تحضر جامعة الأمير عبد القادر لاحتضان ندوة علمية بعنوان " دور الأرشيف في كتابة تاريخ الثورة الجزائرية" ذلك يوم الأربعاء المقبل بقاعة المحاضرات الكبرى عبد الحميد ابن باديس. تأتي الندوة المنظمة في إطار احتفال الجزائر بالذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية، من أجل الإسهام الجاد في تحديد و دراسة أرشيف تاريخ الجزائر علميا و أكاديميا، وحصر أماكن تواجد الأرشيف التاريخي الجزائري و الحرص الشديد على استرجاعه بالوسائل و الطرق التقليدية و بالوسائل التكنولوجية المعاصرة أيضا، مع فتح آفاق جديدة للباحث الأكاديمي الجزائري و غير الجزائري لاستغلال الأرشيف التاريخي الخاص بالثورة الجزائرية الخالدة، و استثماره بصورة أفضل، مع ضمان تنوع الرؤى و الأطروحات من خلال المادة التاريخية التي تحتويها الوثيقة الأرشيفية و من خلال البحث التاريخي، و العمل على إضافة بصمات جديدة في البحث و الكتابة التاريخيين مع إعطاء البعد الإقليمي و الدولي و العالمي للدراسات التاريخية للثورة الجزائرية، كما تهدف الندوة لتحديد منهج و تقنيات نقد الوثيقة الأرشيفية التاريخية و تحليلها. تنظم الندوة التي تقوم على جملة من المحاور انطلاقا من إشكالية مفادها أن الأرشيف يكتسي أهمية بالغة لدى الشعوب كونه يضم تاريخها و حاضرها و يمثل أساس مستقبلها، فالمعلومات التي يحويها تمثل ذاكرة هذه الأمم حول مختلف الأحداث التي مرت بها عبر الأزمنة، كونه يضمن للشعوب الحق في التعرف على تاريخها، كما يضمن حقوق الأشخاص و الدول، و إذا كانت الأحداث هي من تصنع الأرشيف، فالأرشيف بدوره يعيد تشكيلها، و يقيم صناعة التاريخ من خلال توثيقها و حفظها و الحفاظ عليها، لهذا فهناك علاقة وطيدة و متكاملة تربط الأرشيف و التاريخ، اذ لا يمكننا الحديث عن التاريخ من دون التطرق لموضوع الأرشيف أو من غير الاطلاع على الأرشيف بمختلف أشكاله و مصادره، كما لا يمكننا الحديث عن الأرشيف بمنأى عن الأحداث التاريخية التي عاشتها الشعوب، و في هذا الصدد لا يمكننا الحديث عن تاريخ الشعوب و أحداثها السابقة دون التطرق لموضوع الحروب و الثورات التي عرفتها و تعرضت لها، لهذا يعتبر الأرشيف الأساس الذي يبنى عليه تسجيل الأحداث التاريخية و توثيقها حفظا لذاكرة الأمم. لذلك جاءت هذه الندوة العلمية لتوضح أهمية الأرشيف في كتابة تاريخ الجزائر، خاصة و انه غزير و ممتد في حقب الزمن الماضي، و بما أن أرشيف الجزائر في العهد العثماني موجود بتركيا، و أرشيف الحقبة الاستعمارية موجود بفرنسا، و ببلدان أخرى مثل مصر و تونس و المغرب، و ألمانيا و اسبانيا، فمن حق الجزائر المعاصرة الحرة المستقلة استرجاع أرشيفها بل صارت الحاجة ملحة و شديدة لجمع الأرشيف الجزائري المتناثر عبر أصقاع العالم و حفظه و استغلاله أحسن استغلال. و تضيف إشكالية الندوة، أن الجزائر بادرت للاهتمام بموضوع الثورة التحريرية، حيث أنشأت وزارة المجاهدين، المركز الوطني للدراسات و البحث في تاريخ الحركة الوطنية، و ثورة أول نوفمبر، و بدأ طلبة الدراسات العليا بأقسام التاريخ يهتمون بموضوعات الثورة التحريرية، و مع ذلك تضل هذه الجهود بحاجة إلى مزيد من الاهتمام و الرعاية، و بخاصة ما تعلق بدراسات الموضوعات التي لم تتناولها أقلام الباحثين، أو المتعلقة بفهم الاستراتيجية العميقة التي تبنتها الثورة في مجابهتها لسياسة الاحتلال، و الاستثمار الأمثل في الأرشيف التاريخي و تحليله. تتطرق الندوة لجملة هذه المفاهيم من خلال عدة محاور منها ما يتعلق بتقنيات و أدوات نقد الوثيقة الأرشيفية التاريخية، و آخر يتطرق لدور الرواية الشفوية و المذكرات الشخصية في الكتابة التاريخية، و تدوين الثورة الجزائرية، و منها من يتطرق لدور المؤسسات الأكاديمية و البحثية في جمع الروايات الشفوية، و آخر يخص آليات و وسائل جمع الروايات الشفهية و أساليب تحقيقها من أجل تاريخ حقيقي، و محور آخر يخص شروط و مواصفات حفظ أرشيف الثورة الجزائرية، و محور يحدد علاقة الأرشيف بكتابة تاريخ الجزائر، و آخر بعنوان الأرشيف السمعي البصري التاريخي و دوره في تدوين تاريخ الثورة، و منها من يتطرق للوسائل التكنولوجية الحديثة و دورها في حفظ الأرشيف و معالجته و إتاحته على المستوى الوطني و الدولي و التعريف به، و محاور أخرى ستتخلل الندوة العلمية المنظمة هذا الأربعاء بجامعة الأمير عبد القادر بداية من الساعة التاسعة صباحا.