المغرب: فشل الحكومة في الحفاظ على صحة المواطنين يحول داء الحصبة إلى وباء    مجلس الأمن : السيد عطاف يجدد التزام الجزائر بالمساهمة في تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية    طاقة ومناجم: السيد عرقاب يبحث مع سفير جنوب إفريقيا سبل تعزيز التعاون الثنائي    مؤسسات ناشئة: إطلاق مناقصة وطنية لفائدة حاضنات الأعمال في الجزائر    السيد بللو يشرف على افتتاح يوم دراسي جزائري-إيطالي حول تثمين التراث الثقافي    وفد برلماني من جمهورية سلوفينيا يحل بوهران    الرعية الإسباني المحرّر يشكر تبّون والجزائر    قائد أفريكوم يشيد بالجيش الجزائري    سياحة: 90 مشروعا سياحيا سيدخل قيد الاستغلال هذه السنة    الوقاية من الحمى القلاعية: تلقيح 400 ألف رأس من الأبقار والأغنام قبل نهاية يناير الجاري    حشيشي يشارك بروما في منتدى أعمال الدول المعنية    هكذا يقضي سكان غزّة أيام الهدنة..    الجزائر تؤكد ضرورة تجسيد توصيات ميثاق قمة المستقبل    ممثلا الجزائر يستهدفان كأس الكاف    شطر من منفذ الطريق السيار جن جن العلمة يوضع حيز الخدمة    مُتسوّلون برتبة أثرياء!    مراد ينصب الوالي الجديد لبشار    صدى عالمي لجائزة الجزائر للقرآن الكريم    إشادة واسعة بدور رئيس الجمهورية    منظومة الضمان الاجتماعي في الجزائر قائمة على مبدأ التضامن بين الأجيال    البطولة الجهوية للجيدو لناحية الوسط : تتويج فريق أمن ولاية الجزائر باللقب    الجزائر حريصة على ضمان تكفل أفضل بالحجاج خلال موسم الحج 2025    وزير الداخلية"إبراهيم مراد" مخطط شامل للنهوض بولاية بشار وتحقيق التنمية المتوازنة    وهران: انطلاق البطولة الوطنية الشتوية للسباحة براعم    متحف "أحمد زبانة" لوهران: جولة افتراضية في الفن التشكيلي الجزائري    مجلس الأمة: المصادقة على نص القانون المتعلق بتسيير النفايات ومراقبتها وإزالتها    الإطاحة بشبكة إجرامية ينطلق نشاطها من المغرب : حجز أزيد من 3ر1 قنطار من الكوكايين بوهران    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية: وزير الاتصال يستقبل بويندهوك من قبل رئيس جمهورية ناميبيا    بللو: نحو تعاون أوسع في مجال الفنون بين الجزائر وإيطاليا    كرة القدم المدرسية : إطلاق قريبا أول كأس للجزائر بين الثانويات والإكماليات والابتدائيات    وهران : ترحيل 27 عائلة إلى سكنات جديدة ببئر الجير    منظمة التعاون الإسلامي تدين ب "شدة" تصاعد الاعتداءات الصهيونية في الضفة الغربية    إعتقال مؤثر جزائري في فرنسا: النيابة العامة بباريس تصوب وزير الداخلية برونو روتايو    غزة: استشهاد 27 ألف طالب خلال العدوان الصهيوني على القطاع    اللحوم الحمراء الطازجة في رمضان ستبلغ أقصى مبلغ 1900 دج    إيتوزا تستعين ب30 حافلة محليّة    العنصرية الفرنسية الرسمية..!؟    خصص الهلال الأحمر الجزائري 300 طن من المساعدات الإغاثية    الكوكي مدرباً للوفاق    الصحافة الفرنسية تسج قصة جديدة ضمن سلسة تحاملها ضد الجزائر    رئيس الجمهورية يستدعي الهيئة الناخبة يوم 9 مارس القادم    متابعة أشغال مشروع قصر المعارض الجديد    الثورة الجزائرية الوحيدة التي نقلت المعركة إلى عقر دار العدو    انطلاق الطبعة 20 للمسابقة الدولية لجائزة الجزائر لحفظ القرآن وتجويده    تطبيقة إلكترونية للتبليغ عن مواقع انتشار النفايات    القلوب تشتاق إلى مكة.. فكيف يكون الوصول إليها؟    لباح أو بصول لخلافة بن سنوسي    الجزائر ستكون مركزا إقليميا لإنتاج الهيدروجين الأخضر    استفزازات متبادلة وفينيسيوس يدخل على الخط    حاج موسى: أحلم باللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز    "كاماتشو".. ضعيف البنية كبير الهامة    تاريخ العلوم مسارٌ من التفكير وطرح الأسئلة    السينما الجزائرية على أعتاب مرحلة جديدة    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تيسمسيلت تتذكر الأسد
الشهيد الجيلالي بونعامة
نشر في الجمهورية يوم 09 - 08 - 2011

أحيت دائرة برج بونعامة لولاية تيسمسيلت الذكرى ال 50 لإستشهاد قائد الولاية التاريخية الرابعة العقيد البطل الرمز الجيلالي بونعامة المدعو »سي محمد« التظاهرة التاريخية هذه والتي حضرتها السلطات المحلية المدنية منها العسكرية رفقة والي الولاية بسايح حسين والأسرة الثورية وبعض رفقاء الشهيد أعدت فيها الجهات المعنية برنامجا إحتفاليا لهذه المناسبة الهامة وذلك بتوجه السلطات المحلية إلى مقبرة عين بعلاش وفيها تم رفع العلم الوطني وعزف النشيد الوطني ووضع باقة من الزهور وقراءة فاتحة الكتاب ترحما على أرواح شهداء الواجب الوطني ليتوجه الوفد بعد ذلك نحو دائرة برج بونعامة وتحديدا بدار الثقافة وفيها تم زيارة متحف المجاهد الذي ظم في المعرض المقام العديد من الأجنحة التي تبرز تاريخ المنطقة وبطولات ثواره الأشاوس فضلا عن ذلك عرض صور للشهداء والمجاهدين وصور الشهيد سي محمد بونعامة مع رفقائه أثناء تلك الفترة إلى جانب ذلك أجنحة أخرى تبرز شظايا قنابل وذخيرة وأغراض كان يستخدمها المجاهدون أثناء الثورة المباركة ليتم بعد ذلك إنطلاق مراسم الإحتفال بالمناسبة وذلك بإلقاء كلمة ترحيبية من طرف رئيس المجلس الشعبي البلدي لبرج بونعامة وتقديم بنذة تاريخية عن حياة الشهيد إلى جانب مداخلات كل من الأمين الولائي للمنطقة الوطنية لأبناء الشهداء والأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين وكلمة للحاج سليمان وهو أحد رفقاء الشهيد وقد تمحورت جل التدخلات لهؤلاء حول مناقب الشهيد ومسيرته النضالية الحافلة بالبطولات إبان الفترة التحريرية فضلا عن التطرق إلى حمل الجيل الصاعد من الشباب رسالة الشهداء والمواصلة قدما لبناء هذا الوطني الحبيب المفدي
وفي ختام تم تكريم عائلة الشهيد إلى جانب تكريم الطلبة النجباء الحائزين على شهادة البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط وشهادة التعليم الإبتدائي إلى جانب تكريم حافظ القرآن الكريم
كما تم كذلك توزيع الجوائز على الفائزين في مختلف الأنشطة المتعلقة بالمجال الرياضي والمتجلية في البطولة المخصصة في كرة القدم للفئات الثلاث (كبار) أصاغر والكتاكيت) وهي الدورة التي شارك فيها أزيد من (400) رياضي
حياة الشهيد
ولد الشهيد الجيلالي بونعامة المعروف بإسم سي محمد يوم 16 أفريل 1926 في قلب الونشريس بدوار بني هندل قربة موليار التي حملت إسمه بعد الإستقلال (بلدية برج بونعامة ولاية تيسمسيلت) نشأ وترعرع في بيئة جبلية قد قمص من أهلها البساطة والكرم الشدة والصلابة وطيبة الروح قضى طفولته بمسقط رأسه أين زاول دراسته الإبتدائية وذلك إتبداء من سنة 1933 كان الجيلالي بونعامة منذ صباه وطنيا غيورا فكان يأخذ من أبناء المستعمرة المأكولات والألعاب ويقدمها للأبناء جلدته الأمر الذي بسببه طرد من مقاعد الدراسة بدون رجوعه سنة (1939م) ولم يتجاوز المرحلة الإبتدائية إذ إلتحق بمعركة الحياة في سن مبكرة فعمل بمنجم بوقايد لمدة 16 يوما (03) أيام في سنة (1941م) و(13) يوما في سنة (1942) وكان هدفه من العمل هو نشر الوعي والتعبئة السياسية والوطنية في صفوف العمال والتطلع على خبابات المستعمر تشبع سي محمد منذ صباه بمبادئ الروح الوطنية والإيمان الكامل بعدالة القضية الجزائرية فإنخرط في حركة الحريات الديمقراطية سنة (1946م) فتجرع مبادئ هذا الحزب وأسلوبه في النضال حيث سجن بعض رفقائه من مناضلي هذه الحركة لمدة ستة أشهر عام (1948م) ولإخلاصه وذكائّه وكذا دهائه عين مسؤولا على قسم بوقايد الأمر الذي سمح له بأن يوسع معارفه وإتصالاته من خلال تعامله مه مناضلي الشلف ووهران والجزائر ليكتسب آفاقا جديدة في شتى الميادين بعد ذلك إلتحق بالنظام السري حيث برهن مرة أخرى على حنكة مما أهلته للمشاركة كمندوب بمؤثمر »هورنو« ببلجيكا سنة (1952م) ومع إستمرار الوضع المأساوي الذي مارسه الإستعمار الفرنسي سئم المنجميون من سوء المعاملة لهم فنظم سي محمد في صائفة (1951م) إضرابا شاملا لبى نداءه أكثر من (600) منجمي على مستوى وحدة بوقايد ولإخماد هذا الإضراب تدخلت قوات الأمن الفرنسية من مدينة الأصنام بإجبار المخربين على الإنصياغ لإدارة المنجم والعودة إلى العمل مع تلبية بعض المطالب المهنية لهم لكن دون جدوى إستمر الإضراب لعدة (6) أشهر وأمام نشاطه السياسي المكثف تم إيقافه يوم 6 نوفمبر (1954م) كغيره من المناضلين البارزين وزج به في السجن تم أطلق سراحه بعد سنة ويوم قضت عليه الإقامة الجبرية مباشرة بعد خروجه من السجن إلتحق بمدينة الشلف حيث إتصل بأصدقائه المناضلين ومنهم سي عمر محجوب ونظموا فوجا مسلحا وكثفوا إتصالاتهم مع المناضلين بسهل الشلف وجبال الونشريس والظهرة كان عليه أن يقنع بعض المناضلين الذين إلتحقوا بالمصابين من جهة وأن ينظم الأفواج المسلحة وبنشرها في كامل المنطقة كما كانت عليه أن ينظم مجموعة سكان المنطقة لصفوف جبهة التحرير الوطني إذ للعلم أن المستعمر الفرنسي سارع إلى تنظيم عدة حركات مناوئة للثورة منظمة بالحاج، حركة مهراز وحركة الباشاغا بوعلام ومحاولة تنظيم عسكري للشيوعيين بالمنطقة لقد كان هذا على منطقة استراتيجية شاسعة تمتد من الونشريس إلى الظهرة على إمتداد طول سهل الشلف قام بهذا العمل الجبار سي محمد وسي عمر بن محجوب أساسا يساعدها كثيرا من الرجال المخلصين في نفس الوقت تم ربط النظام من الناحية الشرقية بقيادة المنطقة الرابعة قبيل مؤتمر الصومام كانت هذه المنطقة تسيطر عليها جبهة وجيش التحرير الوطني.
وكانت مسرحا لعمليات عسكرية عديدة جعلت العدو في موقع دفاعي ولم يغامر بدخول الونشريس مكتفيا بالغارات الجوية والقصف المدفعي البعيد المدى في نفس الوقت كانت فصائل جيش التحرير الوطني وحتى المواطنون يشعرون بأنهم في منطقة محررة بعد مؤتمر الصومام وعلى حسب قراراته كما هو معروف أصبحت المنطقة الرابعة تحت اسم الولاية الرابعة وعلى تنظيم هذه الولاية أصبحت ناحية الونشريس وسهل الشلف وجبال الظهرة تحمل اسم المنطقة الثالثة في نهاية (1956م)، عينت قيادة المنطقة الثالثة كالتالي: عليلي (سي البغدادي) مسؤول سياسي عسكري، سي محمد (مسؤول عسكري)، سي عمر بن محجوب (مسؤول سياسي، سي بلحسن (الأخبار والإتصالات) في ظرف قصير وقياسي ويفضل العمل الجماعي طبقت هذه القيادة قرارات مؤتمر الصومام فيما يخص الهيكلة العامة فقسمت إلى نواحي والنواحي إلى أقسام وعينت قيادتها. هذا في المرحلة الأولى لم تمض مدة قصيرة حتى كلف سيد بغدادي رئيس المنطقة الثالثة بجلب الأسلحة إلى الولاية الرابعة من الخارج وعين مكانه على رأس المنطقة عبد القادر ميهوبي (كبدي) وهو الأخير ما لبث أن استدعى للقيام بمهمة في الخارج خلال هذه الفترة وبصفته مسؤولا عسكريا إعتنى سي محمد بتنظيم وحدات جيش التحرير الوطني فكون بكل ناحية كتيبة لجيش التحرير الوطني وفي الأقسام فصائل كوموندو فحددت الأدوار والمسؤليات وآليات التعاون فكانت منظمة، فوحدات جيش التحرير تنصب الكمين وتهاجم مراكز العدو العسكري وتدخل أحيانا لمعرفتها للأرض وإتباع أسلوب حرب العصابات فالمسبلون زيادة على مشاركتهم في بعض العمليات مع جيش التحرير الوطني كانوا يقومون بتخريب المنشآت القاعدية للعدو وضرب المصالح الإقتصادية للمعمرين تولي سي محمد قيادة المنطقة الثالثة سياسيا وعسكريا في صائفة (1957م) فأشرف على تنمية تطبيق كل لوائح وتوصيات مؤتمر الصومام بدأ بالمصالح الملحقة والتي تمثل في التنظيم الصحي وتنظيم التموين والهندسة العسكرية والقضاء والتعليم وجهاز الاستعلامات من جهة وتكوين اللجان الشعبية وتحديد أدوار كل الهيئات من جهة أخرى، وفي نهاية سنة (1957م) تحقق تأطير المنطقة في جميع المجالات بالإدارة الفرنسية وذلك بفضل جهود سي محمد وتفاني الإطارات المخلصة رغم تجربتها القصيرة إذ يمكن إعتبار جبال الونشريس منطقة محررة فعلا ولم يغامر العدو بدخولها طيلة سنة (1958م)، فقد كان الطيران يتكالب ضد المدنيين مقنبلا كل ما يتحرك مستعملا للنابالم والقنابل الموقوتة كان سي محمد ذا مواهب وذكاء جعلت منه إستراتيجيا كبيرا.
بطولات وأمجاد
حيث كان يعتمد على مفاجأة العدو والسرعة في تنفيذ العملية وكان حضوره بين الجنود ونقده للأخطار من غير إحراج يعطي الجنود شجاعة وإستمالة في القتال لقد خطط الكثير من العمليات العسكرية ونفذها بنفسه منها إبادة وحدة آليات قرب ناربو وإبادة كتيبة فرسان ثنية الحد وأسر قائدها وإحتلال ثلاثين (30) جنديا، كما نصب لمعاقله بين الشلف وبونعامة فكان ناجحا وأسقطت فيه طائرات إلى غير ذلك من العمليات سنة (1958 م) وفي إطار القضاء على أفراد العدو تمكن بحنكته السياسية وبفضل نشاط إطارات جيش التحرير الوطني وفي صيف (1958م) عين عضوا بمجلس الولاية الرابعة مكلفا بالشؤون العسكرية تحت قيادة سيد آمحمد الذي كان يقدره كثيرا وبعد استشهاد هذا الأخير بأولاد بوعشرية يوم 5 ماي تولى سي محمد تسيير الولاية بمساعدة سي صالح، في هذه الفترة جرت عملية ما يسمى بتطهير الثورة من المتسللين والمندسين وكانت محنة قاسية وإمتحانا صعبا، ابتداء من جانفي (1959م) شرع العدو في عملية عسكرية واسعة النطاق سميت بمشروع "شال" العسكري وسميت العملية الخاصة التي شملت الونشريس وشارك فيها إلى جانب كتائب المنطقة الثالثة وحدات من الولاية الخامسة انسحبت إلى الونشريس، لقد استعمل العدو وسائل ضخمة عشرات الآلاف من الجنود، مئات الطائرات والمدافع والدبابات بعد الصدمة الأولى التي دامت أياما سقط فيها عدد كبير من الشهداء، أصدر سي محمد أمرا بتقسيم الوحدات إلى أفواج صغيرة تتجنب الإشتباك مع العدو قدر الإمكان وحدد لها أهدافها وهي الإنسحاب من الجبال وضرب خلفيات العدو والإغارة على معسكرات السهول وأطراف القرى والمدن وإزعاج المراكز العمرانية وبهذه الإستراتيجية فوت سي محمد الفرصة على قيادة الجيش الفرنسي التي كانت تسعى لتفريغ البوادي من السكان وجمعهم في محتشدات وضرب كتائب جيش التحرير، هذا وقد استمر سي محمد وهو على رأس الولاية بمعية الرائد سي صالح في تسيير شؤون الولاية بدون تهاون على الطريقة التي رسمها سي أمحمد مع تطويرها وتكييفها حسب مقتضيات استراتيجية لعدو كان عليه في سنتي 1959 و1960 أن يقف أمام أي شيء مستعملا وسائل لم تكن في الحسبان حتى ذلك الوقت، أضف إلى هذا تخلى القيادة بالخارج عن الداخل في كل المجالات إلى درجة قطع الإتصال في هذه الظروف الصعبة وجد سي محمد نفسه أمام ما يسمى بقضية "الايليزي" ولم يكن على علم بها إلا بعد أن تمت الترتيبات وهكذا وجد نفسه مضطرا إلى مسايرة العملية والقضية في حد ذاتها هي مجرد اتصال مع الرئيس الفرنسي بطلب منه ليس المقصود منها الإستسلام ولا المفاوضات وتمكن سي محمد من وضع حد لهذه القضية بمشاركة قيادات المناطق، كما أعاد تنظيم قيادة الولاية، وضع سي محمد استراتيجية جديدة للثورة بالولاية الرابعة تتمثل في محورين الأول جيش التحرير الوطني بالمناطق الجبلية التي أخلاها العدو من السكان ويتمثل في إعتماد جيش التحرير الوطني على نفسه في كل شيء، التموين وإعداد الطعام لملاجئ الحراسة والإتصالات ، تقسيم الكتائب إلى أفواج صغيرة لتسهيل تحركاتها وتموينها حتى تمثل هدفا كبيرا للعدو ويمكنها الإنسحاب والتخفي عند الضرورة، تجتمع هذه الأفواج لنصب كمين أو للقيام بعملية ثم تتفرق ثانية، من هذه العمليات كمين الزراولة، كمين الشريعة بهذه الإستراتيجية الجديدة لم يفقد جيش التحرير سيطرته على الميدان المحور الثاني وهو إعادة تنظيم المدن والمناطق العمرانية ونشير هنا إلى إلحاق الجزائر العاصمة بالولاية الرابعة وأصبحت تسمى بالمنطقة السادسة بعد ضم جزء من متيجة والساحل إليها ويتمثل هذا التنظيم في دخول جيش التحرير الوطني إلى المدن والمناطق العمرانية، تكوين أفواج الفدائيين وتكثيف العمليات، تكوين شبكات من خلايا جبهة التحرير الوطني وتكثيف وتدعيم الإعلام وتوسيع الإتصالات مع المتمردين الذي طالما استعملهم.العدو وأخيرا تنظيم الهياكل سريعة داخل المدن بالولايات الأخرى وباتحادية فرنسا، والحكومة المؤقتة بتونس. إن تنفيذ هذه الإستراتيجية الجديدة استلزمت في بعض الأحيان تواجد قيادات المناطق والنواحي داخل المدن وفي هذا السياق، كانت قيادة الولاية وعلى رأسها سي محمد تتمركز بالمدن عند الضرورة لتكون قريبة من ميدان المعركة التي تحول مركز ثقلها من الجبال إلى المراكز العمرانية، وكانت الأحداث العسكرية والسياسية والإعلامية تتسارع.
البليدة مركز للإتصالات
كانت مدينة البليدة في هذه الفترة تمثل نقطة هامة لأسباب عديدة فتمركز بها سي محمد ومنها كان يجري اتصالاته سواء بالمناطق أو بالخارج أو الشخصيات الجزائرية وبها مركز الإعلام ولتحرير وطبع المناشير وتوزيعها خلال شهور وانتعشت الثورة بالمدن والقرى. واحتضن المواطنون الثورة بروح جديدة وإرادة قوية فكانت كالصخرة التي تحطمت عليها أحلام القيادة الفرنسية وكانت بداية المظاهرات الشعبية في جويلية 1961 بالعاصمة وغيرها من المدن ضد مشروع فرنسا لتقسيم الجزائر بإرادته الفولاذية التي لا تكل بل زادته الشدائد صلابة وجعلت منه قائدا يمتاز بصفات الرجال العظام كان موقرا من القيادة التي تعمل معه محترما من طرف المجاهدين ومبجلا من طرف المناضلين يحذوه عزيمة فذّة قليل الكلام ولكنه يبلغ حرارة عاطفته إلى رفاقه بسهولة لا تفارقه الإبتسامة البسيطة والمليئة بالذكاء والثقة التي تجعل كل من قابله لأول مرة يطمئن إليه لقد ضحّى الرجل بكل ما لديه من أجل القضية الوطنية فلم يظهر عليه أي تأثر عندما أخبر باستشهاد أمه في غارة جوية وكذلك الحال عند استشهاد أبيه الشيخ مصطفى رغم متاعب السنوات الأخيرة والنكبات المتتالية وقف سي محمد كجبل الونشريس وعمل بدون هوادة للوقوف في وجه العدو وتحقيق التفوق عليه من جديد مثل ما كان الحال سنوات 56، 57 و1958 كانت النتائج في ربيع 1961 إيجابية بدون شك على امتداد المناطق الستة التي تكون الولاية وبفضل التوعية والإتصالات مع الجزائرين المجندين في الجيش الفرنسي تسارعوا في تنظيم عمليات فرار والإلتحاق بجيش التحرير الوطني أو تقديم الذخيرة والمعلومات إلى غير ذلك، بالإضافة إلى الأسلحة التي غنمها جيش التحرير الوطني في هذه الفترة في الكمائن. استعاد جيش التحرير في هذه الفترة قوته بالجبال وتوسّعت رقعة المعركة في تنظيم جديد إذ كانت تربط الولاية بالمناطق شبكة من القنوات السريعة وفي المناطق العمرانية كانت مع الخارج عن طريق أوروبا وتم تكوين لجان بالمدن حسب تنظيم بسيط وفعّال أعطى نفسا جديدا للثورة بالعاصمة، وهكذا تم وإلى غاية الإستقلال تمركز جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني بالعاصمة.
وقد تم اخبار سي محمد من مدينة البليدة لتنفيذ خطته الجريئة حيث ركزت مصالح الإتصالات والتوعية والإعلام في صميم قلب متيجة، كما كان مركز القيادة ينتقل أحيانا إلى داخل المدينة لأن متطلبات الحرب فرضت هذا الإختيار ومن مدينة البليدة أعدت ونظمت مظاهرات جويلية 1961، مظاهرات ضخمة شرعت في الإنفجار من الشلف إلى متيجة إلى الساحل والعاصمة، حيث خرج مئات الآلاف من الجزائرين يتحدون الموت ويطالبون الإستشهاد مسلحين سواعدهم العارية وهتافاتهم المطالبة بالإستقلال وشعارات جبهة التحرير الوطني أمام الجهاز الرهيب للقمع، ولقد كانت سي محمد منهمكا بالعمل تحذوه عزيمة تتحدى الموت، عندما فوجىء هو وبعض رفاقه في ليلة 8 أوت 1961 في مركز القيادة الموجود بمنزل النعيمي بباب الخويخة في قلب مدينة البليدة أعطى الإنذار على الساعة 00:21 أعقبته معركة بين أربعة رجال من جيش التحرير الوطني منهم قائد الولاية من جهة والقوات الفرنسية من جهة أخرى.
إستشهاد البطل
لقد استعمل العدو في هذه العملية وسائل خاصة بالفرقة (11) للتدخل السريع والملحقة بالرئاسة نقلت على جناح السرعة من كورسيكا إلى مكان المعركة تساندها وحدات المظليين المتواجدين محليا وكذلك حامية البليدة لقد قاوم سي محمد ورفاقه بيقظة على حساب خطة وهي على المحاصرين أن يلتزموا بزوايا البيت ولهذا يغطون ثلاث إتجاهات ولقد سبق أن أحرقوا كل الوثائق ذات التدريب الخاص والتي تسعى لإلقاء القبض على المحاصرين أحياء وبعد أن قضوا على عدد كبير من الضباط وجنود العدو استماتوا في القتال حتى سقطوا أمام قوات العدو الضخمة حوالي منتصف الليل. إن المعركة كانت متكافئة استشهد في هذه المعركة سي محمد قائد الولاية الرابعة وخالد عيسى الباي مسؤول الإتصالات بالولاية وعبد القادر وادفل مشغل جهاز اللاسلكي والشاب المناضل مصطفى النعيمي من أهل البيت وأصيب بجروح خطيرة كل من محمد تقية مسؤول مصلحة التوعية والأخبار وكذلك بن يوسف بومهدي مسؤول بجبهة التحرير الوطني، أعلنت مصالح الإعلام الفرنسية عن الخبر معتبرة إياه إنتصارا عظيما حققه الجيش الفرنسي وبمجرد انتشار الخبر استشهاد سي محمد قامت وحدات جيش التحرير الوطني وبعد عمليات جريئة على امتداد الولاية، كما كثفت العمليات الفدائية بالعاصمة والمدن الأخرى والتضحية التي تركها سي محمد وقبله سي أمحمد وغيرهما من الأبطال الذين استشهدوا لتحيا الجزائر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.