كغيرهم من مسلمي بقاع العالم، أحيا الجزائريون عيد الأضحى المبارك في جو من الفرح والبهجة، كانت السمة البارزة على مختلف ولايات الوطن، لم تكدرها الأمطار بولايات غرب البلد ولا عدم احترام التجار للمداومة. وكان الجزائريون على موعد في عيد الأضحى مع العادات والتقاليد التي ألفوها والتي ورثوها أبا عن جد، فالبعض كان على موعد من "الشواء" والأخر استسلم لعادات تحرمه من أكل اللحم يوم العيد، وآخرون أجلوا أكل اللحوم إلى ما بعد زيارة الأهل و الأقارب. بوتفليقة يؤدي صلاة العيد محاطا بالمواطنين أدى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة صلاة عيد الاضحى المبارك بالجامع الكبير بالجزائر العاصمة وسط جمع من المواطنين في جو غمرته السكينة والخشوع. كما أدى صلاة العيد الى جانب رئيس الجمهورية كبار المسؤولين في الدولة وأعضاء الحكومة و عدد من إطارات الدولة الى جانب اعضاء السلك الدبلوماسي الاسلامي المعتمد بالجزائر. وبهذه المناسبة أوضح الامام -في خطبتي الصلاة- أن عيد الاضحى جائزة جليلة بعد عبادة كريمة و أن العمل الصالح في العشر الاوائل من ذي الحجة أحب الى الله تعالى من سائر الايام حيث يتقرب المؤمنون خلالها الى خالقهم بالاخلاص بالاقتداء بسنة سيدنا ابراهيم و اسوة بسيدنا محمد (ص). وذكر الامام بان عيد الاضحى يعتبر "عنوانا للتضحية في سبيل الله" حيث أمثثل سيدنا اسماعيل الى طاعة الله تعالى الذي فداه بذبح عظيم. و اوضح في هذا الصدد أن المجاهدين الجزائريين أخذوا "قبسا من سيدنا اسماعيل من خلال التضحية بالنفس والمال يحدوهم في ذلك شعار الشهادة في سبيل الله أو النصر فتحقق لهم النصر والاستقلال بفضل تضحياتهم". و ربط الخطيب هذه المناسبة الدينية التي تحمل معاني التضحية ب"أهمية الانطلاق والعزم على العمل الصالح كالبناء والتشييد والحفاظ على اصالة البلاد من الانحراف والانحلال". و ذلك -كما أضاف- "من خلال التمسك بالاسلام المعتدل والوطنية الصادقة والحفاظ على البلاد و الوطن". وأوضح الخطيب أن "ربيع الجزائر زاد في تقوية السيادة الوطنية والاستقرار وذلك بفضل الوسطية في الاسلام الذي يرشد الى اصلاح الدنيا بإنتهاج القسط والمساواة والاخاء بعيدا عن المحسوبية والجهوية والمحاباة". وعقب صلاة العيد تلقى رئيس الجمهورية التهاني من قبل المواطنين الذين أدوا الصلاة بالمسجد الكبير. الجزائريون يحيون عيد الأضحى في جو بهيج عمت أجواء احتفالية بعيد الأضحى المبارك سائر البلاد، حيث احتفل الجزائريون بهذه المناسبة الدينية الجليلة بنحر الأضاحي اقتداء بسنة النبي إبراهيم الخليل عليه السلام بعد أن فداه ربه بذبح عظيم. وتميزت مشاهد إحياء هذا الحدث الديني بتوجه المؤمنين منذ الصباح الباكر إلى المساجد لأداء صلاة العيد والاستماع إلى خطبتيها حيث كانت المناسبة فرصة تطرق فيها الأئمة إلى المغزى من الاحتفال بعيد الأضحى المبارك والمعاني السامية التي ينبغي استلهامها من إحياء هذه الشعيرة الدينية وما ترمز إليه من معاني التضحية والخضوع لأوامر الله سبحانه وتعالى. كما حث المشائخ في خطبهم المؤمنين على التماسك والتراحم والتواد فيما بينهم ونبذ الفرقة والتآزر والتسامح والعفو عن الناس ابتغاء مرضاة الله عز وجل. وشكلت مشاهد نحر أضحية العيد تقربا من المؤمن إلى خالقه بعد أداء صلاة العيد ذروة الاحتفالات بهذه المناسبة الدينية العظيمة والتي صنعها الأطفال والعائلات الذين تحلقوا حول الأضاحي في أجواء اجتماعية تعكس جانبا من صور التواصل بين أفراد هذه العائلات. وتواصلت مظاهر إحياء هذه المناسبة بتقديم أجزاء من لحوم الأضاحي على شكل صدقات على الفقراء والمعوزين لمشاركتهم فرحة عيد الأضحى المبارك وهذا فضلا عن توزيع أجزاء أخرى منها على الأهل والأقارب اقتداءا بما كان يفعله ويدعو إليه الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم. كما كان عيد الأضحى المبارك بهذه الولايات مناسبة لعيادة المرضى المستشفيات وتقديم لهم هدايا ومؤانستهم والتخفيف من آلامهم والدعاء لهم بالصحة والشفاء. وكانت المناسبة أيضا موعدا للترحم على الأقارب من الأموات والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى ليغدقهم بجزيل فضله وواسع رحمته. زيارات عديدة للمستشفيات لتضامن مع المرضى شكل عيد الاضحى لهذه السنة فرصة مجددة لذوي البر و الإحسان الذين دأبوا على زيارة المرضى و لاسيما فئة الأطفال المزاولين للعلاج في مختلف مستشفيات الوطن في جو من التضامن و التراحم أدخل الكثير من البهجة والسرور في نفوسهم. ففي الجزائر العاصمة آثر العديد من المواطنين والمواطنات وذوي البر والاحسان التوجه الى المستشفيات كالمستشفى الجامعي مصطفى باشا لمؤانسة المرضى في هذا اليوم المبارك خاصة فئة الاطفال حاملين معهم الحلويات و الهديا للأطفال الذين استحسنوا هذه المبادرة التي أنستهم معاناتهم مع المرض ولو لفترة قصيرة. فمنذ الصباح كانت مصلحة طب الاطفال بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا على موعد مع منشطين و مهرجين قدموا العديد من العروض الفكاهية للأطفال أدخلت البهجة و الفرح في نفوسهم في هذا اليوم السعيد. كما عرفت نفس المصلحة قدوم شباب متطوعين يحملون قائمة باسماء المرضى وهم كلهم تأهب لتوزيع الهدايا واللعب على الأطفال المرضى خاصة الذين جاؤوا من مناطق بعيدة من الوطن. واعتبر هؤلاء الشباب أن ما يقومون به هو "رسالة من شأنها ترسيخ معنى التضامن والتآزر بين أبناء الشعب الجزائري". كما أكد بعض المرضى بعين المكان بأن أصحاب البر و الإحسان و بعض الجمعيات "هم في اتصال دائم مع المرضى طول السنة ناهيك عن المناسبات الدينية". نفس الأجواء شهدها الأطفال المرضى بالسرطان بمركز العلاج "بيار ماري كوري" لاسيما مع قيام إطارات تابعة لأمن ولاية الجزائر بزيارة لهم و تقديم هدايا رمزية أدخلت البهجة في قلوبهم بهذه المناسبة السعيدة. وتدخل هذه المبادرة في إطار "مبدأ الشرطة الجوارية الهادفة إلى تقريب مصالح الشرطة من المواطن".