قررت الحكومة، تمرير قانون المالية التكميلي لسنة 2015، عبر أمرية رئاسية، و"حرمت" بذلك نواب الشعب من الخوض في مسألة تعتبر من صميم مهامهم الدستورية والتشريعية. وينتظر أن تضع الحكومة آخر الرتوشات على مشروع قانون المالية التكميلي للسنة الجارية في اجتماعها المرتقب يوم 17 جوان الجاري، وهو الاجتماع الثاني من نوعه الذي يخصص للحسم في المشروع، بعد ذلك الذي كان في الثالث من الشهر الجاري، وضم كما هو معلوم وزارات كل من الطاقة والصناعة والثقافة فضلا عن المالية، باعتبارها الوزارة المعنية بصياغة المشروع. وتوجد في مقدمة المستجدات التي تضمنها مشروع قانون المالية التكميلي الجديد، المادة المتعلقة بمراجعة الضريبة على أرباح الشركات، وفق ما جاء على لسان الوزير الأول، عبد المالك سلال، في أكثر من مناسبة، وهي القضية التي ظلت تتأرجح منذ العام 2009، وكانت محل انتقادات من قبل المستثمرين الأجانب وفي مقدمتهم الاتحاد الأوربي، الذي يربطه بالجزائر اتفاق شراكة، لا يزال قيد المفاوضات في بعض جزئياته. بالإضافة إلى ذلك، يتضمن مشروع قانون المالية، مادة تتعلق أيضا بالضريبة على النشاط المهني، وهو الإجراء الذي يهدف إلى تشجيع ودعم وتسهيل الاستثمار المنتج للثروة ولمناصب العمل، والحد من الاستثمار الذي تبقى وجهته تجارية محضة، الأمر الذي أضر كثيرا بالإنتاج الوطني ومن ثم بالاقتصاد الوطني برمته. وشكلت هذه القضية محور نقاشات سياسية على مدار سنوات، فالرئيس بوتفليقة وإن كان الدستور يخول له التشريع عن طريق الأوامر الرئاسية، إلا أن ذلك يبقى استثناء في التشريع الجزائري، غير أن الأمر تحول إلى قاعدة، الأمر الذي حد من هامش تحرك الهيئة التشريعية أمام الجهاز التنفيذي، وعادة ما يلجأ لتمرير مشاريع قد تلقى معارضة من قبل النواب. ولا يزال الجميع يتذكر الأمريات ال11 التي وقعها الرئيس بوتفليقة في العام 2003، بينما كان الخلاف على أشده بينه وبين رئيس حكومته الأسبق ومنافسه السابق في الانتخابات الرئاسية علي بن فليس، وهو القرار الذي اعتبر استفزازا من قبل الرئيس لأنصار بن فليس حينها من أجل دفعهم لرفض تلك الأمريات، حتى يعطوه الفرصة لحل البرلمان، غير أنهم لم يعترضوها. ومعلوم أن الأمريات لا تناقش على مستوى غرفتي البرلمان، فإما تقبل كما هي أو ترفض، وفي حالة الرفض فإن رئيس الجمهورية يمكنه إحالتها مجددا على البرلمان وفي حال رفضها مرة أخرى، يمكن للرئيس أن يحل البرلمان ويدعو لانتخابات تشريعية مسبقة. أما التشريع عن طريق الأمريات فيتم عندما يكون البرلمان في عطلة، أي ما بين الدورتين الربيعية والخريفية، وهو ما يعني أن إصدار الأمرية سيكون في غضون شهر أوت المقبل.