قطعت حكومة عبد المالك سلال، الشك باليقين، حول وجود قانون مالية تكميلي لهذه السنة من عدمه، وهو موضوع تناولته قراءات اعلامية وتقديرات رسمية في الأشهر الفارطة، دارت كلها بين النفي والتأكيد، وحسم وزير المالية حاجي بابا عمي، امس الأول، في هذه القضية، معلنا عدم اللجوء الى قانون مالية تكميلي سنة 2016، وهو أمر لم تعهده الجزائر منذ سنوات، ويعتبر قانون المالية التكميلي، إجراء استثنائي للدول التي تعترض خزينتها نفقات جديدة لم تكن في قانون المالية السنوي. واجمع خبراء ومتتبعون للشأن الاقتصادي، على ان هذه الخطوة كانت متوقعة بالنظر الى المواد التي سنتها حكومة عبد المالك سلال في قانون المالية لسنة 2016 أبرزها المادة 17 من نص القانون التي تعطي الصلاحيات للحكومة للنظر في هذا القانون دون تمريره عبر غرفتي البرلمان، وتشير المادة أيضا الى منح صلاحيات "رئاسية" لويز المالية، باعتباره عضو في الحكومة، لتوقيع مشاريع قوانين وقرارات نافذة تتعلق بتحويل الميزانية قطاعية نحو اخرى، وهي خاصية "دستورية رئاسية فقط ". وقال النائب عن تكتل الجزائر الخضراء الهاني بوشاش، ل"الجزائر الجديدة" ان عدم لجوء الحكومة الى قانون مالية تكميلي كان متوقعا، رغم الازمة التي تعيشها الجزائر من الناحية الاقتصادية والمالية، بسبب تهاوي اسعار البترول في السوق العالمية وتراجع المداخيل الوطنية، مشيرا الى ان اقرار المادة 17 في قانون المالية، كان ابرز دليل على السياسية الجديدة للحكومة في تسيير الوضع الاقتصادي، وهذا عن طريق اصدار مراسيم تنفيذية او امريات رئاسية دون اللجوء الى البرلمان. وذكر عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني، ان قانون المالية التكميلي، تحول الى "ادمان لدى الحكومة التي رفضت الاستغناء عنه طيلة السنوات الفارطة، بسبب ضعف رؤيتها الاستشرافية والتخطيطية". وعن موقفه بخصوص هذا القرار، قال الهاني بوشاش، انه كان من المفروض على الحكومة اقرار هذا القانون، بحكم ان كل الارقام والمعطيات التي بنت عليها حكومة عبد المالك سلال، قانون المالية لسنة 2016 تغيرت، خاصة ما تعلق بالسعر المرجعي للبترول وسعر الصرف بين الدينار والعملات الأجنبية. ويرى النائب عن تكتل الجزائر الخضراء عدم اقرار هذا القانون دليل على خوف الحكومة من الكشف عن التدابير التقشفية الجديدة التي تريد فرضها على الشعب بعد دخولها المرحلة الثانية من الخطر، مضيفا انها "تريد تسيير الامور في سرية تامة"، تفاديا لتكرار سيناريو قانون المالية للسنة الجارية الذي حول البرلمان الى حلبة صراع. وقال النائب عن حزب العمال رشيد خان، انهم "كانوا يعلقون امالا كبيرة على اقرار قانون مالية تكميلي لتصحيح الشرخ الذي احدثه قانون المالية لسنة 2016، ولكن يبدو ان الحكومة تهرول نحو مصير مجهول"، مؤكدا ان "نواب حزب العمال لا يتفقون مع الحكومة بالتصريح بعدم اللجوء الى قانون مالية تكميلي، من منطلق انه لا يمكن لها ان تتصرف في تحديد الميزانية بتعليمات ومراسيم هي أدنى من القوانين وحتى من الامريات الرئاسية، معتبرا ان هذا الامر تهرب من المسؤولية وتجريد ممثلي الشعب من اداء مهمتهم الأساسية والمتمثل في المراقبة".