لم تكن الكميات التي أنتجتها وحدات الحليب في اليوم الأول من شهر رمضان الكريم كافية لتغطية إحتياجات سكان ولاية وهران من هذه المادة الأساسية، حيث نفذت كل أكياس الحليب الموزعة في الفترة الصباحية بعد مرور فترة زمنية قصيرة عن ذلك. هذه الظاهرة ميزت أغلب محلات المدينة إذ تعذر على العديد من المواطنين شراء هذا المنتوج من نقاط البيع القريبة من مقر سكناهم وهو ما اضطرهم للتنقل الى محلات أخرى لعلهم يتحصلون عليه بأثمان معقولة، وبما أن مادة الحليب يكثر عليها الطلب خلال هذه الفترة بالذات سواء لإستهلاكها أو لصنع مختلف المرطبات فقد عادت الأزمة مرة أخرى لتزداد حدة يوم بعد يوم. معضلة حقيقية أصبحت تلازم السوق منذ حوالي شهر تقريبا لأسباب عديدة من بينها نقص المادة الأولية وتوقف بعض الوحدات عن الإنتاج وهو ما إنعكس على عملية التموين التي أصبحت مرهونة في المدة الأخيرة بهذه العوامل. أمام هذه الإشكالية التي طفت على السطح من جديد لم يجد منتجو الحليب حلا كافيا لتجاوز هذه الأزمة مادام مسحوق الحليب الذي يدخل في إنتاج هذه المادة غير كاف لسد إحتياجات السوق المحلية، حيث إضطر العديد منهم الى التقليص من ساعات العمل كحل أخير لضمان سيرورة نشاطهم وسط الظروف الإستثنائية التي فرضها عليهم الديوان وبدلا من التكثيف من دورياتهم ومضاعفة الإنتاج في هذه الفترة بالذات أصبح مفروض عليهم الإكتفاء بصنع كميات قليلة جدا لا تتجاور 20 ألف لتر في الوقت الذي ترتفع فيه الطلبات الى 60 ألف لتر. ورغم تطمينات الديوان التي وعد في وقت سابق بتسطير برنامج خاص برمضان عن طريق الرفع من حصيلة التزويد بالمادة الأولية، لم يطرأ أي تغيير على المخطط الأول حسبما أكده لنا أمس أحد منتجي الحليب بالولاية، حيث لم يتحصل بعد المتعاملون على الدعم الكافي لتجاوز أزمة الحليب بكميات وفيرة وهو ما ينذر بعجز حقيقي ستتوسع رقعته تدريجيا. ويتوقع نفس المتحدث أن ينخفض حجم الإنتاج مرة أخرى بتوقف بعض الوحدات وهذا بعد مرور 10 أيام تقريبا أي بمعنى أدق أن أغلب المصانع مع إستكمال مخزونها الذي تحصلت عليه من الديوان ستضطر الى غلق أبوابها لمدة 20 يوما، خاصة إذا قلنا أن التموين الذي تقدمه الجهة الوصية يكفي لتزويد السوق بمادة الحليب خلال 10 أيام فقط أما الفترات المتبقية ستتحول الى راحة إجبارية للوحدات لأنها عاجزة عن مواصلة نشاطها في مثل هذه الظروف علما أنها تتحصل على حصص لا تتجاوز 60 طنا شهريا رغم أن أغلبها يحتاج ل 200 طن من مسحوق الحليب. كل هذه الأمور أثرت بشكل كبير على عملية الإستهلاك حيث إستغل الوسطاء فرصة ندرة أكياس الحليب لفرض قانونهم الخاص عن طريق الرفع من سعر هذه المادة ما بين 35 و45 دج للكيس الواحد ضاربين عرض الحائط كل القوانين التي تمنع الزيادة في أثمان المواد التي تدعمها الدولة، خاصة أنها تحدد وبشكل رسمي سعره ب 23 دج لدى المنتج و24 دج عند الموزع و25 دج عند التاجر، ومع ذلك فقد تجاوز بعض المحلات هذه المعايير ولم تحترمها بدافع جمع أكبر هامش ربح ممكن حتى وإن كان ذلك على حساب مصلحة المستهلك. وحسب توقعات المنتجين فإن المضاربة والأزمة ستتجاوز حدودها الأيام القليلة المقبلة بإنخفاض المنتوج الحالي الذي لا يتعدى 200 ألف لتر يوميا والتوقف الإضطراري للوحدات علما أن عددها الإجمالي بالولاية لا يتجاوز الستة مقابل 86 وحدة موزعة عبر الوطن، إضافة الى أن بعض الإنتهازيين يفضلون إقتناء أكبر كمية ممكنة من المادة الأولية وتوجيهها لصنع الجبن والياغورت بإيهام الجهة الوصية وإقناعها أن الطاقة الإنتاجية لمصانعهم تحتاج الى كل هذه الكميات.