غير العادلة التي تمت وفق ضغوط اجتماعية ودواع قاهرة صنعتها أزمات دول الجوار، لأن المعني هو العدالة في الأجور أكانت مرتفعة أو متوسطة أو متدنية، المهم أن يلمس الجميع عدالة هذه الأجور.
ويؤكد مختصون أيضا أن الحكومة لم تراجع شبكة الأجور أو سياسة الأجور في ظروف عادية، ولم توزع الثروة الوطنية بطريقة عادلة، بل إنها تعاملت مع المجتمع بمنطق الدفع لمن يضغط أكثر، فهي تقيّم أجور القطاعات وفق قوة الضغط لكل قطاع، بل أصبح رفع الظلم عن الموظفين الذين يتعرضون للطرد التعسفي يتطلب شلّ البلد برمته، هذا لأن غياب الحوار الشفاف والمسؤول هو الذي يصنع الانسداد من القاعدة إلى القمة، فضلا عن التعنت ومحاولة كسر العظام وهي سياسة أثبتت فشلها وتخلت عنها غالبية دول العالم، عندما يتعلق الأمر بتحمل المسؤولية.
خديجة قوجيل
بعد ارتماء الاتحاد العام للعمال الجزائريين في أحضان السلطة
”سياسة المهادنة” على حساب حقوق العمال تفتح النار على المركزية النقابية
أكدت الانتخابات الرئاسية السابقة، بما لا يدع مجالا للشك، أن حكاية ارتماء المركزية النقابية المدافعة عن حقوق العمال الجزائريين في ”أحضان السلطة” موثقة وشاهدة على انحياز سياسي لصالح مترشح معين جندت له كافة الفروع النقابية عبر 48 ولاية لصالحه خلال الحملة الانتخابية، ما يثير التساؤل مجددا حول أدوارها الحقيقية في اقتناص حقوق ”بقايا” الموظفين.
وفضل الاتحاد العام للعمال الجزائريين عدم البقاء على مسافة واحدة من كل المترشحين خلال الرئاسيات، فحوّل مقراته النقابية إلى مداومات لحشد الدعم الشعبي للرئيس بوتفليقة، في فصل آخر من فصول الخروقات القانونية أمام صمت وزارة الداخلية والجماعات المحلية عندما تعلق الأمر بمناصرة مرشح السلطة، بل انخرط أمينه العام، سيدي السعيد، الشريك الاجتماعي في الثلاثية في حملة انتخابية لصالح الرئيس عوض الوقوف على مسافة واحدة من الجميع، متناسيا مطالب الطبقة الشغيلة، فهل بقي قائمة للمراهنة على دور المركزية النقابية في الرفع من أجور العمال والدفاع عن حقوقهم المهضومة؟ خصوصا في ظل التنازلات المقدمة للسلطة على حساب مصالح موظفي القطاع العمومي ما فتح جبهة غضب من حين لآخر على ”سياسة المهادنة”، توسعت عبر القواعد النضالية للاتحاد العام للعمال الجزائريين سواء عبر قطاعات التربية والصحة والتعليم العالي والتضامن والشبيبة والرياضة والجماعات المحلية، بعد النتائج الأخيرة لاجتماع أقطاب ممثلة في الحكومة والمركزية النقابية ومنظمات أرباب العمل. فبعد تأجيل زيادة ملموسة في الأجور إلى سنة 2015 بفعل إرجاء الحسم في إلغاء المادة 87 مكرر عبرت القواعد النضالية عن استهجانها لأسلوب المهادنة السياسية بدل ”قلب الطاولة” على الحكومة لفرض مطالب مشروعة تمكنت نقابات مستقلة من تحقيقها بعد ابتعادها عن خط السياسة.
ولا يستبعد أن يكون توقيت اختيار الإعلان عن إلغاء المادة 87 مكرر المثيرة للجدل مرتبطا باللعبة الانتخابية قبل أشهر، عبر محاولة كسب جبهة عمالية قد تشتعل في أي لحظة يراد لها التصويت لصالح مرشح النظام فيما يشبه ”الابتزاز السياسي”. ويحصر العديد من المراقبين وظيفة المركزية النقابية حاليا ومنذ 99 في المبني للمجهول حين يتعلق الأمر بحضور اجتماعات الثلاثية التي تمثل الاتحاد العام للعمال، بينما تقصى باقي النقابات المستقلة التي تضم مئات الأعضاء الموظفين القادمين من مختلف القطاعات الحيوية الذين يحضرون لمشروع الكونفدرالية تتصدى لهيمنة المركزية النقابية يرتقب أن لا تدير لها السلطات ظهرها فتجد علة من العلل لإبعاد فكرة التفاوض معها من أجندتها.
أمين لونيسي
الاتحاد العام للعمال الجزائريين من عيسات إيدير إلى سيدي السعيد
عرف الاتحاد العام للعمال الجزائريين مراحل عديدة، جعلت منه سابقا ركيزة في معركة استعادة السيادة الوطنية، وتكريس الحريات خاصة للطبقة العمالية. وشهد تاريخ الاتحاد بروز ثلاث شخصيات ارتبطت أسماؤهم ارتباطا وثيقا بالاتحاد.
عيسات إيدير زارع بذرة الفكر النقابي في الجزائر
بعد تشبع المهاجرين الجزائريين بالفكر النقابي في فرنسا الذي تزامن مع الهيكلة التدريجية التي عرفتها الثورة الجزائرية وبروز نجم ”عيسات إيدير” الذي شدد على أهمية إبراز البعد الوطني في صميم المطلب النقابي في الجزائر، تم إنشاء الاتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري 1956 وكان من الأهداف المتوخاة من وراء تأسيس الاتحاد، تدويل المشكلة النقابية الجزائرية والتجنيد الفعال لكل عمال العالم من أجل تأييد القضية الوطنية. وبرز دور الاتحاد على أرض الواقع جليا بعد مؤتمر الصومام الذي هيكل الثورة الجزائرية من مختلف النواحي، فإلى جانب العمل التوعوي ساهم العمال في تدعيم خزينة الثورة بالمال خاصة العمال المتمركزين في فرنسا، وكعادتها لم تتأخر فرنسا في الرد الوحشي، حيث لم تفلح الضغوطات الدولية ولا حكم البراءة الذي أصدر في حق عيسات إيدير الذي دفع ثمن زرع بذرة الفكر النقابي في الجزائر غاليا أين تم تعذيبه حتى الموت في جويلية 1956. في خطوة أثارت ردود فعل عالمية مستنكرة.
وتتواصل التضحيات.. عبد الحق بن حمودة
”نحن نحيا في هذا الوطن وهذا الوطن يحيا فينا ولا ظل ولا تاريخ ولا حرية ولا هوية ولا ديمقراطية إلا بين أحضان هذا الوطن”. هي كلمات الأمين العام السابق لاتحاد العام للعمال الجزائريين عبد الحق بن حمودة، الذي تسلم مقاليد الأمانة العامة في 1990 في ظروف حساسة تشهدها البلاد عجلت بعودة الاتحاد إلى العمل النقابي المسيس، حيث وافق بن حمودة على وقف المسار الانتخابي في الجزائر وسعى بكل ما أوتي من قوة إلى ابعاد الخطر الراديكالي من العامل البسيط الذين كانوا فريسة سهلة أمام الإسلاميين الراديكاليين، الشيء الذي جعله هدفا أساسيا لآلة الاغتيال.
نجى بن حموة من محاولة اغتيال أولى قبل أن تجد الرصاصات القاتلة طريقها إلى صدره في 28 جانفي 1997 ليطلق هو صرخته الشهيرة قبل أن يموت وهو يردد كلماته المشهورة ”خويا كمال خدعونا... خدعونا”.
سيدي السعيد يفضل سياسة المهادنة
يعيش الاتحاد العام للعمال الجزائريين حالة مزرية حاليا حيث أثرت مواقف أمينها العام التي يمكن تلخيصها في المثل الشعبي ”الدنيا مع الواقف” على صورة الاتحاد الذي نسي مهمته الأساسية المتمثلة في الكفاح لصالح العمال حيث تحول مقر الاتحاد إلى مداومة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في خرق واضح للقوانين.
إقحام سيدي السعيد، الذي تقلد منصب الأمين العام خلفا لبن حمودة، للاتحاد العام للعمال الجزائريين في الحملة الانتخابية للرئيس أفرغ الاتحاد من فحواه النضالي وحوله إلى لجنة مساندة لا يمكنها أن تقول لا لقرارات الحكومة مهما كانت مضرة بالعمال. وبالتالي فضل سيدي السعيد انتهاج سياسة المهادنة والتي يقول البعض إنها مبالغ فيها واستحق إثرها رسالة شكر من بوتفليقة شخصيا في المؤتمر السابق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.