هناك الكثير من الزوجات العاملات من تعشن تحت سقف المذلة و القهر بسبب رواتبهن التي يعمل الزوج على الاستحواذ عليها و فرض سيطرته على خليلته بسببها ، و هنا تبدأ حلقة الصراع حول مصاريف البيت و الأولاد ، فتتحوّل حينها العلاقة الزوجية إلى مجرّد شراكة تحددها المصلحة المادية . زهية بوغليط راتب الزوجة .. حينما يتحوّل إلى محل أطماع الجميع عادة ما يختار الرجل المرأة العاملة للزواج بها على أساس اعتبارات مختلفة، بل أصبح عملها أمرا بديهيا للعامة ، و أحيانا شرطا من شروط قبول الطرف الآخر، لكن في أرض الواقع يتحول هذا الراتب إلى مشكلة بين الطرفين و في الأسرة عموما، فالزوج يريد راتبها بحجة خروجها من وقته ووقت أولاده، والوالدان يريدان بعضًا منه كونهما هما من ربياها ولهما الحق فيه ، و بالمقابل فإن الزوجة بطبيعة الحال ترفض التنازل عن جهدها و تعب سنوات دراستها و عملها، لتظل الزوجة العاملة تعيش وضع الانقسام بين الزوج والأهل، فالزوجة من وجهة نظرها تجد أن الراتب الذي تعبت وشقيت في سبيل الحصول عليه هو من حقها في المقام الأول ، دون تدخلات للأطراف الأخرى، تقول السيدة زهرة، 38 سنة، مهندسة، متزوجة و أم لطفل، أنها لم تكن تظن يوما أن راتبها سيكون عبئا عليها في يوم من الأيام ، فالجميع يطمع في مشاركتها فيه، سواء زوجها الذي لا يقولها لفظا ، لكن تصرّفاته تفضحه تضيف محدثتنا ، أو أهل زوجها الذين يعتبرون أن لهم الحق في جزء منه، كونها تذهب للعمل و تبقي بطفلها لديهم، أما والدها فهو الآخر ينتظر منها مصروفه عند كل آخر كل شهر، و هنا تجد زهرة نفسها عاجزة عن إرضاء كل الأطراف ، و إن كان ذلك فسيكون على حساب جهدها و تعبها . علاقات كان مصيرها الشقاق و الطلاق قد يأخذ مشكل الراتب أبعادا لا يحمد عقباها قد تصل لحد الشقاق أو الطلاق ، حيث سردت العديد من الزوجات العاملات اللواتي تحدثت إليهن "الجزائرالجديدة" معاناتهن و مدى الضغوطات النفسية الممارسة عليهن بسبب رواتبهن، هذه النزاع و تلك المشاكل قد تنتهي بالطلاق ، الذي يبقى الورقة الأخيرة التي يلعبها الزوج لإضفاء سيطرته، خاصة إذا لم تجد رادعا لها أو تضحية أو تنازل من أحد الطرفين ، حسب ما تؤكده نادية، 46 سنة، أستاذة جامعية، مضيفة أن بعض النساء يعتبرن أن الزوج هو الوحيد الذي يتحمل مسؤوليات الحياة الزوجية و الأبناء كاملة ، و لا يحق له الطمع في راتبها و التصرّف في مالها ، وهذا الأمر الذي يرفضه بعض الأزواج خاصة ذوي الرواتب البسيطة، تقول السيدة حياة،44 سنة، مطلقة بدون أولاد: " كان زوجي رجلا طمّاعا و بخيلا، فكان يبقي براتبه برصيده و يدّخره بحجة شراء سيارة ، و بالمقابل يطلب مني الإنفاق على البيت و شراء مستلزمات الحياة الضرورية، و عندما أرفض ذلك ينهال علي ضربا و يتسبب لي بمشاكل من أي نوع كذريعة للشجار معي، و قد كنت في بعض الأحيان أتنازل و أمنحه ما يريد حتى أتخلص من مشاكله ، إلى أن جاء اليوم الذي لم أتحمّل فيه ظلمه و استبداده لي"، أما السيدة "ريمة،ن" من العاصمة فقد سردت لنا قصتها مع طليقها الذي تزوجها طمعا في مالها، حيث بدأت الخلافات حول راتبها بينهما منذ الأشهر الأولى ، حيث طلب منها منحه وكالة تسمح له بقبض راتبها نيابة عنها، لكنها رفضت ذلك ، بحجة أن راتبها هو مقابل لتعبها و جهدها ، ولا يجوز له أن يأخذ منه دينارا واحدا ، فقام زوجها برفع دعوى طلاق ضدها . أما سلوى، 41 سنة، معلمة بالابتدائية تقول: "عندما امتنع عن إعطائه الراتب يبدأ في إقناعي أن أمور الحياة صعبة ، ولابد أن نتساعد ، كوسيلة للتأثير علي ، و لا أشعر بنفسي إلا و أنا أمنحه ما يريد لأندم في آخر الأمر " . سيناريو التنازلات يبدأ معهن حتى قبل الزواج .. يعطي بعض الأزواج لأنفسهم الحق في التصرّف بمال و رواتب زوجاتهن رغما عن إرادتهن، و كأنه ملك لهم، ورغم أنه حقٌّ لها و لا يمكنه إجبارها وسلبها إياه، غير أن المرأة أحيانا تجد نفسها مجبرة على التنازل عن بعض حقوقها لأجل الحفاظ على لم شمل عائلتها ، خاصة إذا أحست بخطر يهدد عائلتها، حينها ستشعر أن المال لا يساوى شيئا أمام تشتت أسرتها ، السيدة صورية، 46 سنة، متزوجة و أم لثلاث أولاد، ممرضة، أخبرتنا بصراحة أنها لم تجد خيارا سوى منح زوجها نصف راتبها حتى يكف على مضايقتها في كل كبيرة و صغيرة ، و لومها و تهديدها بإيقافها عن العمل، و رغم أنه لم يجبرها مباشرة بمنحه نصف راتبها ، لكنها أدركت أن ما يسكته سوى تقديم له المال، و هنا لم تجد خيارا سوى التضحية بجزء من جهدها و تعبها للحفاظ على استقرار عائلتها و أولادها ، الذين لا ذنب لهم في الحياة، أما أخريات فسيناريو التنازلات يبدأ معهن قبل الزواج، و مسلسل سحب منهم جزءا من راتبهم يكون شرطا لإتمام مراسيم الزواج ، لا سيما مع المتقدمات في السن ، و الذي يرى فيهن الرجل أنه يلعب دور البطل الذي ينقذهم من شبح العنوسة، هي قصص كثيرة عايشتها نساء في صمت ، لم يجدن سوى التنازل للظفر بالأسرة و الأولاد، سارة، 37 سنة، أستاذة، سردت لنا قصتها مع خطيبها الذي جعلها تتيقن أن زواجه منها لم يكن إلا بدافع راتبها، فكل مرة يطلب منها جزءا منه، و عندما تتماطل في منحه إياه يهددها بالانسحاب و التراجع عن الزواج، تقول سارة:" لم أجد خيارا لي سوى التنازل و التضحية بالمال لأجل الزواج "، أما سهيلة، 41 سنة، صحفية بجريدة خاصة، فقد صرحت لنا أن مشروع خطوبتها توقف بسبب جشع خطيبها الذي طلب منها منحها سيارتها بعد الزواج ، و اعتبره شرطا لإتمام زواجهما . الرجال : كل يراها من زاويته و من أجل التعرّف على الرأي الآخر ، ارتأينا التحدّث مع ال، جنس الخشن باعتباره عنصرا أساسيا في موضوعنا، حيث اعتبر البعض ممن تحدثت إليهم الجزائرالجديدة أن راتب الزوجة أمر من خصوصيات المرأة ، و لا يمكن للرجل التدخل فيه و فرض سيطرته عليه ، لأنه تصرفه بهذه الطريقة يعدُ شكلا من أشكال الظلم و الاستبداد، يقول السيد رشيد، 49 سنة، إطار بمؤسسة عمومية: " لا أتصوّر نفسي أن أطلب من زوجتي راتبها أو جزءا منه، أخجل بنفسي لو تصورت ذلك، فأنا متزوج منذ عشرين سنة ، و لم أجرء على التفكير في هذا الأمر ، رغم أن راتب زوجتي يتعدّى راتبي"، أما السيد حسين،43 سنة، مهندس معماري، فقد أكد لنا أنه في حياته لم يطلب من امرأة دينارا واحدا، فما بالك بزوجته ، و اعتبر ذالك مساسا برجولته و كرامته، أما السيد البشير، 41 سنة، تاجر، فقد رفض بتاتا قبول دينار واحد من مال زوجته حتى لو قدمته له بنفسها. بالمقابل فإن آخرين اعتبروا أنها مسألة عادية بعيدا عن الحساسية ، لأن الزواج هو شراكة في كل شيء، شراكة في المشاعر و المشاكل و كل جوانب الحياة ، و ليس عيبا أن يكمل الواحد الآخر، يقول السيد محمد، 36 سنة، متزوج حديثا:"لا أتصور أنني أكون في ذائقة مالية و لا تقف زوجتي بجانبي، لمن سأذهب إلى الأغراب و انتظر منهم دعمي؟"، أما السيد فوزي، 41 سنة، متزوج و أب لطفل فقد صرح لنا أن زوجته متفهمة جدا و لا يوجد بينهما حسابات و إذا حدث و وقع في مشكل مالية فانه يأخذ جزءا من مالها الذي لا تحرص على إخفائه منه، و أضاف قائلا:" إن الزوجة التي لا تقف بجانب زوجها في أصعب الأوقات لا تستحقه" . في حين يوجد من يعتبر أن راتب الزوجة من حقه بل إنه جزء لا يتجزأ من حقوقه، أمثال السيد بوعلام ،44 سنة، حينما وصف المرأة العاملة أنها تضحي بحق زوجها و أولادها ، بخروجها للعمل، و من هما يعتبر نفسه مشاركا في ذلك العمل قائلا: "عادة ما أدخل للبيت و أجد نفسي مجبرا على تنظيف المنزل و إعداد الطعام ، و من المفروض أن أجده جاهزا، و من هنا يخول لي الحق في أخذ جزء من راتبها ، و إن رفضت ذالك سأجبرها على المكوث بالبيت، لكنني لا أقوم بذالك بطبيعة الحال، لأن زوجتي متفهمة و الحمد لله." شراكة مبنية على التفاهم دون حسابات مادية في المقابل هناك من النساء من تختلف رؤيتها للموضوع ، على أنه استبداد و ظلم من قبل الرجل، بل تعتبره شكل من أشكال التعاون على مشاكل الحياة و صعوباتها ، خاصة في الوقت الحالي ، لأن الزوجان شخصان يكملان بعضهما البعض ، و المفترض ألا تفرقهما الفاتورة الخاصة بكل احتياجات البيت، تقول سامية، 34 سنة، محامية،:" أنا أعمل الآن منذ سنوات عدةّ ، و أساعد زوجي في مصروف البيت دون الحاجة لطلبه مني، لأننا متفهمين تماما أن الراتب عليه أن يكون مفتاح الاستقرار الأسري لا بوابة الخلافات " .