يرى الكاتب أنيس بن طيب ، أن الارتقاء بالأدب الجزائري لا يكون إلا إذا اهتمت السلطات و اهتم المسؤولون بالأقلام الشابة التي هي قوة الجزائر مستقبلا، و دعا من خلال لقاءه مع جريدة " الجزائر الجديدة" إلى ضرورة إعطاء العناية اللازمة للطاقات الإبداعية التي يرى فيها إمكانية لتغيير الأمم، كما تطرق أنيس بن طيب في السياق ذاته إلى جملة الأعمال التي أنجزها و مشاركته الدولية و الوطنية التي تأكد في كل مرة حضوره على الساحة الأدبية، غير أنه تساءل عن التغييب الذي يمارس ضده في بعض النشاطات المحلية و التي أكد بشأنها أن مثل هذه الممارسات لا تزيده إلا إصرار على تقديم ما هو أفضل. حاورته: نسرين أحمد زواوي ظهرت في الساحة الثقافية حديثا، فهناك الكثير من لا يعرف أنيس بن طيب. هل لك أن تقدم نفسك في كلمة وجيزة؟ أنيس بن طيب طالب ثانوي سنة ثالثة تسيير اقتصاد، من مواليد سنة 1995 ببلدية ماكودة ولاية تيزي وزو، نشر لي مؤلفين الأول كان في ديسمبر 2011 بحمل عنوان "مقتطفات من تاريخ بلاد الأمازيغ" أما الثاني "وقفة تأمل" نشر في أوت 2013، شركة في عدة لقاءت وطنية و دولية منها مشاركتي في اللقاء الوطني للنوادي البحث التاريخي كان قد نظم في ولاية باتنة 2012سنة، في ماي 2012 مثلت الجزائر في الندوة الكشفية العربية، كما مثلت الجزائر أيضا في المؤتمر الكشفي العربي السابع و العشرون الذي احتضنه قصر الأمم السنة الماضية، كما كان لي الحظ في الدورة التدريبية للبيئة بمارسيليا و كان ذلك في أوت 2012. صدر لك إلى الآن ثلاثة مؤلفات، أخرها كان "الثورة التحريرية الكبرى"، و سبق لك وأصدرت مؤلف "مقتطفات من تاريخ بلاد الأمازيغ"، الملاحظ انك تريد استنطاق التاريخ؟ نعم صدر لي مجموعة من العناوين بعضها تصب في قالب تاريخي، وأخر مواضيع متنوعة، الكتاب الأول يحمل عنوان "مقتطفات من تاريخ بلاد الأمازيغ"، هو كتاب يضم أربعة محاور أساسية ، أولها محور "الجزائر بلاد الأمازيغ" و هذا تأكيد لأصولية الجزائر التي لا نسمح لأي كان أن يغير التاريخ أو يزيفه، فالجزائر أصلها أمازيغي، أما إخواننا العرب فقد اندمجوا معنا بعد الفتح الإسلامي للجزائر و لشمال إفريقيا عموما، و المحور الثاني تحت عنوان "الجزائر إبان العثمانيين"، فتحدثت عن مرحلة الحكم العثماني بالجزائر، المحور الثالث تحت عنوان"الاحتلال الفرنسي للجزائر" و المحور الأخير تحت عنوان "الثورة التحريرية الكبرى"، إذن كتابي الأول عبارة عن ملخص عام لتاريخ بلدنا الحبيب الجزائر، الكتاب الثاني "وقفة تأمل" عبارة عن مجموعة من مقالات و خواطر، عالجت فيه عدة مواضيع اجتماعية و تنموية و واقعية، فكتبت عن هموم الشاب، الهجرة الغير الشرعية،الأمومة، الرياضة...... . لماذا هذا الاهتمام، هل يستهويك التاريخ أم لك نظرة معينة تريد إيصالها للقارئ؟ في الحقيقة أن أحاول معالجة المواضيع التي تهمني كشاب، أحب أن أكون منبرا للشباب الذي من خلاله ينددون بالسياسة العاملة على إقصاء الشباب ومنعه من التألق، فطغت الرشوة و السرقة، فأصبح أولاد أصحاب النفوذ والمال دائما يظفرون بالمناصب و الامتيازات، أما المبدعين الشباب من الطبقة البسيطة فيقصون من الساحة، أليس الطالب الجزائري إبان الثورة التحريرية قدم نفسه و قلمه شهادة في سبيل الله و من أجل جزائر الغد، أما الآن قبل أن يدخل للسنة الأولى ابتدائي يفكر بالرحيل من هذا البلد، و الله تدمع العين و يتقطر القلب حسرة و أسى على أبناء بلدي لهذا أريد دائما أن أقول لأصحاب الكراسي و المسؤوليات، الجزائر التي ولدت العربي بن مهيدي و عبان رمضان و جيل الثورة، مازلت تنجب أبطالا و عظماء، فما عليكم إلا تقديم الفرصة لهم و الوسائل اللازمة للاستثمار فيهم. أنت الآن لم يتعدى سنك 18 سنة، و رغم ذلك لك ثلاثة مؤلفات ، متى بدأت علاقتك مع عالم الكتابة؟ علاقتي مع القلم والكتابة كانت في مرحلة الصبا ودخولي المدرسة الابتدائية فهناك بدأت اخط ما يسمىّ ب "خربشات الأطفال" هي كلمات لها صلة بالطبيعة والأحاسيس كما أنها تربطني بالأم وكل ما هو جميل حولي، لأدع قلمي يخطّ جملا صغيرة حسب سني ومحيطي الذي تربيت وسطه ليجلبني للكتابة، ومن ثمّ تطوّرت علاقتي مع القلم حتى اكتشفت أنني أعشق الكتابة وبدأت أعبّر وانسج في مخيلتي بعض الظواهر، إلى أن وصلت إلى مرحلة التعليم المتوسط وبعد انقضاء أربع سنوات من المثابرة والجد في إكمالية "أحمد شافعي" بماكودة مسقط رأسي، أردت ترك ذكرى جميلة بالمكتبة ومن منطلق هذه الفكرة وفّقت في تأليف كتاب " مقتطفات من تاريخ بلاد الأمازيغ" الذي كان المحطّة الأولى لي، و الذي يعالج في ثناياه ملخص عام لتاريخ الجزائر بدء من الأصل "الأمازيغ" يضم قرابة 192 صفحة، لتأتي بعدها فكرة لماذا لا يطبع ويوزّع على المستوى الوطني كي لا يكون رهين مكتبة الإكمالية، والحمد لله تمّ التوفيق وتمّت مراجعته من طرف السيد "أمزيان" أستاذ العلوم الاجتماعية بالاكمالية التي أدرس فيها وقمت بطباعته عن منشورات "ثالة" بالأبيار بالجزائر العاصمة وتم توزيعه. أكيد و أنت تنشر واجهت صعوبات صادفتك في تقديم إبداعك؟ أكيد أي قطاع يحمل ما يحمل من الصعوبات، و انتم أدرى بالصعوبات التي يوجهها أي كاتب، و حتى في مجال النشر في الجزائر الذي رغم ما توفره الدولة له، لا زال يراوح مكانه، فمن أهم الصعوبات التي وجهتها مشكل التمويل المالي لطبع الكتب، لأنّ بعض دور النشر كي لا أعمم بالكلام أصبحت ترى الواجهة التجارية أكثر من الواجهة الإبداعية، لأنّه حين يطلب منك مسؤول دار النشر فاتورة مالية بقيمة 8 ملايين سنتيم أو أكثر ، فلكم أن تتصوروا كيف لطالب ثانوي تأمين مثل هذا المبلغ، لذا فأنا أوجّه ندائي إلى القائمين على قطاع الثقافة والسلطات المعنية من أجل مساندتنا خدمة للأدب الجزائري وفسحا للمجال لإبراز الثقافة الجزائرية الأصيلة التي تكتنزها كل منطقة وذلك بدعم المواهب الشابة من الناحية المادية وتمكينها من تدوين أفكارها ضمن كتب وطباعتها بأثمان رمزية، كما أوجّه ندائي إلى مديرية الثقافة لولاية تيزي وزو لتبرمج لقاءات أدبية أو فضاءات تجمع شمل الأدباء والكتّاب بصفة عامة والفئة المثقفة كما أكرّر طلبي للسلطات العمومية المعنية بالأمر على المستوى المحلي أن تدعم فئة الشباب الموهوب والطاقات الأدبية الشبانية لإبراز قدراتها الفكرية. بحديثك عن مديرية الثقافة و عن إسهاماتها في منطقتكم، كيف لك أن تقيم لنا الحركة الثقافية أو المشهد الثقافي بصفة عامة في مدينة تيزي وزو؟ كما نعلم أنه لكل ولاية خصوصياتها و الفنون التي تمتاز بها، و لكن في بعض الأحيان الكتاب و المبدعين الشباب يتحسرون لعدم وجود المساعدة والعناية والرعاية اللازمة من طرف السلطات و المديريات المعنية، و لكن الحمد لله تيزي وزو من بين المناطق المعروفة بعراقتها و موروثها الحضاري الكبير الذي ينم عن عراقة المنطقة. هل ترى أن للمنظومة التربوية دور في اكتشاف الطاقات الإبداعية التي تزخر بها المدرسة الجزائرية؟ على الإطلاق، بل نتحسر لحالة بعض المؤسسات التربوية التي لا تعطي للجانب الإبداعي أي اهتمام علما أن المدرسة الجزائرية تكتنز برحمها مواهب في شتى الفنون والأجناس الأدبية، إلا أننا بالكاد نسمع في هذا الزمان لوجود ملتقى طلابي أو محاضرة أو ما شابه ذلك في مؤسساتنا، وأغتنم هذا المنبر الإعلامي كي أطالب وزارة التربية تخصيص الجانب الإبداعي قسطا من برامجها السنوية عن طريق إدراج حصة يؤطرها أساتذة مختصين في الفنون والمهتمين بالشأن الكتابة، و لا تفوتني الفرصة كي اشكرها في الوقت نفسه على تنظيمها للملتقى الوطني للنوادي البحث التاريخي بعاصمة الأوراس، الذي كان لي شرف المشاركة فيه، فهو عبارة عن ملتقى ضم أبناء الوطن الواحد. و الجميل في الأمر أن العلم هو طريق و منهج سليم للإبداع و الابتكار، و هذا من خلال اكتشاف المواهب الطلابية و صقل مواهبهم من خلال تأسيس نوادي و جمعيات بالمؤسسات التعليمية. كيف تستطيع التوفيق بين الفعل الكتابي والتحضير للامتحانات البكالوريا الذي ستجتازه هذه السنة ؟ أولا الكتابة عالم لا يمكنني أن أتجنبه أو أتخلى عنه، فالله غالب أجد فيه راحتي ، والبكالوريا هو مفتاح حياتي، و اسأل الله العزيز القادر أن يوفقني و يوفق كل زملائي و كل المقبلين على الامتحانات في بقية الأطوار الأخرى. صحيح صعب إيجاد آلية للتوفيق ، لكن الإرادة هي التي تمنحك نفسا جديدا لانجاز أي عمل، إذن المسألة هي تنظيم وقتي خاصة بعد أن أسسنا نحن الشباب مجموعة شبانية " دير الخير و أنساه "بتيزي وزو، التي تهتم بمساعدة ورسم البسمة على أفواه الناس المحتاجين والذين يعانون من مشاكل الحياة وما أصعبها، فوجدت نفسي بين ثلاثة التزامات، أولا أمام نفسي، وكذا أمام المدرسة، والمجتمع انطلاقا من مبادئي التي استمدتها من الدين الإسلامي الحنيف، و لكن كما يخبرنا أحد المهتمين بالتنمية البشرية " إذا أراد أن ينجح فعليه أن ينظم الوقت و يحسن التخطيط و دراسة وقته". هل تعتقد أن أدب الشباب يستطيع توجيه المجتمع إلى مسار سليم؟ أكيد أن قلم الشباب له تأثيره الإيجابي على حركة المجتمع، وهذا الموضوع يجب أن يفرد له نقاش كبير لمعرفة حيثياته، لكن ما أدركه تمام الإدراك أنه لا يختلف اثنان أن أدب الشباب هام جد خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة معالجة الآفات الاجتماعية مثل المخدرات والتدخين والسرقة وقضايا مشابهة، لكن للأسف الشديد الدولة غفلت عنه، علما أن وزارة الثقافة قد نظمت مهرجانا خاصا بأدب الشباب، لكن للأسف طغى عليه أصحاب النفوذ أو ذو النوايا الأخرى، شخصيا كنت من بين المدعوين خلال الطبعة الفارطة لتنشيط محاضرة بتيبازة و العاصمة من اجل التعريف بكتبي، و في آخر لحظة ألغيت مشاركتي لأسباب مجهولة لا أدركها، و هنا تأسفت كثيرا كوني ليس ذنبي إلا رغبتي الملحة في تشريف ولايتي تيزي وزو، معقل الأبطال و الرجال، ضيف إلى ذلك انه من ديسمبر 2011 حينما الفت كتابي الأول لم أتلق و لا شهادة شكر من طرف سلطات ولاية تيزي وزو ما عدا مدير التربية لتيزي وزو السيد نور الدين خالدي الذي كرمني في 16 أفريل 2012، عكس ما حدث لي في زيارتي الأخيرة للمشاركة في مهرجان القراءة في الاحتفال بولاية وادي السوف، لكن والحمد لله هناك من له الحس الثقافي والمهتمين بالنوابغ الشابة ببلادنا من مدراء التنفيذيين للثقافة، الشبيبة و الرياضة، الحماية المدنية، عميد الجامعة.... كلهم شجعوني و ساندوني و أرشدوني... هكذا نريد أن يكون المسؤول بالجزائر، فقوة الأمة يكمن في الشباب، و لكن دائما أقولها أنا ابن الجزائر أولا ومن منطقة جرجرة ثانيا متمسك دوما بموروث الأجداد، و أسعى دوما لخدمته و الحفاظ عليه، فالأروع بالأمر أن تكون عبدا نافعا للآخرين. ما الذي تريد أن تضيفه في كلمة أخيرة: أشكركم على هذا الاهتمام، و شرك لإعطائكم لي فرصة لتقديم انشغالاتي كشاب ، و أكيد أنكم تسعون من جهتكم لإبراز الطاقات الإبداعية بالجزائر، وهذا فضل الواجب أن تشكرون عليه، أتمنى لكم النجاح و التوفيق في عملكم، كما أوجه شكري لكل من شجعني و أمن بقدراتي ، كما أغتنم الفرصة لأقول للذين لهم السلطة في صقل مواهب الشباب، الآلاف من الشباب ينتظرون دعمكم و مساندتكم فلا تبخلوا عليهم لأنهم هم رجال الغد و الجزائر ستكون بأيديهم.