أعلنت 13 نقابة مستقلة من قطاعات مختلفة، اليوم، عن تأسيس كنفيدرالية النقابات الجزائرية، كتكتل الهدف منه تمثيل أكبر عدد من العمال من مختلف الفئات والقطاعات العمومية والاقتصادية، حيث تعوّل التنظيمات المؤسسة لهذه الكنفيدرالية على منافسة المركزية النقابية، وافتكاك "حقها" في المشاركة مستقبلا في لقاءات الثلاثية لإبداء رأيها في مختلف الملفات المصيرية التي تخص الطبقة الشغيلة. عقد، أمس، ممثلو 13 نقابة مستقلة تنشط في إطار التكتل المستقل، اجتماعا بمقر اتحاد عمال التربية والتكوين "إينباف" بالعاصمة، للإعلان رسميا عن تأسيس كنفيدرالية النقابات الجزائرية، تمهيدا لإيداع ملف التأسيس على مستوى وزارة العمل بعد غد أو بعد غد على أقصى تقدير. وخلال تدخله في افتتاح اللقاء التأسيسي، قال رئيس نقابة عمال التربية "أسنتيو"، عبد الكريم بوجناح، إن المتفحص للحراك النقابي طيلة العشريتين الأخيرتين، يقف على مشهدين متناقضين، حسبه، يتعلق الأول بنقابة تقود عمالا يؤمنون ويضحون بمبادئها، ويجسدون استمرار النضال الفعال رغم تراجع المكاسب العمالية وما نتج عنه من تضييق على الحريات النقابية، وهو ما يترجم عادة، يضيف بوجناح، بالوقفات الاحتجاجية والاعتصامات، التي تواجهها السلطة بالقوة العمومية وسياسة التسويف، لتنتهي بفض هذه الاحتجاجات "والزج بمن يقف وراءها في دوامة التوقيف والتسريح لتفادي تحقيق المطالب المشروعة.. وأهم ما يميز هذا المشهد سياسة الطرشان وكأن السلطات تقول.. افعل ما تشاء أنا أتجاهلك". أما المشهد الثاني، فيتمثل، حسب رئيس "أسنتيو"، في هيمنة مستخدم على نقابة بلا قاعدة، هو قائدها يحوز على المساندة المطلقة إلى درجة الانبطاح لقراراته، يضيف، الغاية منه الهيمنة على حق الحوار الاجتماعي والتفاوض باسم العمال، "في إطار لقاءات الثلاثية التي يتحكم فيها رأس المال في قطاعات اقتصادية وعمومية لتنفيذ أجندات لضرب الاستقرار، وهو أمر فرضته أحداث متعاقبة أثرت في المكاسب العمالية وعمّقت الفجوة بين الطبقات الاجتماعية". وهو أمر دفع، حسب بوجناح، "النقابات المستقلة إلى وضع تصور لمسيرة نقابية تجبر المستخدم على حوار حقيقي وتجعل النضال أكثر انسجاما، في ظل استمرار الهيمنة والوصاية النقابية والأحادية بمعناها الشمولي"، وأضحت الكنفيدرالية خيارا لا مفر منه في إطار تضافر الجهود وتوحيد الأهداف لتتجمع القوى النضالية قصد مجابهة التحديات. وخلال الجمعية العامة التأسيسية التي حضرها برلمانيون وخبراء اقتصاديون وممثلو أحزاب سياسية، إضافة إلى محامين وناشطين حقوقيين، اعتبر رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، الدكتور مرابط الياس، الإعلان عن تأسيس الكنفيدرالية محطة نوعية في مسار النظام النقابي التعددي، بعد التغييرات الاجتماعية والسياسية التي عرفتها الجزائر، فالتنظيم الجديد، يضيف، سيستجيب لتطلعات الموظفين ويعمل على تجسيد مطالبهم وتحسين قدرتهم الشرائية. وقال مرابط إن النقابات المستقلة تسعى في هذا الإطار، إلى مواجهة سياسة الحكومة "التعسفية" تجاه العمال، ووضع حد لما يقاسيه هؤلاء، ولم يخف ذات المتحدث تخوفه من محاولات السلطات العمومية عرقلة تأسيس الكنفيدرالية، لكنه أكد: "سنواجه كل الصعوبات من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والدفاع عن انشغالات الموظفين". من جهته، قال المنسق الوطني لمجلس أساتذة التعليم الثانوي والتقني "سنابست"، مزيان مريان، إن الوقت قد حان من أجل فرض النقابات المستقلة على الساحة النقابية، وتوعد السلطات العمومية بالوقوف كرجل واحد، ضد محاولات التخويف التي تستهدف العمال، في إطار هذا التكتل الجديد. وكشف مزيان عن لقاءات دورية ستجمع الكنفيدرالية، في إطار مخطط استراتيجي، وستسعى التنظيمات المنخرطة فيها إلى بذل الجهود الرامية إلى جعلها قوة نقابية ذات وزن يفرضها في مختلف اللقاءات المصيرية والاجتماعات التي يتم خلالها الفصل في مصير العمال. وهو ما جاء على لسان ممثل المجلس الوطني المستقل الثلاثي الأطوار، سليم ولهة، الذي أعلن بأنه منذ تأسيس "كنابست" كانت هناك عدة محاولات لإنشاء فضاء نقابي جامع يضع جانبا كل الخلافات، لتحقيق مطالب الطبقة الشغيلة، في ظل التراجع الخطير للمكاسب الاجتماعية والمهنية طيلة السنوات الماضية. وقال ولهة إن تنظيمه، ومن خلال توصيات مؤتمره الأخير، شدّد على أهمية وضع حجر أساس لبناء الحريات في الجزائر، مشددا على أن "وجودنا هو اعتمادنا وتسجيلنا.. ولا يهمنا إن تم منح الاعتماد للكنفيدرالية أم لا...".