*- تحب بلدها حتى النخاع ولا تفرق بين منطقة وأخرى، وكل أهلها هم إخوتها في خيمة الإمزاد التي نصبت في الجانب الأيمن لصالون الإبداع الذي يختتم اليوم، في باحة رياض الفتح بالعاصمة، وجدناها جالسة على السجاد وحولها العديد من آلات الإمزاد هي والعديد من بنات تمنراست والهدوء والسكينة يخيمان على هذه الخيمة الوديعة، وفي جلسة ودية غاية في الألق، أسرت إلينا بسر صناعتها وتعلقها بهذه المهنة في بيت الإمزاد. هي شنون زينب صانعة الإمزاد بامتياز، الآلة العتيقة، التي يعزف عليها منذ ما قبل تنهنان، ستينية تنحدر من "امشوان" بتمنراست، تتحدث بعفوية وأريحية وهي ترى أن كل الجزائر بلدها، وهي تحبها حتى النخاع، ولا تفرق بين منطقة وأخرى، وكل أهلها أبناؤها وإخوتها. هي سفيرة منطقتها حيثما حلت، وهي صانعة وليست عازفة، رغم كونها تحسن العزف، أثنت زينب كثيرا على راعية الآلة السحرية "الإمزاد" ومنشئة بيت خاص به "بيت الإمزاد" لصناعته وهي السيدة فريدة سلال التي تبنت منذ فترة طويلة الإمزاد وأهل الإمزاد. دخلت شنون زينب عالم صناعة هذه الآلة منذ عشر سنوات، وتلقت الدعوة من طرف شابات المنطقة في بداية الألفية الثالثة، لتصبح صانعة ومعلمة بامتياز في هذه الدار التي تظم من المنخرطات العشرات بل المئات منهن. تشارك زينب رفقة فرقة الإمزاد في فعاليات صالون الإبداع المنظم بساحة رياض الفتح من 27 أفريل الماضي ويختتم اليوم، هذه الفرقة التي أثثت مساءات الصالون المهدى للإبداع، وأمتعت الجمهور المتوافد بكثرة بأحلى أنغامها المنطلقة من أعماق الصحراء من الأهقار ومن ألبوماتها الشهيرة، إضافة إلى فرقة التندي والتاكوبا، راحت شنون زينب تحكي عن صناعة آلتهت الأثيرة التي تتطلب كثيرا من الدقة ومزيدا من الملاحظة والصبر. تعتمد في صناعتها على ثمرة "القرع" وتتطلب سبعة أيام كاملة لإنجازها، حيث يشد جلد الكبش بعد أن يكون قد عولج من زغبه على نصف ثمرة القرع ويثقب على طرفيه، ويزين الجلد بألوان طبيعية تعكس منطقة تمنراست، الأحمر، الأخضر والأصفر، ويصنع عنق الألة، والأعواد الساندة من عود الدفلة ، ليوضع الوتر أو "أزيو" من زغب الحصان، كما يصنع القوس أيضا من زغب الحصان. آلة موسيقية تصدر صوتا مميزا وتشبه إلى حد ما في طريقة عزفها الربابة. بقرعة واحدة صنعت زينب دربوكة، وإمزاد كبير وآخر صغير. المرأة وحدها من يعزف على الألة ويرافقها الرجل في قراءة الأشعار والأزجال. ترافق الإمزاد اللقاءات العاطفية المعروفة ب"أهال"، التي عادة ما تجمع الشباب الطوارق حتى غروب الشمس، وتتواصل أحيانا في جزء من الليل، وذكرت شنون زينب عددا من النساء العازفات مثل داسين، وصانعات الإمزاد الحاليات مثل تبلهويت، بومشت، تهنكوست، تيهيت، دمايلة، شريفة، خولن جدة، شريفة، شتيمة، وكلثومة أصغر واحدة وكلهن نشاط وحيوية في إنجاز أعمالهن بدار الإمزاد. هناك حسب شنون أنواع كثيرة من الإمزاد مثل "أرور انمزد" ظهر الزركة، هي نغمة فيها هدوء، يقرأ فيها الشعر الملحون، وقالت عن التارقي "ما يسمع العار ما يقول العيب"، المرأة تحدث الرجل بالإمزاد وهو يجيبها بالأشعار. هي الإمزاد تلك الآلة الموسيقية التقليدية الشهيرة عند قبائل طوارق الأهقار، محدودبة الشكل تعزفها النساء دون الرجال، ويمجدها رجال الطوارق من القبيلة، فبينما تعزف المرأة التارقية ينشد الرجل الأهازيج الزجلية المرتبطة بتقاليد وعادات الطوارق إلى جانب التغني بقصائد شعرية، ويستعمل فيها إلى جانب الإمزاد الدف والتصفيق. تم إنشاء جمعية "أنقذوا إمزاد" في عام 2003، وبعد عشر سنوات أثمرت جهودهما إدراج الممارسات والمهارات والمعرفة المرتبطة بمجموعات إمزاد عند الطوارق، في قائمة منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) للتراث العالمي الثقافي اللامادي للإنسانية، والفضل يعود لأهل تمنراست ولتفاني الفنانة التشكيلية فريدة سلال، التي يشكرها الجميع. شكرت شنون زينب من قدم لها ولفرق تمنراست الدعوة للمشاركة وعلى رأسهم سامي بن الشيخ الحسين محافظ التظاهرة السنوية، تظاهرة الإبداع والمبدعين.