لم يجد ملف الحليب بعد الحل المناسب الذي يرضي المنتجين ويدعم السوق المحلية بالإنتاج الكافي الذي يسد به احتياجات المستهلك في هذه الصائفة بالذات وبشكل يقضي على إشكالية التوزيع ونقص التموين. يتجدد الحديث عن المادة وقلة الإنتاج مرة أخرى وتعود أزمة أكياس الحليب من جديد، نظرا للمشاكل التي يدخل فيها القطاع منذ مدة طويلة دون أن يتمكن المشرفون عليه من تجاوز المعضلة . فالأزمة لاتزال تلازم السوق جراء التدبدب الذي تشهده الساحة المحلية في المدة الأخيرة، ليستغل من ورائها الإنتهازيون فرصة التحكم في وثيرة العرض وفي نسبة تموين السوق، حسبما أكده أحد المنتجين المتضررين من العملية . أمام كل هذه التغييرات الإستثنائية التي استطاعت أن تجد لنفسها كل الشروط المناسبة لإستمرار الأزمة أصبحت مادة الحليب تعرض بكميات قليلة جدا لا تتماشى واحتياجات المستهلك الوهراني لأسباب معروفة لم يتمكن المنتجون لحد الآن من تجاوزها أو حتى التخفيف من إنعكاسات على المعاملات التجارية. ففي كل مرة تأمل هذه الفئة في تحقيق انتاج وفير يدفع من هامش ربحها ويزود المواطن بالكميات المطلوبة بموجب ما سجله القطاع عن تعديلات باشرت في تجسيدها الجهة الوصية، إلا أنها تصطدم بشكل دوري بعراقيل ومشاكل لها علاقة دائما بمسحوق الحليب والتموين الضئيل بهذه المادة الأولية وكأنه واقع مفروض على المنتجين يهدد مصيرهم الحرفي ويؤثر بصفة مباشرة على السوق والطلبات المتزايدة. يبدو وأن ملف الحليب لم يرسو على مرفئ سليم يضمن للأطراف المعنية النتيجة الإيجابية التي تضاعف من الإنتاج وتغرق السوق بالحجم الكافي، ويبدو أن الإشكالية ستزداد حدة مع حلول شهر الصيام حسب توقعات الحرفيين المتخصصين في هذا النشاط، خاصة أن الطلب يتضاعف خلال هذه المناسبة الدينية، لاسيما في غياب برامج ناجعة تقضي على الأزمة وتحقق الإكتفاء بإنتاج أكبر عدد ممكن من أكياس الحليب. تراجع الدعم وبإجماع كل المنتجين الناشطين بالولاية فإن الدعم الذي تحصلت عليه هذه الأخيرة لم يحل المشكل ولم يخفف حتى من نقص التموين، حيث كانت الفئة ذاتها تتوقع أن تتحصل على قدر وفير من مسحوق الحليب بعدما أضحت تعاني من نقص المادة الأساسية بصفة مستمرة يتجاوزها الظرف الإستثنائي وتحولها إلى قضية مطروحة على طاولة نقاش المسؤولين مستعصية الحل. وفي هذا الشأن أشار أحد الحرفيين إلى عملية التموين بمسحوق الحليب التي لم ترق إلى المستوى المطلوب وأكثر تفصيلا لم تتجاوز الكمية الإضافية التي أفرجت عنها الوصاية في الآونة الأخيرة نسبة 15 بالمائة فقط وهي كمية قليلة جدا لن تساهم حسب توقعاته في القضاء على الإشكالية خاصة أنها لا تتعدى 7 أطنان من هذه المادة بمعنى أن نقص التموين سيظل مطروحا حتى مع تطليق هذه الزيادة و مقارنة مع عدد السكان واقبالهم المستمر على اقتناء أكياس الحليب. وبلغة الأرقام فإن حصة المنتج حاليا لا تتعدى 40 طنا شهريا من غبرة الحليب في الوقت الذي يحتاج فيه إلى 200 طن خلال نفس الفترة وبصفة دقيقة وعن طريق عملية حسابية بسيطة فإن »الكوطا« الموجهة لفئة الحرفيين لا تمثل سوى نسبة قليلة جدا من الكمية المطلوبة وهو ما يؤكد حتمية نقص الإنتاج وتجدر الأزمة بسوق الحليب، خاصة إذا قلنا أن 40 طنا من المسحوق تغطي 10 أيام من الإنتاج فقط في كل شهر. إنتاج 20 ألف لتر يوميا وبالمقابل يجد الحرفي نفسه ملزما على توفير 20 ألف لتر من الحليب يوميا بدل 80 ألف لتر وبشكل أصح يضطر هذا الأخير إلى التقليص من إنتاجه بمعدل 60 ألف لتر يوميا أي تغطية ربع إحتياجات السوق حتى يتمكن من توزيع هذه الحصة بالتساوي وبصفة يضمن فيها الحفاظ على مخزونة حتى ولو إستدعى به الأمر إلى الإستغناء عن البرنامج الشهري الذي كان يعتمد عليه سابقا .ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فقط بل استلزم على بعض المنتجين العمل بالتناوب والتقليص من الحجم الساعي إلى أن وصل بهم الأمر إلى التوقف الإستثنائى عن العمل لمدة معنية تتراوح ما بين أسبوع و3 أيام بعدما نفذ مخزونهم وتعذر عليهم تغطية الطلبات . ومع إستمرار الأزمة وإتساع رقعتها بلغت نسبة التموين بأكياس الحليب 30 بالمائة لا غير كحل مفروض على الحرفي لأنه غير قادر على صنع المزيد من هذه المادة من جهة ولا يستطيع جلب حصص اضافية مادام برنامج التوزيع يعتمد على »كوطات« وأرقام بعيدة عن واقع السوق. وكما هو معروف فقد يكثر الطلب على مادة الحليب خلال شهر الصيام لتحضير بعض الوجبات الباردة، ناهيك عن إقبال بعض العائلات على إستهلاك الحليب والتمر عملا بالسنة الحميدة مما يتطلب الرفع من الكميات المزودة، ومن حسن حظ الصائم هنا حلول هذه المناسبة الدينية تزامنا مع موسم الإصطياف الذي تتنوع فيه المحاصيل الفلاحية،لاسيما الفواكه الموسمية بإختلاف أذواقها، حيث يجد هذا الأخير ضالته في شراء ما لد وطاب من المنتوجات كبديل عن المرطبات المصنوعة من مادة الحليب وبهذا تستطيع العائلات الإستغناء عن الأكياس وتعويضها بكل ما تعرضه الأسواق في هذه الفترة بكميات كبيرة لربة العائلة حرية الإختيار بين مادة وأخرى حسب قدرتها الشرائية وحسب ما تشتهيه، حتى تتفنن في إعداد مائدة رمضان نزولا برغبة أفراد عائلتها لأن الصائم قبل الإفطار يسعى إلى إقتناء أنواع عديدة من المواد الإستهلاكية من خضر وفواكه، حلويات تقليدية وغيرها من الأطباق. ورغم تخوف المنتجون من قلة الحصص الموجهة لهم فقد استبعد ممثل الديوان الوطني لمصنعي الحليب حتمية تسجيل ندرة حادة في أكياس الحليب، حيث أكد في هذا الشأن على أمواج إذاعة وهران أول أمس أن هيئته أخذت على عاتقها مهمة تدعيم الحرفيين بالكميات المطلوبة من المادة الأولية لضمان إنتاج وفير خلال شهر الصيام بشكل يتماشى مع وتيرة العرض والطلب خاصة أن هذه الفئة تشكو منذ مدة من نقص التموين ولتجاوز الإشكالية اعتبر ذات المسؤول عملية الرفع من » الكوطا« المخصصة من المصنعيين الحل المناسب الذي يسعد الديوان لتجسيده بالطريقة المتفق عليها.