شهدت العاصمة، مؤتمرين لأقطاب الموالاة والمعارضة، الأول لحشد الدعم لرئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة والجيش أمام "التهديدات التي تحيط بالبلاد"، والثاني لبحث "انتقال سياسي سلمي" وأيضا للتعبير عن دعم الجيش قبالة "التهديدات الامنية الحقيقية"، مثلما قال رئيس الحكومة الأسبق بن فليس، ورئيس "حمس" عبد الرزاق مقري. دفعت "مائدة مستديرة" التف حولها رموز المعارضة بأحزابها، والحرارة المرتفعة بالقاعة البيضاوية، رؤساء أحزاب الموالاة والمحسوبين على جناحها، إلى صياغة خطابات ساخنة، وضعت فيها المعارضة في قفص الاتهام، واثنى فيها الجميع على انجازات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وحملت خطاباتهم عبارات تخويف وتحذير مما يتربص بالجزائر على الحدود. وحضر التجمع، الذي أعاد إلى الّأذهان التجمعات التي نظمها رجال السلطة خلال الرئاسيات الفارطة، رؤساء التشكيلات المنخرطة في المبادرة كرئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول، والأمينة العامة لحزب العدل والبيان نعيمة صالحي، والأمينة العام للاتحاد العام للنساء الجزائريات نورية حفصي، (وهي عضو قيادي في الارندي) عدد من الوزراء مثل عبد الوهاب نوري، ووزيرة التضامن الوطني نورية مسلم ورئيس المجلس الشعبي الوطني العربي ولد خليفة، ومسؤولين سابقين في المؤسسة العسكرية، وغاب كما كان متوقعا الأمين العام بالنيابة للأرندي أحمد أويحي ورئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة بن يونس. سعداني: بوتفليقة هدر صحته من أجل الوطن وبعد تأخر دام قرابة ساعتين، اعتلى الأمين العام للأفلان عمار سعداني المنصة تحت تصفيقات المشاركين، وخاطب في كلمة مقتضبة لم تتجاوز دقيقتين، الحاضرين قائلا "جئتم لتدعموا المجاهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فلتقفوا وقفة إجلال ودعم له، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين، فالرئيس خدم البلاد منذ 15 سنة، وهدر بصحته من أجل هذا الوطن"، مضيفا "بوتفليقة قال لكم فصدق، ووعد ولم يخلف، هذا الرئيس الذي جاء حينما كانت الدماء تسيل والخوف يخيم على قلوب الشعب، أطفأ نار الفتنة، وأخرج الجزائر من تحت رحمة الأفامي". وكالعادة كانت الدولة المدنية حاضرة في خطاب سعداني، مشيرا الى أن "الرئيس وعد بالدولة المدنية فتحقق ذلك، وانتم شهود على ذلك"، وتحدث سعداني عن الجيش موضحا انه يقوم بواجبه في حماية الحدود. وبخصوص هذا التجمع، أوضح سعداني أنه "لم ينظم من أجل أحد، بل نظم من أجل الوطن"، وخاطب الحاضرين قائلا "حذاري من الوقع في الخطأ". ساحلي يدعو المعارضة للتضامن مع الموالاة ومن جهته، قال الأمين العام للتحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي، أنه لبى الدعوة بعيدا عن المصالح الحزبية الضيقة، وعكس ما تريده بعض الأطراف، وتجمع القاعة البيضاوية لتجديد الوفاء لنداء الوحدة، والوقوف ضد هجمات الربيع العربي والأزمة الاقتصادية ورفع التحديات المستجدة. وتحدث ساحلي عن إصلاحات الرئيس، قائلا أنها بدأت بالمصادقة على دستور توافقي، داعيا المعارضة للتضامن مع الموالاة لتطبيق مبادئ الدستور، وخاطبها "فلتكفي عن هز ثقة المواطن بقيادات الدولة والمؤسسات المنتخبة". غول: اطمئنوا الجزائر بألف خير وخاطب رئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول، المشاركين: "مشاركتنا اليوم في هذا التجمع كانت من أجل الجزائر، ومبادرة الجدار الوطني هي مبادرة كل الجزائريين". ووجه المتحدث رسالة للرأي العام المحلي والدولي قال فيها "اطمئنوا الجزائر بألف خير"، مشيرا الى أن الكل مجتمع بالقاعة البيضاوية لتجديد الولاء لرئيس الجمهورية، مضيفا أن أعداء كثر يحاولون جر الجزائر إلى مستنقعات الحرب، لكن الجزائر بقيت وستبقى بفضل السياسة الحكيمة التي ينتهجها القاضي الأول للبلاد، وبخصوص مبادرة الجدار الوطني مفتوحة امام الجميع ولا تقصى أحدا. حفصي: لن نستعمل الأمن ملفا تجاريا وقالت الأمينة العامة للاتحاد العام للنساء الجزائريات نورية حفصي في كلمتها "لسنا هنا بهدف استعراض العضلات، رغم أننا قادرون على ذلك، ولسنا هنا من أجل استعمال الأمن كسجل تجاري، نحن هنا لنرمي مبادرة الجدار الوطني بين أحضان الجزائريين"، مضيفة أنه كان من المفروض أن تكون كل التشكيلات السياسية حاضرة، بما فيها المعارضة التي كانت غائبة عن الساحة خلال العشرية السوداء"، واستدلت بمقولة الراحل عبد الحق بن حمودة "لا ديمقراطية ولا ذاكرة إلا تحت سقف هذا الوطن". وتدخل محمد عليوي الأمين العام للإتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين، ورئيس حزب التجمع الجزائري الديمقراطي عبد القادر مرباح، وحميدي يوسف عن الحزب الوطني الجزائريين. وغاب عن اللقاء الأمين العام للإتحاد العام للعمال الجزائريين، سيدي السعيد. كما ألقى محمد بوعلاق القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، والأمين العام للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، وصبت تدخلاتهم في سياق الدعوة لوحدة الوطن والتجند صفا واحدا وراء جيش التحرير الوطني. سوء التنظيم يفسد "عرس سعداني" تحولت القاعة البيضاوية أمس إلى حلبة ملاكمة، بعد خروج الأمور عن النظام وانفلات الأمن من أيدي المئات من المنظمين، الذين لم يتمكنوا من السيطرة على 22 ألف مشارك، اكتظت بهم القاعة، منذ الساعات الأولى للصباح، ما دفع بعدد من الوزراء إلى المغادرة قبل نهاية اللقاء، بعد اقتحام المشاركين المنصة والاستيلاء على المكان المخصص للصحفيين والمدعويين. كانت الأجواء منذ الساعة السابعة صباحا تنذر بخروج الوضع عن السيطرة، بعد تدفق آلاف المشاركين في اللقاء الوطني للأطراف المشاركة في المبادرة السياسية للأمين العام لجبهة التحرير الوطني، جاؤوا من 48 ولاية، ورغم تجنيد المئات من الطلبة الجامعيين للتنظيم، إلا أنهم لم يتمكنوا من التحكم في الأعداد الهائلة التي اكتسحت القاعة، ما دفع بهم لغلق عدد من المداخل والإستعانة برجال الأمن. ووجد الصحفيون صعوبات كبيرة في الدخول ومنع عدد آخر بسبب عدم حيازة شارات الدخول، نظرا لغياب المكلف بالإعلام، وفي تلك الأثناء شهدت القاعة مشادات وعراكا بالأيدي، واستمرت المشادات هنا وهناك، الى غاية دخول عمار سعيداني مرفوقا بطاقم حكومي، وبمجرد أن أنهى كلمته المقتضبة، غادر أغلب المشاركين القاعة غير آبهين بالوزير عمار غول الذي كان يلقي كلمته، وتلاه متدخلون، كانوا يخاطبون كراسي فارغة وعدد قليل من المتبقين، اقتحموا المنصة، وسط تدافع وعراك مع المنظمين، وسط ذهول الشخصيات الوطنية والوزراء الحاليين والسابقين، الذين رسمت على وجوههم علامات استفهام حول إنفلات الوضع، ما عجل مغادرة الوزيرة مونية مسلم بسرعة، والوزير محمد بوضياف والطيب لوح، وغيرهم. لا أثر لمناضلي الأرندي ونعيمة صالحي تغرد خارج مبادرة سعيداني كثرت الأسئلة حول مناضلي الأرندي كثيرا، وانشغل عدد كبير من المدعوين والأفلانيين بالسؤال عن حضورهم من عدمه، وعدا "نورية حفصي" التي حضرت باسم اتحاد النساء الجزائريات، لم يلبي الدعوة أي مناضل من الأرندي، ويبدو أن تصريحات سعيداني النارية ضد أحمد أويحيى جعلت "الأرنداويين" الذين تحدثوا عن تلبية الدعوة يغيرون رأيهم. وقالت حفصي في ردها على سؤال الجزائر الجديدة حول مشاركتها في المبادرة رغم رفض أويحيى لها، إنها أعلنت باسم النساء الجزائريات انضمامها للمبادرة يوم 8 مارس، وإن أحمد أويحيى حر في شخصه وفي تفكيره. من جهتها رئيسة "العدل والبيان" نعيمة صالحي تمكنت من إلقاء كلمة رغم شغور القاعة، بعد ضجة أحدثها مناضلو حزبها، ومطالبتهم تدخلها عنوة، حتى أنهم قاطعوا عددا من المتدخلين، ورفضوا الإستماع لكلماتهم، وبعد تدخلها فضلت التغريد خارج سرب المبادرة، والحديث عن "قطاع التربية التي تريد بن غبريط ضربه بالقضاء على اللغة الغربية واستبدالها باللغة الفرنسية"، وانتقاد قانون الأسرة وتعدد الزوجات، وانتقدت المنادين بحق المرأة وحريتها في التصرف في جسدها، قبل أن تقاطع بسبب ضيق الوقت. وظل عمار سعداني لغاية اختتام اللقاء رفقة عمار غول فقط. بن فليس: البلاد تعاني تهديدات أمنية حقيقية والأجدر بناء جدار وطني قال رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، أن "السلطة لم تنجح في التشويش على المعارضة، من خلال تحرشات وإلصاق تهم بها والمراهنة على عزل مسعاها، إذ أكد اجتماع المعارضة للمرة الثانية بمزفران، تمساكها وعزمها على تحمل مسؤولياتها للتصدي للازمة السياسية والاقتصادية". ولخص بن فليس أزمة النظام "في شغور السلطة والصراع في السلطة ولا شرعية المؤسسات والإخفاق الاقتصادي"، وقال "إن البلاد تعاني تهديدات أمنية حقيقية، وهذا الوضع لا يسمح بالتلاعب والمزايدة في الوطنية والأجدر هو بناء جدار وطني"، مضيفا "أني أخشى ان النظام السياسي يقوم بتوظيف التهديدات الأمنية لخدمة أهداف ضيقة وهي إخفاء أزمة النظام وضمان بقاءه وإسكات المطالبة بانتقال ديمقراطي". مقري: نحن مع الجيش ولكن يجب تقوية الجبهة الداخلية قال رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، ان "تجمع المعارضة في مزفران لن يحدث انقلابا جذريا في موازين القوة بين عشية وضحاها، بل سيطلق مسارا ينمو مع تطور الأحداث ونضال الأحزاب ومختلف القوى السياسية حتى يخلق وعيا لدى الجماهير"، موضحا أن "الانتقال الديمقراطي سيحدث سواء بتجاوب النظام معنا او زواله لما يصبح عاجزا"، ولفت الى ان مهمة هذا الانتقال هي "المزاوجة بين الانتقال السياسي والاقتصادي من خلال اعادة النظر في التعديل الدستوري ثم الدخول في مسار انتخابي وإقامة حكومة وحدة وطنية". وذكر مقري ان "البلاد تواجه تحديات أمنية كبيرة على الحدود، وإذ نؤكد وقوفنا مع الجيش ضد اي خطر يهدد وحدة وطننا، فإننا نعتبر ان الدرع الواقي الحقيقي هو صيانة الجبهة الداخلية". ذويبي: لقاؤنا ليس لاستعراض العضلات ولخص الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، الوضع الذي تمر به البلاد حاليا "في الغلق السياسي والإفلاس الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي وتحلل ثقافة الدولة، ومخاطر أمنية على الحدود"، قائلا ان "هذه الأسباب جعلت المعارضة تعقد ندوة ثانية لبحث آليات تجسد أهداف الانتقال الديمقراطي والتأكيد على ضرورة الإسراع في معالجة الأزمة قبل فوات الأوان وفق مبدأ الحوار والتشاور والتفاوض". وأفاد ذويبي ان "لقاء المعارضة ليس لاستعراض العضلات بين الجزائريين وليس لتأسيس الخراب مثلما تسوقه السلطة، وإنما رسالة أمل لكل الجزائريين". بن بيتور: الجزائر ستواجه أزمة خانقة في 2017 قال رئيس الحكومة احمد بن بيتور، ان الجزائر ستواجه أزمة اقتصادية خانقة سنة 2017 بسبب نضوب صندوق ضبط الإيرادات واحتياط الصرف الخارجي، بسبب استمرار انهيار اسعار النفط"، موضحا انه كان يفترض القيام بإصلاحات ووضع إستراتيجية منذ سنة 2011. جاب الله: الحوار مع السلطة يجب أن يكون حول هيئة الانتخابات وقال رئيس جبهة العدالة والتنمية، "إن أي حوار مع السلطة يجب ان يكون حول كيفية تنصيب الهيئة الوطنية للإشراف على الانتخابات"، داعيا المعارضة للتمسك بخارطة طريقها، كما دعا الأحزاب التي تلعب على حبلي المعارضة والموالاة إلى اتخاذ موقف صريح، في إشارة الى حركة البناء وجبهة التغيير. الأرسيدي: على المعارضة تغيير سياستها الاتصالية قال التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية في مداخلة قراها، عضو مكتبه السياسي، "بعد سنتين من الإعلان عن أرضية مزفران يمكن القول ان النظام قابلها بالرفض، وجدد هذا الموقف من خلال تعديل الدستور مؤخرا"، موضحا ان "في المجال السياسي اليوم هناك من جهة أولئك الذين دعموا الدستور الآخرين الذين لا ينتمون كلهم لهيئة التشاور. ليس هناك مجال ان نستبعد احزاب او منظمات او شخصيات تستنكر استبداد السلطة، لكن تفضل عدم العمل في هذا الاطار، وبالنظر لطريقة عملنا يجب فتح المشاركة لأكبر عدد، ولكن تلك التي تضمن الالتزام والاستمرارية". وذكر الارسيدي ان "هدفنا ليس دعم عصابة ضد أخرى كما انه ليس تغيير النظام من الداخل، بل خلق ميزان قوى يجبر السلطة على الحوار "داعيا المعارضة لتغيير سياستها الاتصالية". جيلالي سفيان ينتقد سعداني انتقد رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، على هامش الندوة، الأمين العام للافلان، عمار سعداني، قائلا ان "سعداني بدأ يتدخل في صلاحيات الرئيس بوتفليقة، وأخشى ان يصبح الرئيس يوما ما رهينة للرئيس". وقال جيلالي سفيان أن "كل أحزاب المعارضة تقف مع الجيش ضد التهديدات الأمنية وعلى هذه المؤسسة، وضمن هذا الدور عدم التدخل في السياسة"، مضيفا "من هذا المنبر ادعو رئيس هيئة اركان الجيش ليبعث رسالة تهنئة للمعارضة، كما فعل مع المولاة". ودعا رئيس جيل جديد المعارضة لتبتي خطة واضحة ووضع برنامج لإقناع المواطنين. نكاز يدعو المعارضة لتعيين مترشح لرئاسيات 2019 دعا الناشط السياسي رشيد نكاز المعارضة لتعيين مترشح لها في رئاسيات 2019، موضحا "سأدعم مترشح المعارضة اذا قررت ترشيح اي شخصية، ولن أترشح شخصيا، لأن الاهم هو مصلحة الجزائريين". ناصر جابي: البلاد تواجة تحديات كبيرة قال المختص في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، ان "البلاد تواجه تحديات كبيرة اقتصاديا واجتماعيا وامنيا، وان هذه التحديات لن تنتظرنا، ويجب التجند لمواجهة هذه التحديات من خلال العمل الميداني، للأحزاب والجمعيات وإعادة الثقة للشباب".