فيما كان التأملات نحو فوز عرض "يا ليل" للمخرج هارون الكيلاني، وذلك خلال حفل حضره وزير الثقافة عز الدين ميهوبي وتمّ تقديمه باللّغتين الأمازيغية والعربية. وقال وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، أنه يوم اختتام سنة 2018 وكذلك اختتام مهرجان المسرح المحترف، وهو أيضا اختتام موسم ثقافي حيوي متنوع في كل المجالات، وقد سجل المسرح بهذه التظاهرة حضوره القوي وبتميز أيضا، وهذا -يضيف- تأكيد على بروز جيل جديد من مسرحيين شباب، مخرجين، موسيقيين، ممثلين وسينوغرافيين وغيرهم قد عملوا ويعملون على تطوير المسرح الجزائري، مثمنا الحضور القوي للجمهور الذي منح له المسرح أيضا الفرصة والوقت عطلة. وتابع ميهوبي، أن الحدث كان فسحة متسمة بالفن وكذلك الجرعة الزائدة أحيانا، ولكن هذا هو المسرح، مشيرا إلى المتابعة الإعلامية بأنواعها، حيث وصفها بالمتابعة الرائعة، مضيفا أيضا أنه من الأشياء الإيجابية في هذه الطبعة هو المناقشات التي تسمح بتقديم وجهة نظر المخرجين والكتاب عن أعمالهم المعروضة.وأشار الوزير إلى صعوبة عمل لجنة التحكيم في الاختيار وإن كان يعتقد أن كل الأعمال جديرة بالفوز، والأهم هو الفوز بالجمهور وبالإنطباع الجيد، لأنه مكسب، وهذا أيضا -يضيف- يجعلنا نملك وسائل للدعم للإنطلاق بالمسرح لآفاق أرحب، المسرح الآن يحقق انتصارا عربيا ودوليا، لكن الفوز الكبير هو وجود جمهوره. وواصل ميهوبي، أن هذه الطبعة ناجحة بكل المقاييس، فقد أسّست لجائزة "مصطفى كاتب" التي مُنحت لأول مرة للأستاذ الباحث محمد لمين بحري، على أن تتواصل هذه الجائزة، لأن المسألة لا تتعلق بعرض يصفق له الجمهور ونغلق، بل يجب أن تعيش المسرحية ومستوياتها وبما يُكتب عنها في دراسات أكاديمية، فالكتابات الصحفية تبقى انطباعية رغم أن اهتمام الصحف مكسب جديد، فالمسرحيات -يؤكد- الآن تفرض نفسها للكتابة عنها وتقديمها.وعبر ميهوبي عن سعادته للانتصار الذي حققته هذه الطبعة التي رُفعت لإحدى السيدات الكبيرات وهي الفنانة الراحلة "صونيا"، وهي مناسبة أيضا ترحم فيها على الذين رحلوا قائلا "كلما فقدنا اسما إلا ويترك فراغا في المجال الذي ينشط فيه"، متمنيا الصحة للفنانين المرضى وكذا سنةً ميلادية جديدة.وأسفرت مداولات لجنة تحكيم المهرجان عن حصول مسرح تيزي وزو الجهوي الذي عرض "يوبا الثاني" على جائزة أحسن نص، وجائزة أحسن إخراج لأحمد خودي عن عرض "ماكبت" للمسرح الوطني الجزائري، فيما تحصلت منيرة روبحي فيسة على جائزة أحسن دور نسائي عن دورها في نفس المسرحية، بينما تحصل على أحسن أداء رجالي محمد حواس عن دوره في مسرحية "خونة وسارق" لمسرح الجلفة الجهوي. أما جائزة أحسن إبداع موسيقي ففاز بها مناصفة كل من جمال كالون عن عرض "يوبا الثاني" لمسرح تيزي وزو الجهوي و زامي محمد عن عرض "ربيع النساء" لمسرح عنابة الجهوي، جائزة أحسن سينوغرافيا ذهبت لجمال بن يوسف عن عرض "حنين" لمسرح معسكر الجهوي، فيما فاز عرض "خونة وسارق" لمسرح الجلفة الجهوي بجائزة لجنة التحكيم.كما تمّ تكريم لجنة التحكيم من قبل محافظ المهرجان ومدير بيت باشتارزي، محمد يحياوي.وقال رئيس لجنة التحكيم أحسن ثليلاني، أن اللجنة قد تابعت كل العروض المشاركة وحرصت على عقد جلساتها يوميا بعد كل عرض لمناقشته استنادا على معايير ومقاييس تم الاتفاق عليها وِفق منهجية أكاديمية موضوعية وهي التي تحقق، الفرجة الشاملة التي يتم فيها توظيف أدوات الخطاب المسرحي أو بمعنى آخر الدعوة إلى المسرح الشامل، الجمع داخل العرض بين المضمون والشكل، وضوح الرؤية الإخراجية أو بما يسمى الهدف الأسمى، البحث عن التجديد والحداثة الحقيقية، البحث عن سيميائية السينوغرافيا المتكاملة التي تجمع بين اللغوي والحركي والأيقوني لإمتاع الجمهور معرفيا ووجدانياً وحركياً وتحديد وظيفتها في العرض، تحديد منهاج الممثلين وتقييمهم على أساس اختيارهم، جودة الانسجام الجمالي والتناسق بين المؤدين أي روح الجماعة، تشجيع النص الأصلي المؤَلَف وتفضيله على الاقتباس، البحث في ماهية وظيفة وجمالية الموسيقى المستعملة وتقييمها على هذا الأساس.وأكد ثليلاني أن اللجنة أعطت الوقت اللازم من النقاش لكل عرض احتكم فيه أعضاؤها إلى الضمير المهني خدمةً للمسرح.وخلصت لجنة التحكيم إلى بعض التوصيات ألقاها بالتناوب كل من العضوين محمد شرشال ونسرين بلحاج، حيث استنتجت اللجنة تباينا في العروض، وسقوط أغلب الأعمال في الاستسهال والعشوائية وسرعة الإنتاج، ولاحظت أن بعض الأعمال المقترحة تفتقد إلى الفكرة كما أن الارتجال وعدم معرفة الداعي من إنتاج العمل أنتج مسرحا بلا هوية. وأشارت اللجنة إلى لجوء بعض المسارح إلى إعادة أعمال قديمة دون مبرر لذلك وهي أعمال تجاوزها الزمن، كما أن النظام العام للمسرح في مادته السّابعة يشير إلى أن العمل لابد أن يكون جديدا. وحسب اللجنة، فقد اعتمد بعض المخرجون على الإضحاك المجاني والمبتذل والخطاب من غير حرفية كوسيلة للتحايل على الجمهور، بالإضافة إلى سطو بعض الفنانين على اختصاصات غيرهم دون أدنى تحكم في أدواتها، في إشارة إلى المخرجين الذين هم سينوغرافيو عروضهم في الوقت نفسه، وكذلك مجيء كتّاب من أجناس أدبية أخرى غير متحكمين في أدوات الكتابة الدرامية المسرحية. واقترحت لجنة التحكيم تفعيل المادة الرابعة من نظام المهرجان والتي تنص على تشكيل المحافظة للجنة بذوي الاختصاص والكفاءة واختيار العروض التي تشارك في المنافسة وأن لا تكون مشاركة المسارح بطريقة آلية.وألحت اللجنة في النهاية -واعتبرتها رسالة لوزير الثقافة- على تشجيع الأعمال المتوَجة وإعطائها الأولوية في المشاركات الدولية.يُذكر أن المسرحية الفائزة "بكالوريا" للمخرج عز الدين عبار عن نص عبد القادر مصطفاوي، تعالج قصة فنان يتقاسم قبوا مع خطيبته من أجل أن تقدّم فيه دروسا خصوصية لتلاميذها وداخل القبو تحدث كل الصراعات ويدور الحوار اليائس بوجود التلاميذ الذين سيجتازون البكالوريا، وبالعموم يشير العمل إلى مشاكل كثيرة على غرار الهجرة غير الشرعية والطبقية وتهميش الثقافة والفن، وكذلك الحب والإنسانية.يُشار أن برنامج المهرجان شهد تقديم خمسة وعشرين عملا مسرحيا جرى توزيعها ضمن فعاليتين الأولى جرت بمقر المسرح الوطني الجزائري محي الدين باشتارزي التي شهدت عرض ثمانية عشر مسرحية من مسارح عنابة وباتنة وبجاية وسيدي بلعباس، أم البواقي وتيزي وزو، معسكر، سكيكدة وقسنطينة، مستغانم، بومرداس، الجلفة، بسكرة، وهران، العلمة، قالمة، سعيدة، إلى جانب المسرح الوطني، فيما جرت الفعالية الثانية وهي الخاصة بعروض خارج المنافسة بالمسرح البلدي، الذي احتضن سبعة عروض.كما عرف المهرجان ندوات فكرية بنادي "امحمد بن قطاف" كرمت من خلالها الراحلة صونيا، وكذلك ندوات للحديث عن مسرح سوريا وتونس وكذلك التجريب في المسرح الجزائري، بالإضافة إلى المناقشات التي كانت تعقب كل عرض مسرحي متنافس، ولم يهمل المهرجان البيع بالتوقيع لكتاب جزائريين على غرار رشيد بوجدرة، عبد العزيز بوباكير، بهية راشدي، عبد القادر بن دعماش، بالإضافة إلى أمسيات شعرية وبرنامجاً جواريا بساحة "محمد التوري".زينة.ب