ابتهال محمد المصطفى ، شاعرة خاضت غمار القصيدة العربية بامتياز، تعمل على اقتران الهندسة بالشعر، جمعت بين الاثنين فكان اللقاء ممكناً حيث الجمال والإتقان، تكتب بلمسة جمالية متناسقة، ،تطمح لتخليد اسمها في نصوص عربية و عالمية ، تميزت فى مهرجان "سحر القوافي"، تحصلت على العديد من الجوائز المحلية ، ابتهال محمد المصطفى جمعها لقاء مع "الجزائر الجديدة" وكان لنا معها هذا الحوار كسؤال تقليدي و لتعريف الجمهور الجزائري بشخصية الشاعرة ابتهال حدثينا عن بدايتك الشعرية؟ الشاعرة ابتهال محمد المصطفى، من منطقة الجزيرة بالسودان وهي منطقة زراعية ذات طبيعة جميلة ورائعة ، أكثر ما يميزها طيبة أهلها ،ولدت لأب وأم يهتمان باللغة وآدابها وفنونها ، اشتركت في العديد من الجمعيات الأدبية والعلمية، تعلمت فن التمثيل والإذاعة والكورال، وزينت هذا الإبداع بترتيل القرآن الكريم ، ولكن الشعر أمر أخر فقد أخذ من موهبتي حيزا كبيرا،تجربتي الأولى كانت وسني لا يتجاوز العشر سنوات، و ما يمكن الاعتراف به أنني بدأت أكتب شعر بجدية بعد دخولي للجامعة و منها بدأت مشاركتي في المنتديات وبعض الأمسيات التي كانت تنشط تقريبا طويل أيام الأسبوع. هل لك أن تفصل لنا طقوس كتاباتك؟ و ما هي المواضيع التي تستهويك للكتابة؟ في الواقع يختلف الحال باختلاف مواسم الكتابة، ففي غالب الأحيان تختزن ذاكرتي المشاهد والصور وتنسج دون تعجيل حبالاً رقيقة هادئة ثائرة مليئة بالشجن والرمزية فتتدافع بأثر رجعي حينما يتحسس الحبر نعومة الورق. كيف كان رّد فعلك حينما أعترف الجمهور بك كشاعرة ؟ اعتراف الجمهور والشعراء الكبار كانت بالنسبة لي مفاجئة ، ففي بدايتي كنت أخجل لأنني لم أكن أنتمي إلى هذه القبيلة، قبيلة الأدباء و الشعراء و حتى الإعلاميين، فخوض هذه التجربة الأدبية على مهندسة كان فيه شئ من التعقيد بالنسبة لي، فكانت قصائدي الأولى فيها الكثير من الأخطاء النحوية و العروض ، و بعدها امتثلت إلى أيادي شعراء كبار فتعلمت من خلالهم كيف توزن القصيدة، و كيف تصاغ الأفكار، و كيف يصنع الشاعر خط يميزه عن باقي الشعراء. هل كتابتك تعكس فعلا ثقافة الشعب السوداني ؟ في زمن ليس ببعيد ، و في زمن كانت أنظار العالم كلها موجهة للسودان، و بضبط في فترة الانفصال، كتبت نص يحمل عنوان "الانفصال أبغض الحلال"، عرجت فيه على أهم المواقف التي عرفتها السودان، أولها كانت حملت استرداد الانتقامية، و التي جاءت بعد مقتل " إسماعيل علي باشا"، و فيها توعد استرداد الانتقام من الشعب السوداني ، وكان حقا أشد الانتقام، وبعدها تطرقت إلى الإمام الحبوبة الذي شنق أمام مرأى الجميع فقط لأنه دعا عند استجوابه من طرف المستعمر آنذاك بوحدة الشعب السوداني، هذا إلى جانب وعد"جنقرا" قائد الحركة الشعبية التي دعا إلى تحقيق السلام بين الشمال و الجنوب و حدثا فعلا وقعت بعدها اتفاقية السلام و هو الموضوع الذي كتب عنه كثيرا. من خلال كتباتك يبدو أنك من رواد شعر التفعيلة؟ ليس بالضبط، أحترم جدا الشعر العمودي، كمدرسة رائدة للشعر العربي و المدارس المتعاقبة في العهد الأموي و العصر العباسي، ، و رغم أنه مر بانحطاط و ازدهار، يبقى جيد و قوي، و أعتقد أنه خدم أغراض كبيرة جدا، و حرر الناس من فكرة التقليد التي كانت موجودة في الشعر العربي، باعتبار أن البحر أصبح الطويل، والذي فيه قافية و هذا ما أكسب التفعيلة رونقا وجمالا. لكنني أعترف لكي أن هذا النوع من الشعر لم يستهويني كثيرا، و كنت قد كتبت قصائد في هذا النوع لكنها ليست من قصائدي المحببة. و ما رأيك في قصيدة النثر فالبعض أخرجها تماما من دائرة الشعر؟ في رأي أنه أخطأ من أسماها بهذا الاسم، لأنه جمع ما بين جنسين من أجناس الأدب النثر و الشعر، كان ينبغي أن تسمى باسم أخر، و أنا أتوقع أنه سيأتي في وقت شاعر فحل، يستطيع أن يجذب الناس لهذه القصيدة، و ستصبح الرائدة دون شك، غير أنها في الوقت الراهن مجرد محاولات و هنا يمكن أن أصحح معلومة و هي أن "أدونيس" هو صاحب فكرة هذا النوع و ليس "محمد الماغوط" كما هو معروف ، أأكد أنه سيأتي يوما وسيصبح لهذا النوع مدرسة يعترف بها الرواد، و تكون معبرة لهذا الجيل. ما موقع الشعر السوداني في خريطة الشعر العربي؟ قبل الحديث عن واقع الشعر في السودان ، لبدا من الإشارة إلى المدرسة التي كونت العديد من المبدعين في مختلف المجالات و هي مدرسة" الغابة و الصحراء" التي أحدثت ضجة كبيرة في وقتها ، و أعجبت الكثير من السودانيين رغم محاربة البعض لها،لكنها أثبتت و بفضل روادها أنها مدرسة حقيقية ، أدت دورها المنوط لها بكل جدارة ، و إلى يومنا هذا يعترف بها المجتمع الأدبي السوداني، و من أهم روادها الشاعر "أحمد صالح إبراهيم" و الذي كان يركز في قصائده عن طبيعة المجتمع السوداني، و ما يمر به من أزمات ، إلى جانب الدكتور "محمد عبد الحي"، و الشاعر "محمد المكي"، كذلك الشاعر الكبير "مصطفى سند" الذي تأثر به الكثير من الشباب السوداني، فمنهم من انتقل إلى جوار ربه و منهم من ظل يحافظ و ينادي بهذه المدرسة العريقة . أما فيما يتعلق بواقع الشعر السوداني فأنا أؤكد أننا نحاول إلى إخراجه من الطابع المحلي، إلى العالم العربي و لما لا العالمي، و لكن ما ينقصنا نحن في السودان هو الإعلام. من خلال إطلاعك على الشعر الجزائري فهل وجدت نقاط التقارب والالتقاء ؟ ربما تشبه الأحداث بعضها ببعض، خلق ارتباط بين الشعبين، و الشعب الجزائري معروف عنه أنه شعب ثورة، ، و أتوقع إذا حدثت ثورة كما حدثت من قبل أنها ستنتهي في أيام محدودة ، لان الشعب الجزائري شعب ثوري لا يعرف أبدا الهدوء و لا يثور إلا في مواقف جادة، و قلت في الكثير من المرات أن الشعب الجزائري هو شعب بارع في إدارة الأزمات و الثورات وهنا تكمن نقاط التقارب بين الشعبين و يجمع بينهما. تعددت مواضيع كتباتك، فهل فكرت في الكتابة حول ما يحدث في العالم العربي في الوقت الراهن؟ طبعا، فرغم ما يحدث في العالم العربي لم يمس السودان إلا أن هذا لم يمنعني من أن أكتب و أشارك الدول العربية، فكتبت العديد من القصائد و أتمنى أن تصل إلى العالم العربي، كنت قد قلت "نحن نحتاج لشئ يغير نمط الكتابة، فأعظم الشعراء كتبوا لقضايا قومية، و نحن الآن لا توجد لدينا قضايا نكتب فيها "، فحينما حدثت هذه الثورات و على الرغم ما تخلفه، إلا أنني كنت فرحة لأنه أصبحت لدينا قضية نسعى لأجلها ، فسنة التأريخ " أن تتجدد الدماء و أن تتجدد الأفكار". إذن القضية في نظر ابتهال تقتصر على أرواح الناس؟ إن الإنسان ومنذ مولده و إلى غاية وفاته، إذا لم تدخل في حياته مثل هذه الأحداث و القضايا، أعتقد أن حياته مرة باردة. ما الذي تسعى ابتهال محمد المصطفى لتحقيقه؟ كل الذي أطمح له، هو إبراز النجاح الذي حققته رفقة مجموعة من الشعراء السودانيين بكل الصور الممكنة حتى يتجدد في الشباب أمل النهضة الأدبية من جهة، كما أريد أن أخلد اسم ابتهال كصوت عربي و عالمي يحفظ له ما كتب من جهة أخرى. نسرين أحمد زواوي ستحييها كل بواسماعيل ، خميسيتي، القليعة