في عديد المدن الجزائريّة للمطالبة بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة؛[1][2] وذلكَ بعدما رشّحهُ حزب جبهة التحرير الوطني – الحزب الحاكم في البلاد – للمشاركة في السباق الانتخابي ثمّ أعلنت العديد من الأحزاب والنقابات دعمها لإعادة انتخاب بوتفليقة رغم أنّ حالتهُ الصحيّة في تدهور خاصّة بعدما أُصيب بسكتة دماغية عام 2013.[2] خلفيّة فُرض حظر على المظاهرات في الجزائر منذ عام 2001؛[2] ثمّ رُفعت حالة الطوارئ عام 2011.[1] بحلول شهر شباط/فبراير من عام 2018؛ حاول الآلاف من الأطباء حديثي التخرج التظاهر، ولكن الشرطة حوطتهم ومنعتهم من التظاهر.[2] تكررت الاحتجاجات في نفس الشهر من عام 2019 لكنّها هذه المرة كانت قويّة حيثُ حضرها عشرات آلاف الجزائريين بعد صلاة الجمعة في كل من الجزائر العاصمة، عنابة،و المسيلة وسطيف وقالمة، جيجل، بجاية، تيزي وزو، البويرة، بومرداس، تيارت، غليزان، وهران وورقلة.[1] الخط الزمنيالأسبوع الأوّل بُعيد أيام من إعلان الحزب الحاكم عزمهُ ترشيح عبد العزيز بوتفليقة للانتخابات الرئاسية 2019؛ بدأت أصوات شعبيّة تتعالى من الداخل وتُعبر عن رفضها واستنكارها لهذا الترشيح. تركّزت الانتقادات في البداية عبر مواقع التواصل الاجتماعي ثمّ سرعان ما امتدت للشوارع حينما تصاعدت المظاهرات المطالِبة بعدم ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. رفعَ المتظاهرون عدّة شعارات في مختلف المدن والولايات ولعلّ أبرزها شعاري «لا للعهدة الخامسة» و«بركات بركات ... لا نريد العهدات» و«يا أويحيى يا سعيد ... الشعب ليس سعيد» فيما رفعَ آخرون البطاقة الحمراء في إشارة إلى رفضهم إلى ما قامَ به الحزب الحاكم.[3] نادَ المحتجونَ أيضًا برحيل الوزير الأول (يُسمّى برئيس الوزراء في دول أخرى) أحمد أويحي.[4] تميّزت هذه المظاهرات بسلميّتها رغم الأعداد الكبيرة التي شاركت فيها؛ ورغم الاحتكاك المباشر بين الجموع الغفيرة من المحتجين من جهة وبين الأمن من جهة ثانية،[5] فيما شهدت نقاط تماس أخرى مواجهات وُصفت بالخفيفة والعاديّة في مثل هكذا تظاهرات جرى خلالها استعمال الغاز المسيل للدموع من قِبل الشرطة. بحلول يوم الأحد الموافق ل 24 فبراير/شباط؛ خرجت مظاهرات جديدة في العاصمة ومدن أخرى دعت إليها بعض أحزاب المعارضة تحت اسم الحراك. ثمّ تجددت المظاهرات يوم الثلاثاء الموافق ل 26 فبراير/شباط وحضرها آلاف طلاب الجامعات وتلاميذ الثانويات والذين عبروا بوضوح عن موقفهم من العهدة الخامسة.[6] [7] الأسبوع الثاني جانب من المُشاركين في احتجاجات الأوّل من مارس 2019 بحلول يوم الجمعة الموافق للأول من مارس؛ تجددت المظاهرات في عموم المدن الجزائرية وحضرها عشرات الآلاف من مختلف طبقات الشعب الجزائري وتميّزت بانضمام شخصيات معروفة نزلت بدورها الشارع على غرار المُقاومة جميلة بوحيرد ورئيس الحكومة السابق علي بن فليس والوزير السابق علي بن نواري ورجل الأعمال يسعد ربراب ورئيس حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي عبد الله جاب الله، ورئيسة حزب العمال لويزة حنون[8].[9] ردّد المتظاهرون خلالَ احتجاجاتهم هتافات مناهضة للسلطة وذلكَ مع بدء المسيرة من أمام مبنى البريد المركزي في وسط العاصمة فيما لوحوا بالأعلام الجزائرية. في المُقابل؛ استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لمنع المحتجين من الوصول إلى ساحة أول مايو كما منعت شرطة مكافحة الشغب الآلاف من المتظاهرين من التقدّم باتجاه ساحة الشهداء مستخدمةً في ذلكَ الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.[10] الأسبوع الثالث تزامنت احتجاجات الأسبوع الثالث معَ اليوم العالمي للمرأة (8 آذار/مارس) وشهدت حضورًا مكثفًا من قِبل عشرات الآلاف من المتظاهرين الذين ملأوا الشوارع عن آخرها في وسط العاصمة الجزائرية وفي مدنٍ أخرى وذلك لمواصلة الضغط على الحِزب الحاكم من أجلِ الانسحاب. اعتُبرت هذه الاحتجاجات الأكبر منذ 28 عامًا وبرغم أنّها كانت سلمية إلا أن الشرطة استخدمت الغاز المسيل للدموع لمنع المحتجين من الوصول إلى القصر الرئاسي. في المُقابل؛ قالَ التلفزيون الجزائري إنّ قوات الأمن اعتقلت 195 شخصا فيما أُصيبَ 112 شرطيًا إصابات طفيفة جرّاء التدافع.[11] وفي محاولة للحد من زخم الاحتجاجات؛ قررت السلطات تقديم موعد عطلة الربيع عشرة أيام لتبدأ الأحد كما مددتها لعشرة أيام إضافية على أن تنتهيَ في الرابع من أبريل/نيسان المُقبل.[12] حملت المظاهرات هذه المرّة اسمَ «جمعة الكرامة» فيما أطلقَ عليها آخرونَ «جمعة المرأة الجزائرية» وذلكَ تكريماً لنضالها منذ الاستعمار حتى الآن. في السياق ذاته؛ حمل نشطاء جزائريون الورود وأهدوها للنساء والفتيات اللواتي سجّلنَ حضورًا قويًا وكنّ من مختلف الفئات العمرية في الصفوف الأولى مرتدياتٍ الحايك وهو اللباس التقليدي الجزائري والذي اشتهرنَ بارتدائه إبان الثورة الجزائرية ضد الاستعمار.[13] العصيان المدني بحلول العاشر من مارس/آذار 2019؛ دعى بعضُ الجزائريين لإضراب عام يشملُ كل المجالات لمدة 5 أيّام وذلكَ من أجلِ الضغط على الحزب الحاكم للانسحاب. شهدَ هذا اليومُ إغلاقَ معظم المحلات والمكاتب والمؤسسات الحكومية إلى جانبِ المؤسسات التعليمية بسببِ العطلة المبكّرة كما انطلقت مسيرات في مناطق متفرقة في العاصمة الجزائر، تيزي وزو، تلمسان وبشار.[14] التغطيّة الإعلامية متظاهر شاب يحملُ علم الجزائر خلال مشاركتهِ في المظاهرات ضدّ العهدة الخامسة على عكسِ الاحتجاجات السودانية؛ فقد لقيت المظاهرات في الجزائر تغطيّة إعلامية عربيّة ودولية كبيرة باستثناء تغطية وسائل الإعلام المحليّة بشقيّها العام – المملوك للدولة – والخاص والتي تفادت الحديث عن التظاهرات بالرغمِ من مشاركة الآلاف فيها فيما تحدث وسائل إعلام أخرى بشكل طفيف للغاية وذكرت أنّ المطلب الشعبي هو تحسين الوضعية المعيشية بينما كان المطلب الحقيقي هو مطالبة بوتفليقة ونظامه بالعدول عن الترشح لعهدة جديدة.[15] في المُقابل قدّم عدد من الصحفيين والإعلاميين استقالتهم بسبب ما اعتبروه «تغطية مضللة وغير مهنية» للاحتجاجات والمظاهرات الشعبيّة فيما اعتبرَ آخرون أنّ معظم القنوات التلفزيّة الجزائرية قد فشلت في نقل الصورة الحقيقية وحاولت التعتيم على تحركات المحتجين والتكتم على مطالبهم. تواصلت سلسلة الاستقالات هذه بعدما قدمت رئيسة تحرير القناة الإذاعية الثالثة الناطقة بالفرنسية مريم عبدو استقالتها من منصبها الصحافي ونفس الأمر فعلهُ مدير الأخبار بقناة البلاد أنس جمعة في يوم 24 يناير/كانون الثاني الذي أكّد على تركه لمهنة الصحافة نهائيًا بعد شعوره بالحرج من عدم تغطية المظاهرات.[16][17] النتائج بعدَ ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات المتواصلة؛ أعلنَ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الحادي عشر من آذار/مارس تأجيل الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في 18 من أبريل/نيسان المُقبل كما تعهّدَ بعدمِ الترشح في السباق الرئاسي.[18] في ذات السياق؛ دعا بوتفليقة إلى تشكيل حكومة من التكنوقراط لإدارة شؤون البلاد كما طالبَ بإجراء حوار شامل قبل الانتخابات.[19] لقيت شلّة القرارات هذه تفاعلًا حذرًا من قِبل الشعب الجزائري وتصاعدت دعوات لمواصلة الاحتجاجات وتنظيم تظاهرة كبرى في الخامس عشر من نفسِ الشهر من أجلِ مطالبة النظام ككل بالرحيل أمّا على المستوى الرسمي فقد اتهم النائب عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية عثمان معزوز الرئيس الجزائري بانتهاك الدستور موضحًا أن الحالة الوحيدة التي تُتيح تمديد فترته الرئاسية هي حالة الحرب. ردود الفعل إقليميًا تونس: ردّ الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي عن سؤالٍ حولَ المظاهرات في الجزائر بالقول; «إن بلادنا تونس لا يمكن أن تقدم دروساً للآخرين، وما يحدث في الجزائر شأن خاص ... من حق الشعب الجزائري أن يُعبر مثلما يشاء، وأن يختار حكامه بحرية، ولكنني بالتأكيد لا يمكن أن أقدم دروساً لأحد.»[22] المغرب: رفضت الحكومة المغربيّة على لِسان الناطق الرسمي باسمها مصطفى الخلفي التعليق على ما يجري في الجزائر دونَ توضيحٍ للموقف أو لردود للفعل.[23] دوليًا فرنسا: علّقَ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان بالقول «إنّ ما يقع في الجزائر شأن داخلي وإن فرنسا لا تتدخل في شؤون الآخرين.» في المُقابل تناقلت وسائل الإعلام الفرنسية عدّة أخبار تتحدثُ عن استدعاء الرئيس ماكرون السفير الفرنسي بالجزائر لمناقشة ما يحدث هناك لأن التخوف كبير من أن تطور الأحداث بشكل سلبي سيؤثر بشكل مباشر على باريس.[24] الولاياتالمتحدة: صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو للصحفيين قائلًا; «نحنُ نراقب هذه الاحتجاجات في الجزائر وسنواصل القيام بذلك ... الولاياتالمتحدة تدعم الشعب الجزائري وحقه في التظاهر سلميا.»[25]