يبدو التدخين في بداية الأمر سهلا و ممتعا للغاية بالنسبة لأي مدخن في العالم تعانق السيجارة أصابعه في أولى مساره نحو الموت البطيئ ، و ما إن تمر بضع سنوات على المدخن حتى تتملكه الحسرة على تدهور حالته الصحية و يشعر بالندم حيالها ، ويبقى التوقف عن التدخين أمرا صعبا لدى مستهلكيه ، فيما يعدُ رمضان فرصة من المعدن النفيس للإقلاع عنه نهائيا . يدخل كافة المدخنين في شيء من الحيرة بين العديد من الخيارات الصعبة، فمثلا تجد معظمهم يكرر هذا السؤال "كيف لا يمكنني التوقف على التدخين و أنا أصبر عليه طيلة النهار في رمضان وطيلة شهر كامل؟" ، و في نفس الوقت يتبادر سؤال آخر إلى أذهان الجزائريين، المعروفين بإطالة السهر خارج البيوت في رمضان، وهو " ولكن أنا صبرت على التدخين وقاومت لأنني متيقن أن الإفطار متعمدا يبطل صومي ، ولكن ليس الأمر كذلك بالليل ، خاصة مع التقائي بأصدقائي في المقهى " حيث يجتمع المدخنون ويستحيل البقاء بالمقهى دون تدخين ، و خاصة في رمضان ، حيث السهرات الغنائية الشعبية وألعاب الشطرنج وغيرها ؟" . ولكن الأمر الأكيد في كل هذا، هو أن رمضان أصبح وسيلة علق الجزائريون عليها هذه الأيام آمالهم بالإقلاع نهائيا عن التدخين،إذ لا يدخل أحدهم في حديث عن التدخين ، إلا وترد من أحدهم مقولة باتت شهيرة ومتداولة على ألسنة كل المدخنين الجزائريين، ألا وهي " هاو جاي رمضان دوك نحبسو نهائيا". بين الإقلاع و بداية الإدمان وفي حين يستغل الكثير من المدخنين فرصة رمضان للإقلاع عن هذه العادة الخبيثة ، مستعينين بأجوائه الإيمانية ، حيث تلاوة القرآن و صلاة التراويح والمواعظ الدينية ، إلى غير ذلك من العوامل التي من شأنها كبح النفس عن المغريات الدنيئة والسموم القاتلة، يجده البعض الآخر فرصة للانطلاق في تجربة هذه العادات نفسها، ومن أشهرها التدخين، حيث يبعث السهر الرمضاني و اللهو لآخر ساعات الليل لدى الكثير من الجزائريين وخاصة الشباب منهم ، رغبة مغرية وملحة في نفس الوقت لتعاطي بعضا من هذه السموم الخبيثة كال "الشيشة" و أنواع السجائر المختلفة الأذواق ، كسجائر النعناع والفراولة والتفاح والسجائر البنية المشابهة للسيجار الأمريكي و الرفيعة الطويلة كالسجائر الآسيوية.. إلى غيرها من الأنواع والأصناف الحلو مذاقها القاتل سمّها ، وهم يعتقدون أنهم يتحكمون في زمام الأمور ، وبإمكانهم التدخين دون تعلق هذه العادة بهم ، ولكن سرعان ما تلتصق هذه العادة بهم ويصعب عنهم التخلص منها . ويؤكد الأخصائيون أن المقلعين عن التدخين قبل سن ال 35 سنة، يجتنبون 90 بالمائة من المخاطر الصحية الناتجة عن التدخين ، دون إغفال حقيقة قتل التبغ ضحية كل 10 ثوان و 4 ملايين شخصا كل سنة،و هم ينصحون محيط الشخص المدخن بمساعدته على الإقلاع وعن عادته ، وينوّهون بأهمية مساعدتهم له، لنجاحه في التخلص منها ، والذي ستعود نتائجها بالنفع على المحيط بأكمله ، ويعتبر إقناعه على زيارة طبيب أولى الخطوات وأهمها ، وهنا سيستند المدخن في مهمته الصعبة بالنسبة إليه إلى قوتين ، من شأنهما تقوية عزيمته على النجاح، وهما المحيط والطبيب ، وهكذا لن يحس بأنه يجابه الصعاب بمفرده ، خاصة في الأيام والأسابيع الأولى من الإقلاع، و قد أكدت الدراسات أن 97 بالمائة من الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين بدون مساعدة ، فستكون نتيجة محاولتهم الفشل لا محالة . ولا يخفى على أحد ما لزيارة الطبيب من أهمية لمساعدة المدخن على الإقلاع، خاصة مع تطور الوسائل العلاجية ، كبرامج تأهيل النفس والدعم بالرسائل التحفيزية اليومية ، وتصميم التمارين المفيدة والخطط الفعالة التي من شأنها كسر الإحساس السلبي الناتج عن الإقلاع ، و زيادة فعالية الدواء الموصوف. أما الخطوة الثانية فتكمن في إقناع الشخص المدخن على تحديد ميعاد الإقلاع ، ويبدأ ذلك بإزالة آثار التدخين من البيت أو المحيط ، وإبقائها بعيدا عن نظره وعقله كالولاعات والمطفأة و علب السجائر. لتليها بعد ذلك خطوة المساعدة على تجاوز الضعف وإغراء الرجوع إلى التدخين، والذي قد يلازمه لفترة طويلة ، وسيكون أكثر إلحاحا عند الغضب والتوتر لدى المرور بمشاكل أو مواقف صعبة، وهنا يجب تعديل كل من عادات المدخن والمساعد وتكييفها لمساعدته على الإقلاع، كعدم دخول المقاهي والمطاعم التي يسمح فيها بالتدخين.