لن تلجأ الحكومة خلال السنة الحالية، إلى قانون مالية تكميلي لتعديل الميزانيات القطاعية المخصصة لمختلف الدوائر الحكومية، على الرغم من الوضعية الحرجة التي تعيشها الجزائر من الناحية المالية والاقتصادية، بسبب تهاوي أسعار المحروقات في السوق العالمية وانكماش الإيرادات الوطنية جراء ذلك. تؤكد مصادر حكومية ل”الخبر” على عدم الاستنجاد هذا العام بقانون مالية تكميلي، على الرغم من أنه شكّل ما يشبه “التقليد” على مدار سنوات ماضية، لم تعرف خلالها الجزائر وضعية أكثر تأزما مما تعيشه حاليا، على اعتبار أن السنة الجارية تشكل بداية عهد جديد للاقتصاد الوطني، نظرا لمعطيات الواقع من ناحية والتدابير الحكومية من الناحية المقابلة، سرعان ما ستجد إسقاطاتها على الوضع السياسي، فضلا عن الاجتماعي. ومن هذه المنطلقات، تفرض الوضعية الحالية على الحكومة أن تتخلى عن القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية، التي ستدفعها دفعا ناحية البحث عن بدائل لموارد جديدة، على الرغم من أن قانون المالية للسنة الحالية تضمّن تقليصا في حجم النفقات المخصصة للميزانيات القطاعية لصالح الوزارات، لحقتها التدابير المتعلقة بدمج القطاعات في حقائب وزارية موحدة في سياق تخفيف المصاريف، كما هو الشأن بالنسبة لضم وزارة الأشغال العمومية بوزارة النقل، وهي التجربة التي لجأت إليها الحكومة في وقت سابق، من خلال جمع قطاعي الفلاحة والصيد البحري في دائرة حكومية واحدة. وبالمقابل من ذلك، تواجه المؤسسات العمومية ذات الطابع الاقتصادي بالمقام الأول نفس السيناريو، إذ تلقي إسقاطات انكماش المداخيل الوطنية بها نحو حتمية إيجاد موارد بديلة، على اعتبار أن الخزينة العمومية لم تعد قادرة على تحمّل تبعات عجز هذا النوع من المؤسسات، وهو ما لوّح به الوزير الأول عبد المالك سلال حين دعا الشركة الوطنية للكهرباء والغاز “سونلغاز” على الرغم من كونها ثاني مؤسسة وطنية بعد سوناطراك إلى التوجه إلى موارد إضافية، لاسيما وأنّ الحكومة غير راغبة بمراجعة التسعيرات المطبقة مخافة إثارة الطبقة الاجتماعية. وفي نفس الإطار، فإنّ تعديل الحكومة لتوجّهاتها المتعلقة باللجوء المستمر لإجراء “استثنائي” في الأصل هو قانون المالية التكميلي، يتضمن أيضا السياسة الجديدة التي تسعى من خلالها تسيير الوضع الاقتصادي ضمن معطيات الأزمة، وذلك عبر إصدار القرارات في شكل مراسيم تنفيذية أو أمريات رئاسية، تحمل الطابع التنفيذي لتطبيقها مباشرة دون “استشارة” أو “موافقة” نواب الشعب في البرلمان، وهو ما قد يشكّل تداخلا بين السلطات، المحمية بمبدأ دستوري يضمن الفصل بين كل واحدة منها.