حركت عودة "رجل الاحتياط" كما يسمى في الأوساط السياسية، أحمد أويحي، إلى واجهة المشهد السياسي، بعد "قيلولة سياسية" قصيرة، جمودا في الساحة السياسية، خاصة مع الدعوة التي أطلقها حول إعادة بعث التحالف الرئاسي، ولكن على طريقته هذه المرة، وهي دعوة يفسرها متابعون على أنها تصب في خدمة أويحي، أكثر مما تدعم برنامج الرئيس بوتفليقة، نظرا لوجود تلميحات وتصريحات حزبية وسياسية عن التحضير لما بعد بوتفليقة. وعودة أويحي الى الواجهة الحزبية، أمينا عاما لثاني حزب سياسي تمثيلي في البرلمان، في نفس الوقت الذي يمسك فيه بمنصب حساس في قصر المرادية، ستثير تحاليل وقراءات، لن تنتهي غدا، لان مساره السياسي الطويل نسبيا، يفيد بامر واحد: أحمد أويحيى.. رجل ب"سبع رواح". مثلما كان متوقعا، عاد "رجل الاحتياط" أحمد أويحي إلى الأمانة العامة للتجمع الوطني الديمقراطي، بعد أسابيع من الترقب، عرف خلالها الحزب هزة داخلية هادئة، افتعلها أغلبية وزراء ونواب الحزب، دعوه إلى العودة إلى أحضان الأرندي. كل المؤشرات في تعاضدية العمال بزرالدة، كانت توحي أمس، أن اللعبة محسومة لرجل اسمه أحمد أويحي، بدءا بالابتسامة العريضة التي لم تفارق محياه، وظل يوزعها على الحاضرين منذ انطلاق أشغال الدورة، وكانت "العلامة الكافية" في نظر الكثيرين، على أن "الدومينو مغلق". وما لفت النظر، هو غياب أسماء محسوبة على خصوم أويحي، رغم أن رئيس ديوان الحزب الطيب ملطو، أرسل دعوات الحضور لكل أعضاء الأمانة الوطنية السابقين والأمناء الولائيين دون تمييز أو إقصاء، وعدد من الوزراء السابقين كوزير التربية السابق أبو بكر بن بوزيد، ووزير البيئة سابقا شريف رحماني، المتواجد بفرنسا لإجراء عملية جراحية. ومثلما كان متفق عليه بين الكوادر الذين قادوا هذه "الدراما السياسية" بامتياز، زكى المجلس الوطني للحزب بالإجماع أحمد أويحي لقيادة الحزب خلال المرحلة المقبلة، بطريقة تحمل رسالة ضمنية مفادها أن رجال " الأرندي " يفضلون الانتقال السلس للسلطة داخل الحزب. وإن كان تنظيم الدورة "سيئا"، استطاع الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي بفضل طلاقة لسانه وقصر كلمته، أن يتحكم في زمام الأمور، حتى أنه رفض الحديث عن الفترة التي قضاها بن صالح أمينا عاما للتجمع، واكتفى بالقول، إنه سيظل "أخا عزيزا" على كل المناضلين. وعرض أحمد أويحي في كلمته التي لم تتجاوز بضع دقائق، الخطة التي وضعها لتسيير المرحلة المقبلة، متعهدا بالقضاء على "الذهنية الانتقامية"، موجها رسالة لخصومه يطمئنهم فيها، قائلا "أمد يدي لكل المسؤولين، ولجميع الإطارات ، حتى يكون جميعنا في خدمة الجزائر العزيزة ". من جهة أخرى، أوضح أحمد أويحي أنه سيعتمد على مبدأ التشاور داخل الحزب من خلال احترام النصوص الأساسية للحزب. وناشد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي مؤقتا جميع الأحزاب التي يتقاسم معها الخيارات السياسية الكبرى إلى العمل في إطار قطب سياسي، غايته تعزيز الدعم لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة. وإن كان "سي أحمد" صنع الحدث بعودته المؤقتة للحزب، وبانتصاره على خصومه، وفضلوا عدم الحضور، تفاديا لخروجهم من الباب الضيق مثلما حدث مع نورية حفصي، العقل المدبر للإطاحة بأويحي سنة 2013، مثلما روج له وسط الحاضرين، فإن أهم ما ميز الدورة أنها تعرضت " لخياطة على المقاس" وبطريقة احترافية، ورغم أن أغلب الحاضرين أجمعوا على أن الظروف الصعبة التي مر بها الأرندي، أملت على إطاراته المطالبة بعودة "رجل الاحتياط "، فالمؤكد أن ما حدث منذ أسبوعين داخل القاعة البيضاوية، وما حدث أمس داخل تعاضدية العمال بزرالدة، يعكس ترتيبات معينة لقرارات ستتضح رؤيتها لاحقا، فأجنحة السلطة اتفقت على توزيع حزبي، بين الأفلان ممثلا في سعداني الذي نال رضا و"بركات" بوتفليقة وأويحي الذي عاد "بغمزة " منها، ومن بين التساؤلات التي تطرح نفسها " ما الدور الذي سيلعبه سي احمد خلال المرحلة القادمة "، خاصة وأن كل المتتبعين للشأن السياسي، رفضوا توظيف الصدفة في عودته.