تعتبر قرية القلعة بأزفون واحدة من أفقر القرى على الإطلاق بالمنطقة حيث تعيش بها عائلات في عزلة تامة عن باقي سكان البلدية، محرومين من أدنى ضروريات الحياة نظرا لكوكبة من المشاكل التي تلازم الواقع التنموي بهذه القرية، والتي جعلت الحياة ثقيلة على قاطنيها، جراء تدهور المحيط المعيشي وتجرع معاناة التنقل عبر طرق مهترئة لقضاء أبسط الحاجيات، زيادة على غياب المرافق الضرورية بهذه القرية الفلاحية، مما أفرز جوا من اليأس عند شبابها والذي أصبح لا يفكر إلا في أمر واحد وهو الهجرة بحثا عن حياة أفضل. تبدأ انشغالات السكان ورغم كثرتها، بمشكل انعدام فرص العمل، الأمر الذي جعل من البطالة شبحا يلازم أبناء القرية، نظرا لغياب المؤسسات العمومية أو الخاصة والتي تسمح بفتح مناصب الشغل بالمنطقة، وفي ظل انتشار الفقر وغياب مناصب العمل، اضطر عدد من السكان إلى العمل في أشغال البناء، وفلاحة أراضيهم وتربية قطعان الماشية، حيث تبقى هذه الأعمال التقليدية، التي توارثتها الأجيال أبا عن جد بالمنطقة، المصدر الوحيد لرزق الكثير منهم، والذي لولاه لما تمكنوا من الحصول على لقمة العيش لإعالة أبنائهم. وما لمسناه بعين المكان عند زيارتنا للمنطقة أن بعض السكان مازالوا متمسكين بأراضيهم أما فئة الشباب فالكثيرون منهم فضل الهروب من الواقع المر الذي تعيشه قريتهم، والبحث عن فرص عمل أفضل بعيدا عنها، خاصة منهم الفئة الحاصلة على شهادات جامعية، التي رفضت الاستسلام للظروف القاسية التي عاشها الآباء في القرية، ورفعوا تحدي التغيير وقرروا النزوح منها، والقدوم إليها فقط لقضاء العطل واسترجاع الذكريات، والتمتع بجمال تلك القرية التي طالما لازمها الفقر والتهميش. معاناة مستمرة مع غاز البوتان في سياق متطلبات الحياة اليومية، يعاني السكان من انعدام العديد من الضروريات وعلى رأسها غاز المدينة، ويضطر هؤلاء، في مثل هذه الظروف، إلى الاعتماد على قارورات غاز البوتان التي تعرف، مع حلول فصل الشتاء، حسب تأكيدات السكان، نقصا فادحا في التوزيع، مما يضطرهم إلى دفع مبالغ مضاعفة للحصول على هذه المادة، الأمر الذي يخلف عبئا ماليا أرهق جيوب أصحاب العائلات، وقصد التخفيف منه يضطر الكثير منهم للجوء الى الوسيلة التقليدية التي لا غنى عنها، ألا وهي الاحتطاب في الغابة المجاورة لقريتهم تحت أنظار الحيوانات المفترسة التي تترصدهم في بعض الأحيان مما يبرهن وبشدة على الحالة المأساوية التي يعيشها هؤلاء والتي وصفوها ب "البدائية" في بيوت تنعدم فيها أدنى شروط الحياة الكريمة، ناهيك عن ضعف التموين بمياه الشرب وهو ما يحتم عليهم جلب هذه المادة الحيوية من الأبار. تهيئة المسالك الداخلية.. حلم بعيد المنال من بين المطالب الأساسية للسكان والتي لا تقل أهمية عن سابقيها، ما يتعلق بالمسالك الداخلية غير المهيأة، فأثناء تجولنا بالقرية لاحظنا بأن معظم مسالكها ترابية مليئة بالحفر حيث لم تشهد أية عملية تزفيت منذ أن سكنتها أولى العائلات، مما يصعب من حركة السير والتنقل من خلالها، حيث يضطر هؤلاء السكان إلى ترك مركباتهم عند مدخل القرية نظرا لعدم قدرتها على التوغل أكثر ومنه لجوؤهم إلى استعمال وسائل النقل المتاحة والمتمثلة في الحمير. هذه الأخيرة التي لا يمكن لأي أحد منهم الاستغناء عنها للتنقل، خاصة عندما تكون لديهم حمولة ثقيلة، ومن هذا المنطلق لم يخف السكان رغبتهم الشديدة في رؤية الطرق الداخلية لقريتهم، معبدة وفي أقرب الآجال. النقل هاجس آخر عقد المعاناة تعيش قرية القلعة في عزلة تامة، ويشتكي السكان من النقص الفادح في وسائل النقل وذلك عبر مختلف الاتجاهات فلقد حدثنا الكثير منهم عن اضطرارهم للوقوف لساعات طويلة عند مدخل القرية في انتظار أية وسيلة نقل يغادرون بواسطتها من هناك، مما يبرهن وبشدة على حالة العزلة المفروضة عليهم. وأكد العديد منهم أن سيارات النقل الجماعي لا تمر إلا نادرا مما يضطر هؤلاء إلى استعمال سيارات الأجرة، التي تكلفهم الكثير من المال، اذ أن السيارات التابعة للخواص تكاد تكون وسائل النقل الوحيدة التي تمر عبر تلك القرية، فمن يريد التنقل الى عاصمة الولاية، أو حتى إلى بلدية أزفون، فما عليه إلا النهوض باكرا للظفر بمقعد في إحدى سيارات النقل الجماعي، أما اذا تعدت الساعة التاسعة صباحا، فيصبح من الصعب عليه التنقل إلى هناك، ولعل ذلك يشكل أحد اوجه المعاناة التي أثرت حتى على تمدرس التلاميذ، الذين غالبا ما تكثر غياباتهم في ظل عدم وجود النقل المدرسي، الأمر الذي اضطر بعض الأولياء الى توقيف أبنائهم عن الدراسة، ليضيع بذلك مستقبلهم نظرا لعدم وجود أبسط الإمكانيات التي تضمن لهم التحصيل العلمي. وفي سياق الحديث عن فئة المتمدرسين، فيمكن القول أن هذه القرية لا تحتوي على أي هيكل تربوي، فحتى في الطور الابتدائي لم تشهد بناء أية مؤسسة، ما يجبر تلاميذ تلك المرحلة على التنقل إلى الابتدائيات المتواجدة بالقرى المجاورة على غرار قرية أزرو وتيدميمين حيث تبعد هذه الأخيرة عن قرية القلعة بحوالي 03 كيلومتر. الصحة لا تلبي الاحتياجات تحدث سكان القرية بنبرة فيها الكثير من الحزن والأسى والتأسف، لما آلت اليه أوضاعهم المعيشية، عن غياب الخدمات الصحية، فرغم أنها تعتبر واحدة من أقدم القرى بالبلدية، إلا أنها تفتقر إلى قاعة علاج، ليبقى "شبح" الأمراض يهدد قاطنيها، حيث يكابد هؤلاء متاعب كبيرة في الوصول الى أماكن تواجد الهياكل الصحية بالقرى المجاورة ويقول السكان أن تنقلهم الى تلك المرافق الصحية، على غرار المركز الصحي بقرية تيفريت، الذي يعد الأقرب إليهم ويبعد عنهم بحوالي عشرة كيلومترات، أوالى مستشفى البلدية من أجل تغيير الضمادات أو لأخذ حقن، هو تنقل صار مكلف، كما أن النساء لم يعد بمقدورهن إجراء الفحوص الطبية رفقة أطفالهم لبعد المسافة ونقص النقل، وهو ما زاد من حجم معاناتهم، وهذا دون الحديث عن الحالات المستعصية والخطيرة التي لا تحتمل أي تأخير. مطالب ببناء مسجد في القرية معاناة سكان القلعة لا نهاية لها، فبالإضافة إلى غياب مختلف المرافق الضرورية والخدماتية، التي لا غنى عنها، فإن حالة التهميش طالت أكثر الهياكل التي لابد من تواجدها، اذ لا تتوفر هذه القرية على مسجد يجتمع فيه سكانها للتعبد وأداء مختلف الصلوات، لاسيما بالنسبة لصلاة الجمعة وصلاتي العيدين، مما يضطرهم للالتحاق بمساجد القرى المجاورة وقد خلقت هذه الوضعية انعكاسات سلبية على سكان المنطقة الذين قالوا بأنهم وجدوا أنفسهم وفي الكثير من الأحيان في وضعيات حرجة بسبب هذا المشكل وذلك في ظل غياب تكفل حقيقي من طرف المسؤولين بمشاكلهم، حيث تبقى الاستجابة إلى الكثير من مطالبهم معلقة كما يقول السكان دائما. ونتيجة لهذا كله يناشد سكان قرية القلعة بأزفون، السلطات المحلية من أجل التدخل والتكفل بانشغالاتهم في القريب العاجل وذلك في الاتجاه الذي يسمح برفع المعاناة عن يومياتهم.