60 بالمئة نسبة تجسيد المشروع والتسليم مرهون بالدعم المادي الخاص يعتبر مشروع المزرعة البيداغوجية "البيئي الصغير" على مستوى الغابة الحضرية "المنزه" (كناستيل) سابقا بوهران الذي أطلقته جمعية نظافة وحماية البيئة والتطور السياحي في 8 جوان 2016 وتم تدشينه من قبل السلطات المحلية، من المشاريع التي بدأت تعطي ثمارها بعد أكثر من سنة من خلال إنجاز 60 في المئة من التجسيد الذي يصب في حماية البيئة وتثمين مهن الأرض لدى الطفل علما أن المزارع البيداغوجية هي "توليفة" مستحدثة تسعى الجمعيات المهتمة بالبيئة في الجزائر إلى تعميمها، من أجل تطوير مفهوم التربية البيئية في أوساط التلاميذ وطلائع الجيل الجديد وحملهم على الاهتمام أكثر بالإسهام في تأمين الغطاء النباتي والثروة الحيوانية في البلاد. من أجل الوقوف عند أهم مراحل المشروع، قمنا بزيارة ميدانية للمكان ولاحظنا أن أغلب المواد المستعملة في تهيئة المشروع مسترجعة من الطبيعة كالألواح الخشبية، الحجارة وغيرها حفاظا على خصوصية المحيط. وتشير السيدة زليخة مكي رئيسة جمعية النظافة من أجل ترقية البيئة والتطوير السياحي ل"الجمهورية" أنّ المزرعة البيداغوجية التي تحمل اسم "البيئي الصغير"، هي فضاء ذو أبعاد تربوية ، ثقافية واجتماعية، الهدف منها تقريب البراعم من الوسط الطبيعي على وجه الخصوص، وغرس ثقافة بيئية لديهم، تسمح للأطفال باكتساب معلومات في ميدان الحفاظ على المحيط وما تجود به الطبيعة من خيرات للإنسان . كما أن نجاح المشروع يعود إلى مديرية الغابات ووزير النقل والأشغال العمومية (والي ولاية وهران السابق) عبد الغني زعلان الذي قدم دعما قويا من اجل تجسيد المشروع لهذا المكان المهيأ في منطقة حضرية وعمرانية تسهل للأطفال المجيء اليها حتى يستفيدوا من هذه المشروع وهذه التجارب التي يقومون بها . دعم الخواص للمشروع تبلغ تكلفة المشروع المخصص لانجاز المزرعة البيداغوجية 3 ملايير سنتيم مرتكزة على دعم الخواص من "سبنسورينغ"، حيث شدّدت السيدة مكي زوليخة على أنّ المزارع البيداغوجية لن تحقق المرتجى منها، إذا لم يتم تفعيل جميع فضاءات المجتمع وإقناعهم بالمساهمة المباشرة من خلال تقديم كل واحد من فعاليات المجتمع المدني ولو فسيلة شجرة لزرعها، فهناك من قام بحفر بحيرة اصطناعية داخل غابة المنزه، وسيتم تهيئتها وآخرون قاموا ببناء "شاليهات" لاحتضان ورشات الدروس التكوينية والى جانب مسارا للخيول وكذا مسارات للأشجار وهياكل أخرى ملحقة وبناء إسطبلات للحيوانات، بهدف تمكين الأطفال من اكتشاف السلسلة الغذائية، و هذا بدعم المواطنين ورعاة "السبنسورينغ" الذي ساهموا في هذا المشروع، كل واحد بما يستطيع تقديمه مباشرة من أشجار أو مواد للبناء : "فنحن كجمعية تضيف المتحدثة، لا نسيّر مال المشروع بل كل متطوع يساهم مباشرة فيه"، وهذه هي السياسة المنتهجة في هذا المشروع، وتم هذا الامر من خلال عملية إقناع الكبار قبل الصغار بالتوقف عن تلويث المحيط والتي أخذت وقتا طويلة خاصة و أن فكرة المشروع بدأت منذ سنة 2004 من خلال توقيع اتفاقية بين الجمعية التي تنشط تحت لواء وزارة البيئة ومديرية الغابات وكانت في بادئ الامر قد سلمت لنا قطعة ارض في بئر الجير لكنها كانت بعيدة عن الوسط العمراني ولكن في اخر الامر غيّرت السلطات المحلية المكان و سلمت الارض الموجودة بالمنزه (كناستيل) حتى يتمكن الاطفال و العائلات زيارتها والمساهمة في الحفاظ عليها من خلال الانضمام إلى حلقات تكوينية بيئية. استفادة 250 طفلا من فضاءات مختلفة يحتوي مشروع أول مزرعة بيداغوجية نموذجية بوهران التي تضم مساحتها حوالي 7 هكتارات على فضاءات للعب والتنزه ومسلك للدراجات ومكتبة ايكولوجية يُنتظر أن يستفيد منها 250 طفلا يوميا، كما تتوفر المزرعة ذاتها على ورش خاصة بالتقنيات الزراعية، وأخرى تتعلق بالمنظومة الحيوانية حتى يتسنى للأجيال الجديدة الاطلاع على طرق ومراحل تربيتها. وتذهب السيد مكي في نظرتها المستقبلية للمشروع الذي جسد منه 60 في المئة منذ انطلاقته، أنّ من شأن هذه المزرعة البيداغوجية أن تسمح بتصنيع جيل قادم يدرك كيفيات معالجة وتسيير النفايات بمختلف أنواعها، خصوصا مع استحداث ورشات للطاقات المتجددة بغية معرفة أهمية ومزايا مثل هذه الطاقات البديلة، والدروس التي يقدمها مختصون حول طرق استعمال الألواح الشمسية وأدوارها في الحفاظ على البيئة. كما ستتوزع في بعض من مساحتها على بيوت زجاجية تستنبت فيها الغرسات وكذا مربعات للورود، فضلا عن ورش لتدريس التربية البيئية وأصول فن البستنة، وجعلها فضاءات مفتوحة للتلقين والتوعية فضلا عن استزراع شتى أنواع النباتات ومشاتل تتولى أنامل البراعم في ابتكار تشكيلات وباقات من الأزهار والنبات بشكل معاكس لممارسات خاطئة حوّلت البيئة المحلية إلى مرتع للرعي الفوضوي والحرث العشوائي والاعتداء على الأشجار والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية. يكمن الهدف المسطر في تلقين الطفل سلوكا إيجابيا حيال الطبيعة وكذا فهم جيد للبيئة عموما والحيوانات والنباتات مع تشجيع الطفل على العمل ضمن مجموعات كما أشارت رئيسة الجمعية المذكورة . تنمية حرف الأرض إن مشروع "المزرعة البيداغوجية" سيساهم حسب المختصين وأعضاء الجمعية في تنمية حرف الأرض عند هذا جيل الناشئة من خلال زرع حب الأرض في قلوب وعقول الأطفال الصغار، ليتعلموا كيفية الزراعة والسقي وتقليم الأشجار، و هؤلاء الأطفال إذا ما نجحوا في دراستهم يستطيعون من خلال حب الأرض ان يعملوا في حضنها ويقدموا حبهم لها من خلال تحقيق الهدف الفلاحي الذي يعتبر مصدر تنمية الشعوب وبالتالي نضمن جيلا متوازنا لديه وعيا ونظرة مستقبلية للحياة . و من خلال أقسام الورشات في المزرعة يتعلم الطفل كذلك مراحل السلسلة الغذائية على سبيل المثال، رؤية الماعز وكيفية أخذ الحليب منها و صنعه بعد ذلك جبنا، في إطار الترفيه واللعب حتى لا يقع في اجواء الملل . ويقدم المشرفون دروسا مفتوحة تعلم طريقة علمية وترفيهية حتى يستوعب اكثر الطفل و بالتالي يجعله يهتم بالمساحة الخضراء في البيت الذي تصبح في عقله شيء مشترك ويزرع في نفسيته البريئة احترام الكائن الحي و يكون بالتالي متوازنا و يحمي بيئته . فمشروع المزرعة البيداغوجية حسب المشرفين عليه، فضاء مفتوح للطفل وكل انسان وفرد من أجل ان يتعرف على بيئته والتأقلم معها وهذا ما سيخلق علاقة حميمية خاصة بين الاطفال و تهيئة الناشئة للمستقبل يكون محضرين فيه تماما لحماية البيئة وتسيير حياتهم اليومية خاصة عندما تكون في منصب معين، تكون لديها الحس البيئي في حياتها اليومية . اتفاقية مع مديرية تربية بداية من الدخول المدرسي أكدت رئيسة جمعية نظافة وحماية البيئة والتطور السياحي أنه سيتم توقيع مع بداية الموسم الجديد، اتفاقية بين مديرية البيئة و مديرية التربية لولاية وهران من أجل أن تكون جولات منظمة رفقة التلاميذ وأساتذتهم على مدار السنة على درب تحسيس الأطفال بجدوى المحافظة على البيئة و المحيط، خاصة أن المؤسسات التربوية باشرت برنامجا مكثفا للتعليم البيئي وتكوين مكونين يتولون غرس الثقافة البيئية محليا. وستكون ايضا المزرعة فضاء مفتوحا للعائلات التي تحبذ أن تزور المكان و تأتي بأطفالها لتحفزهم على احترام البيئة . الحفاظ على البيئة مادة في القانون كانت نية رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة واضحة في هذا المجال من خلال وضع ورقة طريق في برنامجه الخاصة بأولويات البيئة و اصبحت مؤخرا مادة في الدستور، و هذا دليل على روح مسؤولية رئيس الجمهورية وقناعته لحماية البيئة بقوانين مسطرة و مقننة، و الحمد الله نحن دولة تحترم البيئة لأن جل الاتفاقيات الدولية، صادقت عليها الجزائر بدون تردد ، فقوانين الدولة واضحة و بدأ تطبيقها تدريجيا و لو عدنا لسنين مضت فإن البيئة لم تكون لها مكانتها ، يبقى على الفرد أن يساهم مستقبلا في المجال البيئي. وأضافت السيدة زليخة مكي :"أتذكر الخرجة الميدانية التي قام بها رئيس الجمهورية التي كانت في سنة 2012 م في واد الحراش ، تلك الرسالة لازال وقعها في وجداني وعقلي حيث قال فخامته :" هل يعقل في عام 2012 مازالت المياه القذرة ترمى في البحر". قال هذا الكلام و نحن كنا نعيش بحبوحة مادية و من هنا بدأنا نعيش تغير ملموس في حياتنا اليومية واصبحت الثقافة البيئية مشروعا يتبناه المواطن . إن المزارع البيداغوجية تمثل طريقة منهجية في عملية التكوين البيئي للأطفال وتنمية ميولاتهم تجاه محيطهم البيئي والعناية به، في مشهد راهن يتسم بتداخل حاصل بين المشاكل البيئية كالاحتباس الحراري والتغيرات المناخية والتلوث بمختلف أنواعه، وهي محاذير لا يمكن فصلها عن بعضها، أو مواجهتها منفصلة، ومن خلال هذه التجربة الموجودة فوق الميدان أن تمتد إلى واحات الصحراء وكذا الهضاب العليا والبحيرات والأحواض وسائر الأحراش الخضراء والبساتين الفيحاء، لما لذلك من آثار إيجابية على صعيد استيعاب أطفال الجهات الأربع في الجزائر.