يتخبط ميناء الصيد البحري بدائرة ازفون الواقعة شمال شرق ولاية تيزي وزو ، في فوضى لها بداية وليست لها نهاية فهو منذ زمن بعيد لم يخضع لإعادة تأهيل، لا الأرصفة ولا الهياكل على غرار المسمكة ولا حتى محلات الحرفيين الموصدة منذ 4 سنوات في وجه الصيادين، في وقت سخرت الدولة للقطاع كل الإمكانيات سواء في إطار برنامج الإنعاش الاقتصادي أو برامج التنمية لتحريك عجلة نمو هذا الأخير، والدفع به إلى الأمام ليس فقط من أجل ضمان تزويد السوق الوطنية بمنتجات البحر بأسعار معقولة تكون في متناول المواطن في خطوة لرفع معدل استهلاك الفرد الواحد من هذه المادة الغنية بالبروتينات الحيوانية، بل من أجل تسريع وتيرة التنمية المحلية كذلك ولما لا التوجه إلى تصدير فائض الإنتاج لدعم الخزينة العمومية بالعملة الصعبة، وهو مابات في طرح ألف سؤال عن الدور المنوط بمؤسسة تسيير موانئ الصيد البحري؟ وعن إمكانية النهوض الفعلي بقطاع الصيد وتخليص المسامك من الفوضى ما دام أن الموانئ غير تابعة لوزارة الصيد البحري؟. هل تكفي ستة أشهر لتدارك تأخر دام عدة سنوات؟ في مدينة سياحية بحجم ازفون ، حيث يعد ميناءها السياحي قلبها النابض يغرق ميناء الصيد البحري في فوضى عارمة، فبمجرد اجتياز البوابة حتى تصطدم باهتراء البناية التي يعود بناءها إلى الحقبة الاستعمارية، ويخيل لك أنك داخل إلى بناء قديم مهجور نظرا للحالة الكارثية التي تتواجد عليها النوافذ والجدران، رغم المهام الكبيرة التي تؤديها إذ تعد حلقة وصل بين الصيادين ووكلاء بيع السمك حيث تقام كل المعاملات التجارية داخلها، في وسط أقل ما يقال عنه أنه يفتقر لأبسط الشروط الصحية، وحتى التنظيمية وهو ما بات يفرض الإسراع في وضع إطار قانوني لتنظيم أسواق الجملة للمنتجات الصيدية بغرض توحيد وتنسيق وتنظيم أسواق بيع السمك وتسييرها، ولما لا تحديد القانون الأساسي لمختلف الشركاء من مجهزي السفن، وكلاء، باعة السمك. ناهيك عن أن أرصفة الميناء التي تعرضت للتعرية، غرقت هي الأخرى في المياه القذرة والفضلات الناتجة عن أشغال تنظيف المسمكة التي ترمى مباشرة على الأرضية، وهو الوضع الذي جعل الكثير من الصيادين يفضلون نقل منتوجاتهم إلى خارج الميناء وعرضها للبيع على الرصيف، معرضين بذلك صحة المستهلك للخطر كون عملية البيع تتم دون احترام الشروط الصحية، وبعيدا عن رقابة المصالح المعنية. وقد أسر لنا أحد المهنيين بأن ميناء الصيد بازفون رغم القفزة النوعية التي حققها بفضل تنوع النشاطات، إلا أنه يعاني عجزا فادحا في التجهيزات سواء المستعملة في نقل صناديق السمك، كالعربات التي تعرض معظمها للصدأ، أو الحافظة كغرف تبريد حيث لا يتوفر الميناء عل غرفة تبريد تكفي لتخزين السمك المصطاد، وحمايته من التلف. وقد أبدى العديد من الصيادين ممن تحدثت إليهم الجزائرالجديدة عن انزعاجهم من طريقة تسيير الميناء، ومن غلق أبواب الحوار مع المهنيين مما حال حسبهم دون تطوير نشاط الميناء والمسمكة على حد السواء، بسبب غياب التشاور بين الإدارة والمهنيين وبين المهنيين أنفسهم، ناهيك عن غياب تأطير نشاطات المسمكة وكذا غياب إطار تنظيمي محدد. واشتكى الصيادون من انعدام الحرفيين بالميناء، حيث تم غلق محلاتهم منذ 5 سنوات مما جعلهم يتجهون إلى خارج الميناء لترميم مراكبهم، أو إلى ولاية بجاية وهو ما ضاعف من معاناتهم خاصة لما يكون العطب لا يتطلب سوى دقائق لإصلاحه. وتساءل الكثير من الصيادين والبحارة عن الأسباب التي جعلت إدارة مؤسسة ميناء الصيد تتأخر في إعادة تأهيل المسمكة، وسد النقائص المسجلة على مستوى الميناء سيما قاعة العلاج، دورات المياه، غرف الراحة للصيادين رغم انتهاء النزاع حول تسيير سوق الجملة لصالحها، منذ سنة 2006، تأخره برره المسؤولون عن الميناء بعدم جدوى المناقصة الأولى التي تم إطلاقها لتهيئة سوق الجملة بالمسمكة، ليتم إعادة إطلاق استشارة أخرى لتجسيد هذا المشروع على أن تنتهي جميع الأشغال ويسلم السوق في حلة عصرية جديدة في غضون الثلاثة أشهر المقبلة. استمرار استعمال الصناديق الخشبية رغم منعها منذ 2010 رغم أن القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 28 أفريل 2010 المتضمن المصادقة على النظام التقني المتعلق بمواصفات حاويات تخزين منتجات الصيد البحري وتربية المائيات، قد بين بوضوح أسباب منع استعمال الصناديق الخشبية واستبدالها بالصناديق البلاستيكية في نقل السمك، حيث أبرز وبإسهاب أن قرار المنع يأتي بالدرجة الأولى لحماية المستهلك لأن استعمال صناديق البلاستيك الغذائي يسمح بتفادي المخاطر الصحية التي تسببها الصناديق الخشبية، فضلا عن حماية الاقتصاد الوطني إذ أن استعمال هذا النوع من الصناديق يسمح بتصدير منتجات الصيد البحري وتربية المائيات إلى الأسواق الدولية وكذا تقليص الخسارة المالية الناجمة عن التكفل الطبي بالتسممات والتعفنات السامة الغذائية المترتبة عن مختلف أوجه فساد هذه المنتجات على اعتبار أنها منتجات سريعة التلف، إلا أن هذه التبريرات لم تقنع الصيادين والبحارة بدليل استمرارهم وبشكل كبير في استعمال الصناديق الخشبية أثناء نقل المنتجات الصيدية من السفن إلى المسمكات أو إلى أسواق الجملة والتجزئة ضاربين عرض حائط القرار الوزاري المشترك، وصحة المستهلك والاقتصاد الوطني على حد سواء. وقد برر هؤلاء أسباب تشبثهم باستعمال الصناديق الخشبية بغلاء الصناديق البلاستيكية وعدم توفرها في الأسواق، حيث يتجاوز سعرها 500 دينار في حين لا يكلف الصندوق الخشبي سوى مبلغا بسيطا يقدر ب100 دينار، فضلا على أن الأمر يتطلب بعض الوقت للتخلص من المخزون المتوفر لدى الصيادين. صيادون غير راضون على مؤسسة تسير ميناء الصيد تحول قاع البحر إلى مقبرة لعشرات مراكب الصيد غرقت في حوادث عمل مختلفة، وظلت عالقة لعدة سنوات دون أن يجد أصحابها من يساعدهم على إخراجها وإعادة تشغليها رغم رفع العديد من الطلبات لإدارة مؤسسة الميناء على اعتبار أن مهمة متابعة غرق السفن وسحبها تندرج ضمن صلاحيات وزارة النقل، لكن يبدو أن التداخل في المهام أثر سلبا على القطاع فلا وزارة الصيد لديها الإمكانيات لتسوية مشاكل مهنييها ولا وزارة النقل لبت نداء الصيادين والبحارة رغم أن هذا يدخل ضمن صلاحياتها وبقيت العديد من السفن غارقة دون أن تجد من يجرها إلى السطح، لتمكين أصحابها من ترمميها وإعادتها للنشاط. وتسبب هذا الوضع حسب البحار مقران في قطع أرزاق الكثير من العائلات كون المركب الواحد يشغل أكثر من 13 صيادا، وكلهم أرباب أسر، فهو شخصيا تعرض مركبه للغرق منذ أكثر من سنة، بكل أجهزته ومنذ ذلك الوقت وهو يرفع الطلبات إلى إدارة مؤسسة الميناء لمساعدته على جر المركب لكن دون أن تجد نداءاته آذانا صاغية، في وقت كان المركب مصدر رزق للكثير من العائلات حيث كان يصل إلى غاية شواطئ سكيكدة وحتى حدود تونس لصيد الجمبري. وليس قاع البحر فقط الذي تحول إلى مقبرة للسفن والمراكب العاطلة، بل حتى سطحه حيث شكلت المراكب القديمة الراسية منذ سنوات بالميناء ديكورا زاد في بشاعة المكان، ويطالب أصحاب تلك المراكب بمساعدة الدولة لتمكينهم من ترميمها وإعادة تشغيلها، من خلال منحهم قروضا في إطار إعادة تأهيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، واقترح البعض إعادة النظر في النسبة التي يتقاضاها الخبير المكلف بتقديم تقرير الخبرة عن العطب كون 20 بالمائة التي حددها القانون أثقلت كاهل البحارة. الوعد بالرسو يعلق مشاريع عشرات الشباب إلى أجل غير مسمى ظن الكثير من شباب ازفون أن امتلاك مركب للصيد ليس بالأمر الصعب، خاصة وأن الدولة قدمت لهم العديد من التسهيلات في إطار قروض الدعم المقدمة من طرف الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب «أنساج» لتمكينهم من تحويل حلمهم إلى حقيقة قائمة على سطح البحر، لكن «سخاء» الدولة و«حرص» رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على تشجيع الشباب على الاستثمار في قطاع الصيد وغيره من القطاعات، لم يجدوه منعكسا لدى الهيئات والإدارات الأخرى حيث سرعان ما اصطدم حلمه ''المشروع'' برفض إدارة ميناء الصيد ازفون تقديم الوعد بالرسو لاستكمال ملف الاستفادة من قرض «أنساج» على حد قول الكثير منهم، من أمثال كريم ، بوسعد، علي وغيرهم. وتساءلوا عن مصير الصياد البسيط الراغب في إنشاء مشروع خاص أو توسيع استثمار، خاصة وأن الدولة قدمت له الدعم اللازم لتمكينه من ذلك،مضيفين :انهم عمال بحريين منذ سنوات، ولديهم شهادات مهنية، ولكن لم يستفيدوا لحد الآن من الدعم وإذا كان فيه من الشباب من بقي مشروعه مرهونا بالحصول على وعد بالرسو، فإن البعض الآخر وجد نفسه في مواجهة العدالة بعدما أخلت المؤسسة المكلفة بإنجاز السفن بالتزاماتها بمنح المركب في الوقت المحدد مثلما حدث لبعضهم، حينما وجد نفسه مطالبا بتسديد قيمة الدين المترتب عليه لصالح القرض الشعبي، وهو لم يبدأ النشاط بعد بسبب إجراءات الحجز على مركبه. روبورتاج : ح.سفيان