تمر الأعوام وتتغير أرقام السنوات لكن التنمية بالمدية تبقى تسير ببطء شديد شبهها الكثير من مواطنين الولاية خلال حديثهم لل (الجزائر الجديدة) ب" خطى السلحفاة "،ورغم الاعتمادات المالية التي خصصتها الدولة لتسير وتيرة التنمية بعاصمة التيتري والتي كان آخرها تخصيص أزيد من 85 مليار دج خلال زيارة الوزير الأول للولاية شهر أكتوبر المنصرم ،لكن المواطن لم يرى أشياء ملموسة على أرض الواقع لتبقى الوعود "حبر على ورق " على حد وصفهم. ولدى زيارتنا الميدانية التي قادتنا لمجموعة من البلديات في جهات الولاية الأربعة لاحظنا شكاوي المواطنون تنصب أساسا في تذمرهم من عدم التوازن في توزيع المشاريع التنموية حيث تحظى بعض الدوائر الكبرى والتي تعد على الأصابع بمشاريع كبرى خاصة السكنية منها وكذا مناطق الاستثمار بينما تبقى جل الدوائر الأخرى خاصة الشرقية منها تعاني من نقص فادح في البرامج السكنية و المرافق التابع لها . الغاز الطبيعي في المنطقة الشرقية حلم لم ير النور أهم اختلال لاحظناه يتمثل في غاز المدينة حيث يبقى سكان الجهة الشرقية للمدية محرومون من الغاز الطبيعي ،رغم الوعود الكثير و المتكررة من قبل السلطات المحلية و الولائية ،حيث يبقى أزيد من ثلثي بلديات الولاية و بتعداد سكاني يقارب عن 200الف نسمة موزعون على الدوائر الكبرى على غرار تابلاط ،بني سليمان ، العزيزية ،القلب الكبير ،سيدي نعمان السواقي والعمارية ،يحلمون بغاز المدينة في بيوتهم لتبقى معاناتهم الكبيرة مع قارورات البوتان مستمرة سنين أخرى إذا لم نقل عقود . هذه القارورات التي تصبح هي نفسها نادرة مع حلول فصل الشتاء حيث تتميز المنطقة بطابعها الجبلي و بردها القارص . فإذا استثنينا البلديات المدرجة ضمن برنامج الهضاب العليا على غرار جواب وسيدي زهار التابعتين ادرايا لدائرة السواقي فجل البلديات الشرقية الأخرى تبقى محرومة من الغاز ولازلت رحلة المعاناة متواصلة لأزيد من 50 بلدية من أصل64 بلدية تمثل الهيكلة الإدارية للولاية . وكانت مديرة المناجم لولاية المدية تحدثت قبل أشهر للجزائر الجديدة أن مشروع تزويد الجهة الشرقية بغاز المدينة قد انتهت به الدراسة وتم وضع كل الإمكانيات المادية للشروع في إنجازه قبل نهاية 2013 ،لكن ونحن على مشارف نهاية هذه السنة لم يطرأ أي جديد فيما يخص هذا البرنامج الذي يبقى حبرا على ورق حيث كان من المفروض أن يتم ربط للجهة الشرقية بالغاز الطبيعي قبل نهاية 2012لكن نحن اليوم على مشارف دخول سنة 2014والمشروع لا يزال في المهد وكل المؤشرات تقول أن الربط بالغاز سيتأجل ربما حتى سنة 2015 . السكن بمختلف الصيغ ..مشكل في توزيع الحصص وآخر في توزيع السكنات بعد الغاز يبقى السكن بمختلف الصيغ من أهم مطالب السكان وتوزيع الحصص مرتبطا أساسا بالكثافة السكنية وكذا ومساحة الإقليم حيث نصف الحصص يتم توجيهها نحو ثلاث دوائر هي المدية ،قصر البوخاري والبرواقية ،في حين تبقى نصف الحصص موزعة على بقية الدوائر19 ...لكن تبقى غير كافية مقارنة بالطلبات ،حيث رغم الانجازات الكبيرة التي عرفها قطاع السكن بالمدية غير أن الحصص التي استفادة منها الولاية في مختلف الصيغ لا تزال بعيدة عن تطلعات السكان ،ولعل أكبر تحد يواجهه قطاع السكن بالمدية انعدام الجيوب العقار الشاغرة وهو مشكل 64 بلدية بالمدية فكلها تعاني من مشكل العقار غير أن هذا لم يمنع من تحقيق عدة منجزات فقد تم استلام أزيد 5000 وحدة سكنية بمختلف الأنماط ،ففي السكن الريفي تم انجاز واستلام حوالي 1300وحدة سكنية موزعة على البلديات الريفية ،أما نمط السكن الاجتماعي التساهمي فقد عرف استلام 482 وحدة سكنية في بلديات متفرق،وفيما يخص السكن الاجتماعي الايجاري فقد عرف استلام نسبة قياسية زادت عن 1500 وحدة سكنية و رغم هذه الإنجازات تبقى مشكل التوزيع يشكل عائق آخر حيث نصف السكنات المنجزة لم يتم تسليمها على مستحقيها خوفا من موجات احتجاجية نظرا لكثرة الطلب وقلة العرض. أموال كبيرة تصرف على الفلاحة و لا شيء ملموس بعد الغاز والسكن تأتي الفلاحة التي تعد أهم مصدر رزق لأزيد من ثلثي السكان حيث أصبحت ولاية المدية خلال السنوات القليلة الماضية إحدى أهم المناطق الفلاحية وطنيا لما تزخر به من أراض فلاحية شاسعة بلغت نسبتها ما يقارب 70 بالمائة من المساحة الإجمالية التي تقدر ب7800 هكتار. وأشارت مصادر من مديرية الفلاحة في حديثها للجزائر الجديدة أن الأرقام كشفت أن قطاع الفلاحة يحتل الريادة في جذب اليد العاملة مقارنة بالقطاعات الأخرى في الولاية، مؤكدا في ذات السياق أن السياسة التي تبنتها مديرية الفلاحة والغابات بفتحها أبواب الاستثمار خلال الخمس سنوات الفارطة، ساهمت بشكل كبير في استقطاب القطاع لليد العاملة، حيث بلغت نسبة التشغيل 44 بالمائة من اليد العاملة بالولاية من مجمل مختلف القطاعات. كما ساهم القطاع الفلاحي حسب محدثنا في تقليص نسبة البطالة من 19 بالمائة سنة 2006 إلى حوالي 12 بالمائة مع نهاية السنة الماضية، إذ وصل عدد العاملين في القطاع إلى قرابة 10000 عامل من مجموع 21000 عامل بالولاية. ومن جهة أخرى تعززت مدينة المدية بمركز علمي وترفيهي هو الآن في طور الإنجاز ويعد الأول من نوعه في الولاية، والذي بلغت نسبة الأشغال به 65 بالمائة وسيتم استلامه في شهر أوت المقبل ويضم المركز قاعة للمحاضرات تتسع لما يقارب 150 مقعد. ومن جهة أخرى تتميز المدية بطابعها الفلاحي الرعوي وهذا ما مكنها من احتلال مراتب مرموقة على المستوى الوطني وقد عرف قطاع الفلاحة بالمدية عدة مؤشرات ايجابية حيث تم استصلاح أزيد من377 هكتار من الأراضي الفلاحية بكل من بلديات العمارية سيدي نعمان بوشراحيل وقصد النهوض بهذا القطاع فقد تم توصيل بلديات بني سليمان وامري السواقي عين بوسيف سبت عزيز اولاد ذايد الميهوب قصر البخاري بشبكة المياه بالإضافة إلى بناء 6خزانات بسعة 2400مربع يضاف الى هذا كله توسيع شبكة التطهير وانجاز سد على مستوي بلدية العوينات قصد إعطاء النجاعة الفلاحية ومساعدة الفلاحين فقد تم إنشاء صناديق منها صندوق التنمية الريفية واستصلاح الأراضي عن طريق الامتياز وفي هذا الصدد وحسب التقرير الذي بحوزتنا فقد تم استصلاح 1535هكتار مازلت 1000مبرمجة . أما فيما يخص برنامج الهضاب العليا والمدرجة فيه 22بلدية من مجموع 64فقد شمل عدة الفلاحة على العديد من الإعانات والمشاريع نذكر بالخصوص فتح المسالك توزيع خلايا النحل حفر المناقب إنشاء أحواض ،كما أن الصندوق الوطني للتنمية والاستثمار الفلاحي هو الآخر عرف نشاط كبير باستصلاح 115هكتار في كل من العوينات جواب دراق . إجراءات الحصول على السكن الريفي ترهق المستفيدين وفي ذات الصدد يعاني المستفيدون من إعانة الدولة الموجهة للسكن الريفي بولاية المدية، جراء كثرة الإجراءات المتبعة لأجل الحصول على الإعانة المالية، بحيث يستوجب المرور على مراحل تبدأ من استخراج شهادة الحيازة ورخصة البناء إلى غيرها من العوائق. ابرز ما يؤرق هؤلاء المستفيدين خاصة الفقراء منهم ، هو القيام ببناء الأرضية حتى يحصلوا على الشطر الأول من الإعانة ، والجميع يعلم أن اغلب سكان ولاية المدية ، لا يملكون ثمن حتى قوت عيشهم فكيف بهم بأموال مواد البناء والسلع الموجهة لتشيد هذا السكن الريفي .العديد من هؤلاء المستفيدين عبّروا ل "الجزائر الجديدة" عن تذمرهم من هذه الطريقة المنتهجة من مديرية السكن والتجهيزات العمومية ، وأكدوا لنا أنهم لا يملكون حتى مبلغ شراء السلع ويلجؤون إلى الاقتراض عادة إن وجدوا له سبيلا. وطالب البعض بضرورة رفع قيمة هذه الإعانة التي تقدر بسبعين مليون سنتيم ، والتي لا تكف حسب رأيهم لشراء المواد المستعملة في البناء ، ما أدى إلى تعطل العديد من المستفيدين من هذه الصيغة من السكنات، من إتمام مشاريعهم بسبب عدم قدرتهم على ذلك، إما بسبب الإجراءات أو لعدم كفاية مبلغ الإعانة خاصة وان سوق مواد البناء يعرف غلاء فاحشا وبالخصوص مادتي الإسمنت والحديد، وارتفاع تكلفة نقلهما إلى قراهم لبعدهم عن نقاط بيع مواد البناء، ناهيك عن أجرة اليد العاملة التي ارتفعت لمستويات قياسية ، لذا فإن مواطني المدية المستفيدون من إعانات الدولة لبناء سكن ريفي يطالبون السلطات المعنية بضرورة إعادة النظر في قيمة الإعانة المالية المقدمة ضمن سكنات البناء الريفي، والتي تعتبر المنفذ الوحيد لسكان المدية نظرا لطبيعة الولاية الفلاحية ولكون هذه الصيغة تعمل على تثبيت السكان بأراضيهم الفلاحية وممارسة نشاطهم الفلاحي والرعوي مما يسهم في وفرة الطلب. الطريق المزدوج البرواقية / المدية أصبح حقيقة وعلى صعيد آخر تتميز ولاية المدية بشبكة طرقات هامة و إستراتيجية ولعل أهم طريق يمر بها الطريق الوطني رقم 01 الذي يعد بوابة تربط شمال البلاد بجنوبها ،حيث استفادت الولاية من مشروع ضخم في إطار الطريق شمال جنوب منها ازدواجية الطريق بين بلدتي البرواقية وصولا على مدينة شفة بولاية البليدة و الذي يعد أحد أصعب الطرق من حيث التضاريس حيث أعطى وزير النقل خلال الثلث الأخير من السنة إشارة انطلاق الأشغال عبر هذا المحور بعد أن رسا هذا المشروع على شركة صينية كندية جزائرية مشتركة حيث سيتم إنشاء 36 جسر و 6 أنفاق في مدة حددت ب36 شهر ،وبالتالي سيسمح هذا المشروع بتنشيط الحركة المرورية و التجارية بين ولايات الجنوب و الشمال . كما استفادت جل الطرق الولائية و البلدية من مشاريع هامة خاصة بتعبيد الطرق وبلغة الأرقام تم إعادة تأهيل 50كلم من الطرق الوطنية و60كلم من الطرق الولائية وكذات إعادة تأهيل الطريق السياحي رقم 64الرابط مابين بعطة بالمدية وبلدية بوقرة بالبليدة وهو طريق اجتنابي سياحي يخفف الضغط على الطريق الوطني رقم واحد وفي نفس السياق فقد تم معالجة الانزلاق على مستوي الطريق الولائي رقم 38 يضاف إليها انجاز 21معبر . عجز ب 4000 مقعد بيداغوجي بجامعة المدية والقطب الجامعي الجديد هو الحل تميز الدخول الجامعي لهذه السنة بصعوبة كبيرة فيما بخص توفير المقاعد البيداغوجية للطلبة الجدد بسبب التأخر الكبير الذي شهدته العديد من المنشاءات التي كانت مخصصة لاستقبال الوافدين الجدد ،ولعل أهما عدم انطلاق مشروع القطب الجامعي الجديد والذي كان من المفروض ان يتم بناؤه على مستوى القطب الحضري ،لكن التخوفات الكبيرة من انزلاق التربة حال دون الشروع في انجازه حيث طالب وزير القطاع في آخر زيارة له شهر اكتوبر الماضي بضرورة ايجاد موقع آخر حيث سيتم انجازه ببلدية وزرة الواقعة على بعد 10 كلم جنوبالمدية. وفي ذات الصدد تمكن الطلبة الجامعيون القاطنون ببلدية البرواقية الواقعة على بعد 30 كلم من المدية من افتكاك حقهم في النقل بعد جملة من الاحتجاجات و غلق للجامعة بعد منعهم من حق الإقامة ،وهو ما جعلهم يصرون على النقل الجامعي الذي افتكوه في آخر المطاف ،لكن هذا الوضع دفع طلبة العمارية و وزرة بالاحتجاج كذلك و مطالبتهم بحق النقل الجامعي والذي مازال يشكل عبئا ثقيلا عليهم . ألاف المحلات بالمدية تتحول إلى مراحيض وأوكار للرذيلة تحولت آلاف محلات رئيس الجمهورية التي تسلمت المدية حصة منها على مرتع للآفات و مراحيض عمومية ، رغم أن الدولة سخرت مبالغ طائلة من أجل إنجاح هذا المشروع ،وحيث استفادة ولاية المدية في هذا الإطار من حصة قدرت ب3160 محل ،الهدف منها تخصيصها للشباب البطال من ذوي الشهادات الحرفية والمهنية للقضاء على نسبة معتبرة من البطالة في صفوف الشبابمن جهة و كذا إنشاء مؤسسات صغيرة تحافظ على الحرف اليدوية التي بدأت في الانقراض . وبالرغم من انتهاء الأشغال بها عبر تسع مدن رئيسية بالولاية، تقدمتها مدينة البرواقية ب420 محل، قصر البخاري ب 390 محل، عاصمة الولاية ب300 وبني سليمان ب270 محل، عين بوسيف 140 محل ، تابلاط 100 محل ، إلا أن هذه المحلات ما تزال موصدة الأبواب في إداريا في وجه الشباب ،بينما تم تكسير بعضها لتتحول إلى مراحيض وأوكار للرذيلة . وأملا منها في تشييد هذه المحلات خصصت بلديات الولاية العديد من قطع الأرضي لكن جلها لم يراعى فيها الموقع الإستراتيجي ، الذي سيسمح بتنشيط المجال التجاري ، و بالتالي من شانه أن يساهم في إنجاح المشروع بشكل عام ، كما أن بعض البلديات النائية و الريفية التي استفادت من محلات تفوق قدرة استيعابها ، على غرار بلديات العيساوية ، سيدي دامد ، الميهوب والعوينات وغيرها ، ممن لا يتعدى عدد سكانها 3000 نسمة ، حيث استفادت من أزيد من 50 محل لم تعد تعرف حلا لهذه المحلات المنجزة . وعلى الرغم من انتهاء الأشغال بهذه المحلات عبر اغلب بلديات الولاية إلا أن جل هذه المحلات لم يتم توزيعها ، لأسباب عديدة من بينها انعدام الشهادات لدى أصحاب الطلبات ، وكذا عدم ربط هذه المحلات بشبكة الكهرباء والماء لحد الساعة ، و اهتراء المسالك التي تربطها بالعالم الخارجي ، وكذا توقيف عملية التوزيع منذ أشهر لأسباب ما تزال مجهولة . دفع عجلة التنمية بالولاية تتطلب مجهودات جبارة وفي الختام وقصد الرقي بولاية المدية إلى المراتب الأولى تنمويا خاصة وإنها تحتل ذيل الترتيب فيما يخص التنمية المحلية وطنيا يجب تحقيق جملة من المطالب تتلاءم وطبيعة المنطقة منها مضاعفة حصص البناء الريفي مادامت المنطقة ريفية والوسط الحضري يعاني نقصا وانعدام في العقار ،كما يجب محاربة الجهوية في توزيع المشاريع وتحقيق التوازن بين مختلف البلديات و كذا الإسراع في انجاز المشاريع التي بقيت عالقة سنة ،مع الإسراع في ربط البلديات الشرقية بشبكة غاز المدينة وإنشاء أسواق تجارية للحد من التجارة الموازية .