خلصت أشغال اليوم الدراسي المنعقد أول أمس بفندق الأروية الذهبية والمنظم من طرف المجلس الأعلى للغة العربية، الموسوم ب "اللغة العربية بين التهجين والتهذيب -الأسباب والعلاج-" خلصت إلى عدد من التوصيات، أهمها تفعيل دور الأسرة في تعليم اللغة العربية، بالحث على التعلم والتعامل اليومي مع اللغة، عن طريق المطالعة التي تغذي المواهب، مع مشاهدة الأفلام التي تقدم في التلفزيون بالعربية، تعليم العلوم الحديثة بالعربية، تشجيع البحث العلمي، إحياء العربية وخاصة في مجال الشبكة العنكبوتية الانترنيت، وإقناع الشباب بتعليم لغتهم مع الأخذ بعين الاعتبار أن العناية باللغة العربية لا يعني إقصاء اللغة الأمازيغية بأي حال من الأحوال، وأن ظاهرة التهجين اللغوي موجودة في كل اللغات وليست حصرا على الجزائر، ضرورة فتح ورشات كبرى يتم فيه معالجة اللغة وما آلت إليه، وتصحيح المسارات، هذا وقد عُقدت بالموازاة مع أشغال اليوم الدراسي ورشة عمل توصّلت إلى عدد من البنود أهمها، تهذيب لغة الطفل في المدرسة، إنشاء معجم يرصد المفردات الهجينة والاستعانة بالمعاجم الكبرى، لفت النظر إلى الازدواجية اللغوية بين العامية واللغة في المدرسة والمحيط الخارجي، لفت النظر إلى أهمية وسائل الإعلام في التقريب بين العامية واللغة الفصحى، وحثت وكالات الإشهار للعمل على احترام اللغة في الوصلات الإشهارية، تفعيل المكونات اللغوية من خلال الأدب ومسرح الطفل، القضاء على التلوث اللغوي في الملصقات بما قامت به سوريا في هذا المجال. وقد جاء هذا اليوم الدراسي لتدارس واقعنا اللغوي والنظر في أسباب ما طرأ عليه من اختلال وتشوّه، ففي كلمة الافتتاح ركز رئيس المجلس الأعلى للغة العربية محمد العربي ولد خليفة على ما تتعرض له العربية من التلوث الذي عدّه ظاهرة طارئة إذ الرجوع إلى المدون أو المحفوظ في الذاكرة من التراث الشعبي القريب جدا من الفصحى كما في الشعر الملحون، والقصص والأمثال والأغاني والأناشيد الوطنية، التي لا تخلو كلها من التهجين إلا نادرا، وتتميز بالعفوية وسلامة التعبير وبلاغة المعنى سواء أكانت بالعربية أو بالأمازيغية، وهو ما يصدق على لغة المسرح والتمثيليات المقدمة في الإذاعة التي اعتمدت الفصحى ونصوص من التراث العربي الإسلامي في القديم والحديث، كما لفت ولد خليفة إلى وجوب التمييز بين التهجين أو ما يعرف ب "الكريول" وهو تدخل نظامين لغويين مختلفين في قواعدها النحوية والصرفية، وبنيتها الصوتية، وبين الاقتراض بين لغتين تنتميان إلى شجرة لسانية واحدة مثل اللغات السامية كما هو الحال في اقتراض اللغة العبرية، الكثير من مفرداتها من اللغة، وتبنيها لقواعدها النحوية والصرفية. كما أرجع الاقتراض إلى الانتماء لمسرحية حضارية واحدة كما هو الحال في العربية واللغتين الفارسية والتركية ف 35 بالمائة من مفردات الفارسية هي عربية ونجد الاقتراض لدى عدد من لغات إفريقيا مثل "الولوف" و"السواحيلي" . كما أضاف المتحدث أن مفردات اللغة العربية موجودة في عديد اللغات الاسبانية والفرنسية والايطالية والانجليزية، كما أرجع التلوث اللغوي لأسباب تاريخية منها تدمير الدولة وعمل الاستعمار على استئصال النخب المتعلمة وهجرة هذه الأخيرة، مما جعل مناهج التعليم الأهلي في الزوايا والكتاتيب والمعمرات التي كانت آخر قلاع الإسلام والعربية ينزل مستواها، كما عرج ولد خليفة على العلاقة الوثيقة الصلة بين قوة الدولة وتجانس المجتمع، وأرجع من جهة أخرى التهجين اللغوي إلى انتشار الأغاني الشبابية، وهناك عوامل أخرى أهمها التأثير النفسي الاجتماعي للحضور الفرنسي السابق واللاحق الذي ربط العربية أو العامية بالتخلف وجعل من مستخدميها بعيدين عن الحداثة، وذكر أخيرا أهمية التثقيف العام المتمثل في المطالعة والمسرح والسينما وأهميتها بالبالغة في الارتقاء باللغة وترسيخ تعابيرها الفنية والجمالية، ومن جهة أخرى فقد عقدت ثلاث جلسات دراسية بالإضافة إلى الورشة تدخّل خلالها كل من صالح بلعيد في موضوع التهجين اللغوي المخاطر والحلول، صفية مطاهري تحدثت عن التهجين اللغوي في الحوار التخاطبي، عبد المجيد مرتاخي تكلم عن التهجين اللغوي في جزائر العهد العثماني. ومن جهتها تدخلت حياة خليفاتي عن واقع التهجين اللغوي في الجزائر مدينة تيزي وزو نموذجا، أما سامي كريمة فتحدثت عن اللغة الفصحى في الممارسة اللغوية لمتعددي اللغات، وخلوفي صليحة أبرزت التهجين اللغوي في الإعلانات الاشهارية الصحفية، أما سعاد بسناسي فحاضرت حول بواعث التعقيد بين التأصيل والتجديد. وقد طبع أشغال اليوم الدراسي عديد التدخلات من المشاركين الذين كانوا باحثين وجامعين ومحبين للغة العربية.