قد تكون الضغوطات الممارسة على الأبناء من طرف الأولياء، سواء بدافع الحب أو بدافع السيطرة سببا في الاضطراب والاكتئاب النفسي لدى الأطفال والقصر خاصة، فتصبح العائلة التي تعتبر المصدر الأول للحنان والحماية والحب والرعاية مصدر إزعاج وعدم الشعور بالراحة والاطمئنان، و لقد شاعت في السنوات الأخيرة ظاهرة اختطاف الأطفال ، حيث قتل فيها أكثر من 10 أطفال ، و هو ما أثار رعب الجزائريين و جعل الرأي العام يطالب بدق ناقوس الخطر وحماية الأطفال من ظاهرة شغلته ولا تزال إلى الآن، إلا أن ظاهرة الاختطاف لا تعد سبب وحيدا في اختفاء الأطفال و ابتعادهم عن أسرهم . حياة بوراي أسفرت العديد من عمليات البحث على الأطفال المفقودين ، العثور عليهم سالمين ، و هو ما يدل على أن الهروب كان متعمدا لأسباب متعددة ، منها تعنيف الأولياء للأبناء بسبب الفشل الدراسي لهؤلاء ، و تدني نتائجهم الدراسية ، و هذا ما يحدث في نهاية كل ثلاثي دراسي أو عند نهاية السنة الدراسية، وهذا ما أكدته المديرية العامة للأمن الوطني . برنامج دراسي مكثف داخل وخارج المدرسة كما سبق و أشرنا أن الضغط على الأبناء قد يكون بسبب حب آبائهم لهم وخوفهم على مصلحتهم ومستقبلهم، ما يجعلهم يبدون أكبر الاهتمامات على دراسة أولادهم باعتبارها مفتاح نجاحهم ، فيبدأ الأهل بالضغط اللاإرادي على الأولاد ، بالمراجعة المكثفة والدروس التدعيمية ، التي قد يكون البعض في غنى عنها ، فيحرم الطفل من أبسط حقوقه الفطرية كاللعب والخروج مع الأصدقاء بالنسبة للقصر ، حيث يكون الابن منحصرا في برنامج مغلوق لا راحة فيه، حيث ارتأينا نحن جريدة الجزائرالجديدة الاقتراب من بعض العائلات التي تضغط على أبنائها في دراستها و في اعتقادها أن ما تفعلهم يصبُ حتما في صالحهم ، فحميد أب لولدين ، آية 9 سنوات و ينيس 15 سنة، يقول في الموضوع " أريد أن أرى أولادي ناجحين في دراستهم ، و أنتظر بشغف وصولهم إلى أعلى المستويات ، و هذا ما يجعلني أحرس على توفير الظروف المساعدة لهم " مضيفا " أغضب كثيرا لو يتراجع أطفالي في دراستهم، وإن وبختهم فهذا حقي ، لأني وفرت لهم جميع الوسائل ليكونوا من أوائل الناجحين " . علامات متدنّية مآل أصحابها التوبيخ، السب و الشتم ففي عوض أن يبحث الآباء عن سبب فشل الابن وأسباب ضعف نتائجه الدراسية ليدركوا ذلك في الثلاثي الحق، فيبدأ البعض بالتوبيخ المتواصل بالوصف بالفشل والغباء والانتقاد اللاذع والمستمر إلى المقارنة بالسالبة والمحبطة مع الأقران من الجيران والعائلة من الناجحين وقد يصل الأمر إلى الضرب المبرح والسب والوصف بالحيوان، إضافة إلى الحرمان من الخروج واللعب طيلة أيام العطلة معدين لهم برنامج دراسي مكثف كعقوبة ما يؤثر سلبا على نفسية الأبناء بالإصابة بالاضطراب والاكتئاب النفسي. تلاميذ يفرون من بيوتهم قبل وصول كشف النتائج للأولياء: حيث أكدت المديرية العامة للأمن الوطني إن الإخفاق الدراسي غالبا ما يكون السبب الرئيسي وراء هروب الأطفال والقصر من أسرهم، حيث يقدم الأهل شكوى على أنها اختطاف ، حيث تم تسجيل 538 حالة اختفاء لدى مصالح الأمن ، وذلك مع أولى أيام العطلة الربيعية لهذا العام، فالهروب خوفا من تعنيف آبائهم لهم بسبب تدني النتائج المدرسية الذي ميز كشوف نقاط الثلاثي الثاني من سنة 2013 ، وهو ما يحدث في كل مرة مع نهاية كل ثلاثي دراسي، أو عند نهاية السنة الدراسية ، فوليد 16 سنة القاطن ببلدية جسر قسنطينة واحد من هؤلاء ، حيث قرر الهروب يوم ظهور نتائج الفصل الثاني، حيث ذهب صباحا في نفس وقت ذهابه إلى المدرسة كالعادة ، إلا أنه أخذ طريقا آخر قائلا " كنت أمشي ولا ادري إلى أين أنا ذاهب تحديدا ، المهم أن لا أعود إلى البيت ، لأنني أعلم ما ينتظرني من توبيخ والدي والضرب كالمعتاد، وحسب ما أفادت به تصريحات أعوان الأمن ، فقد وجد بولاية وهران غرب البلاد بعد أكثر من 24 ساعة من اختفاءه . الأساليب الخاطئة للتنشئة الاجتماعية وانعكاساتها على سلوك الأبناء أكدت تيجاني صورايا أخصائية في علم الاجتماع في اتصال هاتفي جمعها بالجزائرالجديدة ، أن واجب الأولياء الأساسي يكمن في تحبيب الدراسة لهم ، حتى أن هذه الطريقة ستكون مفيدة لهم في المستقبل، و مردودها لا يفيد الأولياء ، بل الفائدة ترجع إليهم بالدرجة الأولى ، مضيفة أن المعاملة في فترة المراهقة لابّد وأن تكون خاصة ، نظرا لخصوصية وحساسية هذه الفترة من العمر، فالضغوطات تنعكس سلبا عليهم ، حيث أضافت أن قدرات الأطفال الذهبية والبيولوجية تختلف من تلميذ إلى آخر، لذلك لا داعي للتضييق والضغط عليهم من أجل تحصيل علمي أفضل.