اتصفت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية التي أعلن عنها وزير الداخلية و الجماعات المحلية نور الدين بدوي أمس بالانسجام بين مقاعد الأحزاب رغم التفاوت بين عدد الأصوات المعبّر عنها ، انسجام أبقى على الأحزاب المنتميّة إلى التيّار الوطني في الصدارة بحصول حزب جبهة التحرير الوطني على 164 مقعدا متفوقا على ملاحقه حزب التجمع الوطني الديمقراطي ب 67 مقعدا، توزيع أبقى على حزب جبهة التحرير الوطني في الصدارة منذ انتخابات 2012 والتي تحصل فيها على 207 مقعدا حيث فقد 43 مقعدا. وأيضا بالنسبة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي حلّ ثانيا. في حين لا تزال الأحزاب المحسوبة على التيّار الإسلامي بعيدة عن الأهداف التي رسمتها لنفسها فقد تصدر أحزاب هذا التيّار تحالف حركة حمس الذي حلّ ثالثا ب 32 مقعدا و عاد للتحالف من أجل العدالة و البناء 15 مقعدا، وحسب أبجدية التسمية الحزبية في البلاد فإن حزب القوى الاشتراكية عاد له 14 مقعدا وظفر التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية بتسعة مقاعد . وحققت المرأة الجزائرية خطوة أخرى تحسب لنضالها بإحرازها حوالي 30 مقعدا برلمانيا. وعبّرت الأحزاب التي خاضت سباق الاستحقاق التشريعي مرة أخرى على صناعة الحدث الوطني و استمرارية المشاركة في البناء المؤسساتي للبلاد طبقا للقواعد الديمقراطية التي تضمّنها الدستور الجديد، الدستور الذي أفرد أكثر مواده للبناء الديمقراطى الهادئ في كنف ضمانات ثمّنتها الطبقة السياسية والملاحظون في الخارج، دستور منفتح على المعارضة والإخطارات و العمل التشاركي والالتزام بالقانون، قانون معوّل أن يقف مسافة واحدة من الجميع مهما كان انتماؤهم السياسي والحزبي واحترام الإرادة الشعبية التي أفصحت عن موقفها وعبّرت عن رأيها بكل حرية تطبيقا لأحكام الدستور والقانون العضوي للانتخابات . الضمانات الديمقراطية غير المسبوقة التي جاء بها الدستور الجديد إحقاقا لدولة المشاركة و الحق والعدل واحتراما لإرادة الشعب و ضمانا لرغبة الطبقة السياسية والحزبية، بدّد من خلالها الاستحقاق الشعبي المخاوف التي سادت ورافقت ظروف الانتخابات التشريعية ، بما وفرت الدولة من امكانيات ضخمة جعلتها في خدمة الإدارة و الأحزاب المترشحة و أيضا الهيأة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات و التي أصبحت دائمة بعد أن أقر الدستور الجديد استمرارها. وخير ضمان لاحترام إرادة الشعب ما أقره القانون العضوي للانتخابات التي يسمح لممثلي الأحزاب بمراقبة عملية الاقتراع عن قرب و هو نادرا ما يحدث في دول عربية أو افريقية ، و سهرت الهيأة العليا لمراقبة الانتخابات و التي يترأسها عبد الوهاب دربال على تمكين الأحزاب السياسية المشاركة من حقوقها و الزامها بواجباتها . القراءة الأوّلية للنتائج المؤقتة للاستحقاق و التي سيفصل فيها نهائيا المجلس الدستوري كان قال بشأنها وزير الداخلية نور الدين بدوي أنّ إدارته ستعمل على مرافقة تامة للهيأة المستقلة الدائمة ويتم التنسيق معها في كل ما يتعلق بالعمليات الانتخابية مستقبلا في إطار تعاون تشاركي من أجل تصحيح الأخطاء التي سجلتها الهيأة خلال الحملة الانتخابية للوصول معا إلى سن قوانين تقترحها من منطلق تجربتها الثرية ووضعها كهيأة دائمة و مدسترة بهدف خدمة الوطن والمواطن . وقد حظي اختيار الناخبين بالاحترام وفق قناعتهم السياسية وسط تحلّي المسؤولين والأعوان العموميين المعنيين بهذه العملية بالحياد التام واحترام أحكام القانون .. الانتخابات التشريعية التي بلغت نسبة المشاركة فيها 38.25 بالمائة و بلغ عدد الناخبين المعبرين عن أصواتهم ( 8528355) ناخب في حين بلغت في الانتخابات التشريعية ل 2012 نسبة 42,90 بالمائة ،كانت ناجحة على جميع الأصعدة من منطلق التنظيم الجيد الذي ساعدت فيه الظروف الهادئة و الالتزام بالقانون و احترام الإرادة الشعبية ، حيث أن الادارة قلصت من عدد الناخبين بالمراكز بمعدل 500 مسجل في كل واحد وقربت الصناديق للمناطق النائية حتى تفك الضغط على المراكز الكبيرة و تريح الناخبين القاطنين بعيدا . وقد زاد نزول الملاحظين الدوليين إلى متابعة الانتخابات التشريعية بطلب من الجزائر و الذين بلغ عددهم 299 ملاحظا يمثلون خمس هيأت دولية في انفتاح العملية الانتخابية. ومن خلال النتائج الأولية المؤقتة تتّضح معالم الغرفة السفلى المقبلة التي تنتظرها عديد مشاريع القوانين و رهانات استمرار البناء المؤسساتي للدولة .