أن يكون الرجل طباخا في مطعم أو بفندق أو ب "فاست فود" فهذا أمر طبيعي، لكن أن يكون طباخا في بيته فهذا ما لم يتعود عليه مجتمعنا ، الذي تربى على عادات و تقاليد منذ القدم، فهل تتبدل الأدوار مع الرجل الشاف داخل الأسرة ، أم أنه يبقى يحتفظ بدوره رغم كونه طباخا ؟ ، الجزائر الجديدة اقتربت من هذه الفئة من أجل معرفة مدى تقبلهم أن يكونوا طباخين لدى زوجاتهم ، و ارتباطهم بمطبخ البيت. زهية بوغليط شاف خارج البيت و الدور يتغيّر أمام الزوجة ليس بالضرورة أن يحب المرء ما يطبخه و ينتقد أكلات الغير ، فكثيرون من يجدون متعة و يفضّلون أن تطبخ لهم يد أخرى ، حتى لو كانت لا تتمتع بالمهارة و تعلم أصول فن الطبخ، من بين هؤلاء علي، 48 سنة، و هو صاحب "بيتزيريا" و " فاست فود" ببراقي ، و مختص في إعداد أنواع البيتزا و الأكل الخفيف ، حدثتنا زوجته "نصيرة " أنه يفضل دوما أطباقها و الأكل من يدها ، حتى و لو كانت أطباقا بسيطة، بل يبقى لساعات طويلة في عمله دون أن يتناول وجبته إلا أن يعود للبيت ، و حسب السيدة نصيرة فان زوجها علي لا يقوم بمساعدتها في إعداد الأطباق ، و لا يهتم لإضفاء لمسته عليها ، بل يفضل أن يتذوق كل ما تعده دون انتقاد لطبخها، و رغم أن ثقافة نصيرة و مهارتها في فن الطبخ متواضعة، لكنها لا تجد صعوبة في شد إعجاب زوجها الذي تعود على إعداد ألذ الأطباق المميزة ، سواء من حيث الطعم أو الشكل، وتضيف محدثتنا قائلة:" لا أحضى بانتقاد زوجي في طريقة طبخي، بل يروق له كل ما أعده من معكرونة و كسكسي ، و غيرها من الأكلات التقليدية و العصرية، فقد سئم زوجي من إعداده للأطباق شخصيا ، و يجد متعة حينما أقدم له شيئا من صنعي"، الشاف" ميهوب" أنا من أعدُّ مائدة الفطور خلال شهر رمضان " و هناك من الرجال من تعوّد على أن يكون الشاف في كل شيء و في كل الأماكن و الأزمنة، فلا فرق عنده أن يجهز الأكل لعائلته مثلما يجهزه لزبائنه ، بل يسعى أن تستمتع عائلته بما يعده بين الحين و الآخر ، خاصة في المناسبات و الحفلات ، و هذا ما صرح به "الشاف" ميهوب من قناة سميرة مباشرة على شاشة التلفاز ، حينما أكد أنه يهتم شخصيا بإعداد مائدة الفطور خلال شهر رمضان لأسرته ، كما أن الرجل الطباخ يمكن له أن يكون ماهرا في عمله ، لكن يرفض أن يكون طباخا في بيته، و هذه نظرة لمسناها عند معظم الطباخين الذين تحاورت معهم الجزائر الجديدة ، و بعض المواطنين من العنصر الرجالي ، الذين أكدوا بدورهم أن الطبخ من اختصاصات المرأة بحت، حيث تعدى البعض إلى القول أن الرجل الذي يساعد زوجته ، و يدخل المطبخ ، يقلل من رجولته ، و ينظر له الغير بنظرة احتقار، ففي نظر السيدة فتيحة، 52 سنة، أنها لا تتصوّر أن يعد لها زوجها العشاء، رغم أنه صاحب مطعم بالعاصمة، ففي نظرها أن ذلك انتقاص من رجولته ، بل يدخل المطبخ من أجل إضافة بعض اللمسات الأخيرة للطبق، في حين تحدثنا فوزية،30 سنة، أن زوجها مراد دائم التذمر من طريقة طبخها و يطالبها بتعلم فنون الطبخ وهذا ما يخلق بينهما الكثير من المشاحنات، حيث أن زوجها يطالبها بأن تكون زوجة الشاف هي الأخرى شاف ، و هذا ما تعجز عنه فوزية التي لا تتفاعل مع هواية الطبخ . اعتمادية الرجل على المرأة كما أن مجتمعنا يقتصر أدوار المرأة داخل الأسرة ، وأن للرجال أدوار أكبر خارجها، و يظن أن النساء لا يستطعن القيام بأدوار الرجال، بينما ينقص من رجولة الرجال القيام بأدوار النساء، فشؤون الطبخ خاصة من اهتمام المرأة ، ألصقها المجتمع بالمرأة رغم عملها في الخارج ، بل توجد من النساء من تعتقد أن الرجل الذي يدخل ينقص من رجولته، بالنسبة للرجل هذا أمر اعتيادي أن يفكر بهذه الطريقة ، لكن الرجل الطباخ الذي يعتبر الطبخ مهنة و هواية له بالتأكيد أن تكون له نظرة خاصة في الموضوع بعيدا عن حسابات المجتمع، فلا عيب بالنسبة له أن يشرف شخصيا على فن الطبخ و يعتز بمقولة أن "أشهر الطباخين هم رجال" ، و إن كان اعتراضه لدخول مطبخ زوجته أمرا استثنائيا تتحكّم به قواعد خاصة لا علاقة لها بالرجولة ، يقول مراد،35 سنة و هو طباخ بمطعم بالعاصمة ، بعدما درس فن الطبخ بمدرسة خاصة، أنه لا يمانع من دخوله مطبخ بيته، لكنه تعوّد على أكلات والدته التي لا مجال لمقارنتها بغيرها من الأطباق العصرية ، خاصة و أن والدته تعمل على تدليله و إعداد له ما يروق له من أطباق ، بعيدا عن أكلات المطعم الروتينية، و هذا بالنسبة للكثيرين ممن تحدثت إليهم الجزائر الحديدة ، الذين صرحوا أن الرجل تعود على أكلات المرأة في البيت ،حتى لو كان "شاف"، فكونه طباخ يندرج ضمن التزامات عمله، في حين يعد البيت المكان الذي يجد فيه الراحة و الاسترخاء من تعب يوم بأكمله ، و خلاصا من الأطباق و طلبات الزبائن، أما صالح ، 48 سنة، وهو صاحب مطعم مختص في "الشوارما" و غيرها من الأكلات ، أن الطبق المفضل لديه هي" الكسرة "باللبن و التمر " و بعض الأكلات التقليدية ، و غالبا ما يطلب من زوجته إعداد له طبق خاص، و يضيف أنه لا يمانع من توجيه بعض النصح في مجال الطبخ لزوجته ، خاصة في إعداد الولائم للضيوف، حيث يهتم شخصيا بإعداد بعض الأطباق التي تستدعي المهارة و التفنن ، بل لا يجد حرجا في إخبار الضيوف أنه هو من اهتم شخصيا بإعداد طبق ما بمساعدة زوجته بالطبع، خاصة و أن ضيوفه تعوّدوا على تذوق الجديد دوما في بيته ، و هذا بالنسبة له يعد شرفا يعتز به .